تفاؤل يصاحب فتح باب الترشيحات لانتخابات مجلس الأمة الكويتي

تفاؤل يصاحب فتح باب الترشيحات لانتخابات مجلس الأمة الكويتي

30 اغسطس 2022
تُجرى الانتخابات في 29 سبتمبر المقبل (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -

بدأت "إدارة شؤون الانتخابات" في الكويت، صباح أمس الإثنين، باستقبال الراغبين في الترشح لعضوية مجلس الأمة 2022، عقب صدور مرسوم أميري يوم الأحد الماضي، بالدعوة إلى الانتخابات التشريعية، وتحديد موعد الاقتراع في 29 سبتمبر/أيلول المقبل، بعد حلّ أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح لمجلس الأمة في 2 أغسطس/آب الماضي.

وتستمر "إدارة شؤون الانتخابات" التابعة لوزارة الداخلية الكويتية في استقبال المرشحين لمجلس الأمة ممن تنطبق عليهم الشروط التي ينص عليها القانون الكويتي، لمدة عشرة أيام متتالية، بما فيها أيام العطل، وذلك في مقرها بمنطقة الشويخ السكنية.

ووفق القانون الكويتي، فإنّ منْ يريد ترشيح نفسه في الانتخابات يجب أن تتوفر فيه الشروط التالية: "أن يكون كويتي الجنسية بصفة أصلية وفقاً للقانون، وأن يكون اسمه مدرجاً في أحد جداول الانتخاب، وألا تقل سنّه يوم الانتخاب عن ثلاثين سنة ميلادية، وأن يجيد قراءة اللغة العربية وكتابتها، وألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو بالأمانة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره".

ويحرم القانون من الترشح كل من "أُدين بحكم نهائي في جريمة المساس بالذات الإلهية والأنبياء والذات الأميرية".

وشهد اليوم الأول من فتح باب الترشح للانتخابات، تقديم 115 مرشحاً لطلبات الترشيح- بينهم 8 نساء- موزعين على الدوائر الانتخابية الخمس.

وبلغ عدد المرشحين في الدائرة الأولى 18 مرشحاً بينهم امرأة واحدة، و26 مرشحاً في الدائرة الثانية بينهم 3 نساء، و21 مرشحاً في الدائرة الثالثة بينهم 3 نساء، و27 مرشحاً في الدائرة الرابعة، و23 مرشحاً في الدائرة الخامسة بينهم امرأة واحدة، ومن المتوقع أن يتضاعف الرقم أكثر من مرة مع إغلاق باب التسجيل.

ويرى مرشح الدائرة الخامسة سعود العصفور في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الانتخابات القادمة استثنائية، وتأتي في مرحلة مفصلية من تاريخ الكويت"، لافتاً إلى أنّ "المرحلة المقبلة تُعتبر مرحلة بناء كويت جديدة، وخروجها من الوضع السيئ والمأساوي السابق".

ويشير العصفور إلى أنه "في السابق، كانت هنالك سيطرة قوية من الدولة العميقة على مجلس الأمة، إلى درجة أن النواب من ذوي التوجه الإصلاحي يُعتبرون أقلية داخل المجلس، لكن مع الواقع في مجلس 2020 وازدياد عددهم، أصبح بإمكان النائب الواحد في المجلس أن يصنع فارقاً مع الإصلاح أو خلافه، فأصبحت للنائب صاحب الاتجاه الإصلاحي قدرة على إحداث هذا الفارق"، ويضيف: "لذلك، قررت الترشح من أجل أن أكون ممن يساهمون في هذا الواقع الجديد الذي كنا نتطلع إليه سنوات طويلة".

وعن تزايد أعداد المحسوبين على المعارضة أو التيار الإصلاحي في الكويت، ممن أعلنوا ترشحهم في الانتخابات المقبلة، يعتقد العصفور أنه "لن يُضعف فرص نجاح أكبر عدد منهم في الوصول إلى المجلس"، ويعلل ذلك بأنه "سيكون هناك توجه واضح نحو أصحاب المواقف الثابتة والواضحة، هناك عدد كبير من المرشحين ذوي التوجه الإصلاحي، وأعتقد أن الخيارات الشعبية لن تخرج عنهم، ووصول أكبر عدد منهم هو المطلب".

ويضيف: "لا أعتقد أنّ لغير الإصلاحيين فرصة قوية في هذه الانتخابات، بسبب غياب الكثير من الأمراض الانتخابية، مثل شراء الأصوات وتزوير الجداول وإقامة الفرعيات، وغيرها من الأمراض التي تصاحب كل انتخابات تشريعية". ويعتقد العصفور أن "الغلبة في الانتخابات ستكون لعدد كبير من أصحاب المواقف الوطنية، وسيكون المجلس المقبل ذا صبغة إصلاحية بشكل عام".

وبتفاؤل حذر يقول العصفور: "الإصلاحات التي نشاهدها قد تؤدي إلى إصلاحات أكبر، وأُركّز على كلمة (قد)، لأنه لغاية الآن لا توجد إصلاحات سياسية حقيقية، وكل ما تم حتى الآن هو إصلاحات انتخابية، وهي بطبيعتها إصلاحات مؤقتة تنتهي بانتهاء الانتخابات"، مشدداً على أن "ما نبحث عنه فعلياً هو إصلاحات سياسية تدوم، وإصلاحات لعدد كبير من القطاعات والشؤون السياسية في الدولة، وهذه الإصلاحات هي التي تأتي بالنفع على الوطن وعلى المواطن، وتستمر لمدة طويلة، أما الإصلاحات الانتخابية فهي ليست كافية".

بدوره، يقول مرشح الدائرة الثانية سعد خالد الفجي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الهدف الأساسي الذي شجعني على خوض الانتخابات هو الاحتقان السياسي الحاد، ووصوله إلى حد انقسام مجلس الأمة إلى عدة كتل، واعتقادي بوجوب تصحيح مسار الديمقراطية، والكويت تستحق أفضل من ذلك، والمواطن هو الخاسر الكبير من المشهد السابق".

ويؤكد الفجي أنه على "الشعب مسؤولية كبيرة بحسن اختيار ممثليه في مجلس الأمة 2022، وترجمة خطاب سمو الأمير بذلك، أو فالعودة إلى المربع الأول".

ويتوقع الفجي ارتفاع نسبة عدد المشاركين في الانتخابات المقبلة، كونهم "سيذهبون إلى صناديق الاقتراع بتفاؤل بلا ضغوط المرحلة السابقة، وبلا تشنجات سياسية، وبفرحة عارمة من التطورات الإيجابية الأخيرة، والتي لم تحدث منذ 60 عاماً"، مشيراً إلى أن "تأكيد الخطاب الأميري على عدم التدخل في خيارات الشعب لممثليه في مجلس الأمة المقبل، وأنه سيكون سيد قراراته، ساهم في تحفيز الناخبين على المشاركة"، وبأنه "ساهم في الأعداد الكبيرة للمرشحين منذ اليوم الأول".

وكان أبرز من تقدم إلى الترشح في اليوم الأول، رئيس مجلس الأمة السابق، وعرّاب العمل البرلماني منذ سبعينيات القرن الماضي، أحمد عبد العزيز السعدون، والذي من المتوقع أن يحظى برئاسة المجلس المقبل، في ظل قبول واسع له من الشارع الكويتي. وتمكنه خبرته البرلمانية وتاريخه السياسي الطويل من الحصول على تأييد المعارضة كاسم توافقي قادر على توحيد صفوفها في المرحلة المقبلة، كما يتمتع بقبول من طرف الحكومة الكويتية لقدرته على إدارة الجلسات بحيادية دون انحياز، وهو ما تفضله الحكومة الجديدة لتحقيق التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

ودعا السعدون، في المنصة التي خصصتها "إدارة شؤون الانتخابات" للمرشحين للإدلاء بالتصريحات الصحافية لوسائل الإعلام بعد إتمام عملية التسجيل، الشعب الكويتي إلى "الحضور في الانتخابات وحسن الاختيار لتصحيح المسار السياسي"، وأضاف: "الآن المسؤولية على الأمة وكل من تتوافر فيه شروط الانتخاب"، وأعرب عن تفاؤله "إلى أبعد الحدود".

كما وشهد اليوم الأول حضور "كتلة الـ5" المعارضة في مجلس الأمة السابق للترشح، والتي يتزعمها النائب السابق والبرلماني المخضرم حسن جوهر، والذي يخوض الانتخابات في الدائرة الأولى، إلى جانب عبد الله المضف، بالإضافة إلى بدر الملا في الدائرة الثانية، ومهند الساير ومهلهل المضف عن الدائرة الثالثة.

وقال حسن جوهر، في تصريح لوسائل إعلام محلية: "وصولنا ككتلة للترشح معاً يُعدّ رسالة واضحة بأننا مستمرون بذات النهج الذي يحقق المصلحة للوطن والمواطن".

وشهد اليوم الأول تقدم ممثلي "الحركة الدستورية الإسلامية" (حدس)، وهي الجناح السياسي لـ"الإخوان المسلمين" في الكويت للترشح، وهم النائب السابق أسامة الشاهين في الدائرة الأولى، والنائب السابق حمد المطر في الدائرة الثانية، والنائب السابق عبد العزيز الصقعبي في الدائرة الثالثة، ومعاذ مبارك الدويلة في الدائرة الرابعة.

كما وتقدم إلى الترشح عدد من أعضاء المعارضة في المجلس السابق، أبرزهم خالد المونس العتيبي، وثامر السويط، والصيفي مبارك الصيفي.

وتقدّم وزير الدولة لشؤون الإسكان والتطوير العمراني عيسى الكندري بترشحه عن الدائرة الأولى، عقب تقديمه استقالته من الحكومة، أول أمس الأحد، وقد كتب عبر حسابه في "تويتر": "تقدمت باستقالتي من الحكومة لخوض الانتخابات المقبلة عن الدائرة الأولى، ونسأل الله التوفيق للجميع وأن نمارس العملية الانتخابية في جو من الأخوة والتفاؤل، رائدنا خدمة البلاد والعباد ومحبة الوطن والإخلاص له".

وقال الكندري بعد إتمام تسجيل ترشحه في الانتخابات: "عدنا إلى الشعب مرة أخرى ليقول كلمته، بعد حلّ سمو أمير البلاد لمجلس الأمة، ونتطلع إلى مرحلة قادمة جديدة من التعاون والإنجاز، لمعالجة الملفات العالقة التي تهمّ الوطن والمواطن، وتفعيل التعاون المنشود وفق أحكام المادة 50 من الدستور، والتي تنص على أساس فصل السلطات مع تعاونها".

وأعلن مجلس الوزراء الكويتي، في اجتماعه الأسبوعي، أمس الإثنين، تعطيل العمل بالجهات الحكومية يوم انتخاب مجلس الأمة الموافق 29 سبتمبر، واعتباره يوم راحة.

وتنقسم الدوائر الانتخابية في الكويت إلى خمس دوائر، تنتخب كل دائرة منها عشرة أعضاء، ويحق للناخب الإدلاء بصوت واحد فقط لمرشح واحد، وذلك وفقاً لمرسوم الصوت الواحد الذي أقره أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، عبر قانون "مرسوم الضرورة" عام 2012، وقلل بموجبه أصوات الناخبين من أربعة أصوات إلى صوت واحد.

ويتكون مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي من 50 عضواً يُنتخبون عبر الاقتراع السري المباشر، ويبلغ عدد من يمكنهم الانتخاب في الكويت نحو 800 ألف ناخب وناخبة، وفق آخر إحصائية نشرتها صحيفة "الكويت اليوم" الرسمية، الأسبوع الماضي.