تصاعد مؤشرات الغضب في تونس

تصاعد مؤشرات الغضب في تونس

05 سبتمبر 2022
يعاني التونسيون من ارتفاع الأسعار (Getty)
+ الخط -

يعبّر كثير من التونسيين منذ أشهر عن غضبهم من ارتفاع الأسعار وفقدان مواد من الأسواق، كالسكر والزيت والقهوة وحتى الماء أحياناً، ومواد كثيرة أخرى صارت اليوم تباع بكميات محدودة، وهو مشهد لم يعتد عليه التونسيون في السابق، حتى في الفترة التي يسميها مناصرو الانقلاب "العشرية السوداء".

ومع الاستعداد للعودة المدرسية هذه الأيام، تصاعد هذا الغضب، بسبب ارتفاع تكلفة المواد المدرسية أيضاً وتزايد حجم المصاريف على العائلات، وخرج مواطنون من منطقة "دوار هيشر" للتعبير عن هذا الغضب.

و"دوار هيشر" منطقة شعبية كبيرة في ضواحي العاصمة التونسية، رفعت شعارات الثورة نفسها: "شغل حرية كرامة وطنية"، و"يا حكومة عار عار، الأسعار شعلت نار"... وهذه المنطقة هي نموذج موجود في كل المحافظات التونسية، ويمكن أن توقد شرارة الثورة مرة أخرى، لأن الأسباب نفسها تقود دائماً إلى النتائج ذاتها، وهو ما لا يفهمه الساسة في تونس، السلطة ومؤيدوها، وحتى معارضوها.

الداعمون للرئيس قيس سعيّد، أحزاباً أو شخصيات، هللوا للاستفتاء والدستور الجديد، متصورين أنه أرسل كل الأحزاب المنافسة إلى سلة المهملات، وعبّد الطريق الخالي لهم للحكم وحدهم. ولكنهم في بياناتهم وتصريحاتهم ينتقدون الوضع الاقتصادي والاجتماعي وفشل الحكومة في إدارة الأزمة، أي أن المسؤول ليس المنزَّه عن الخطأ، سعيّد، وإنما هي رئيسة حكومته نجلاء بودن ووزراؤها.

ولكن ذلك يعني بالضرورة إقراراً بتواصل الفشل نفسه، فشل ما قبل الثورة وفشل عشرية الثورة، الاقتصادي والاجتماعي، حتى بعد الانقلاب، أي أن شيئاً لم يتغيّر في مطالب التونسيين الأصلية، وأن هذا الوضع الذي أدى إلى الغضب السابق سيؤدي بالضرورة إلى الغضب اللاحق، ومثال "دوار هيشر" مؤشر لا يخطئ لمن يريد أن يتمعّن ويخرج بالخلاصات الضرورية لحل الأزمة.

في الأثناء، لا يريد سعيّد أن يعترف بأن الأزمة، التي يرجع بعضها إلى الوضع العالمي وتداعياته على الجميع، هي أزمة عميقة سببها انقسام التونسيين منذ سنوات، وهو انقسام أفشل كل الحكومات ورهن الدولة وعطّلها وأعاق كل ماكينة إنتاجها. كما لا يقر، وكل السلطات بيديه، أن حكومته أو بعضاً منها فشل، ولكنه يواصل ما بدأ به منذ سنتين، اتهام المناوئين والغرف المظلمة بإخفاء السلع والمضاربة بها.

هذا الأسلوب الذي نجح في ضرب المنظومة السياسية السابقة، لم يعد ينطلي على التونسيين، وهم في مواجهة رفوف فارغة في المحلات، وبات عليه البحث عن شعارات جديدة لاستمرار جمهوريته الجديدة.