ترقب لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة جنوبي لبنان

ترقب لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة جنوبي لبنان

11 سبتمبر 2023
جهود التهدئة في مخيم عين الحلوة لا تزال هشة (محمود الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

أفضى اجتماع المدير العام للأمن العام بالإنابة في لبنان العميد إلياس البيسري والفصائل الفلسطينية وهيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان، اليوم الاثنين، إلى الاتفاق على وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، في الجنوب اللبناني، وذلك في وقتٍ تتواصل الاشتباكات المتقطعة على عددٍ من المحاور لليوم الخامس على التوالي.

وأفضت الاشتباكات، التي اندلعت منذ ليل الخميس الفائت بين حركة "فتح" ومجموعات إسلامية متشددة، إلى سقوط 7 قتلى و78 جريحاً، بحسب آخر الأرقام التي أعلن عنها مدير مستشفى الهمشري في صيدا رياض أبو العينين، في حديث مع "العربي الجديد"، إضافة إلى نزوح مئات العائلات، وتسجيل أضرار جسيمة طاولت أحياء ومراكز ومباني في مدينة صيدا.

وقال مصدرٌ فلسطيني في مخيم عين الحلوة، لـ"العربي الجديد"، إن "سلسلة اجتماعات عقدت منذ صباح اليوم بين الفلسطينيين من جهة وقوى فلسطينية ولبنانية من جهة أخرى، لبحث الوضع الأمني في المخيم، وسبل وقف الاشتباكات الدائرة".

وأضاف المصدر شريطة عدم ذكر اسمه: "أكدت القوى جميعها ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار الذي يجرى خرقه أكثر من مرّة، وتسليم جميع المطلوبين في جريمة اغتيال قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء أبو أشرف العرموشي ورفاقه، وإخلاء مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من المسلّحين".

ولفت المصدر إلى أن "المطلوب التزام جدّي بوقف إطلاق النار، خصوصاً من قبل المجموعات الإسلامية المتشددة، لما لاستمرار الاشتباكات من تأثير على أمن الفلسطينيين واللبنانيين معاً".

ونقل شخص من "تجمع الشباب المسلم" في مخيم عين الحلوة، وهو من المطلوبين الثمانية المتهمين بجريمة اغتيال العرموشي ورفاقه، إلى مستشفى الراعي في صيدا، مصاباً بجروح خطيرة من جراء الاشتباكات، وقد حضر الجيش اللبناني إلى المكان، وأوقف شقيقه الذي ينتمي إلى المجموعات الإسلامية المتشددة.

وفي سياق اللقاءات، عقد قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون اجتماعاً في مكتبه مع السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور، وجرت متابعة التطورات في مخيم عين الحلوة.

كذلك، عقد لقاء مشترك بين أمين سر فصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" و"حركة فتح" سمير أبو عفش، ووفد قيادي من حركة "الناصريين المستقلين – المرابطون" برئاسة أمين الهيئة القيادية العميد مصطفى حمدان، بحضور أعضاء قيادة "فتح"، أكد خلاله المجتمعون أن "على كل القوى الفلسطينية واللبنانية توحيد الجهود في القضاء على البؤر الإرهابية، التي تشكل اليوم تهديداً جدياً وخطيراً للأمن الوطني اللبناني، ليس في مخيم عين الحلوة فقط، إنما على امتداد الجغرافيا اللبنانية".

وقال النائب عن صيدا (جنوب لبنان) عبد الرحمن البزري، لـ"العربي الجديد"، إن "الاشتباكات مستمرة، تخف حيناً وتشتدّ في فترات أخرى، واللقاءات والمشاورات متواصلة، لكن هناك أجندتين، أولى سياسية وأخرى عسكرية أمنية، ولم يتضح بعد ما إذا التقت الأجندتان، فالمفاوض الأمني عادة ما ينظر إلى طبيعة الأرض، فإذا لم تكن لصالحه يقوم عندها بتسوية سياسية، لكن لا خرق جدّيا بعد يوحي بوقف تام لإطلاق النار ومنع تكرّر الاقتتال".

وتابع البزري: "ننتظر وصول عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والمشرف على السّاحة اللبنانية عزام الأحمد إلى بيروت اليوم، حسب ما هو مُعلَن، وما سيحمله معه، علماً أنه سبق أن زار لبنان إبان الاشتباكات التي اندلعت سابقا، بانتظار ترجمة ما يتفق عليه ميدانياً".

ولفت المتحدث ذاته إلى أن "شظايا القذائف طاولت اليوم أحياء ومباني ومراكز ومصرفا ومدرسة وشركات تجارية رئيسية، وأماكن أخرى في صيدا وبشكل واسع، ولكن أستبعد أن تتسع رقعة القتال إلى خارج المخيم".

وكشف البزري أن "الجيش اللبناني موجودٌ حول المخيم ليؤمن نوعا من الحماية للمدنيين، ولا يمكن أن يتورّط بعملية عسكرية ستكون لها تداعيات كبيرة، من هنا نرى أنه يتصرّف بحكمة، حتى عندما تعرّضت مراكزه للقصف، وسقط عدد من الجرحى في صفوفه، كيف ردّ على مصادر النيران فقط وبشكل محدود".

من جهته، قال "حزب الله" في بيان مساء اليوم: "إننا ضد الاقتتال في مخيم عين الحلوة ونرفضه بالمطلق، والمستفيد الوحيد منه هو العدو الإسرائيلي، والمتضرر الأكبر منه هو الشعب الفلسطيني وقضيته المركزية"، ودعا إلى "وقف لإطلاق النار بشكل فوري والالتزام بكل مندرجات وآليات الحل التي يجرى التوافق عليها في إطار العمل الوطني الفلسطيني، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية اللبنانية والقوى الفاعلة والمؤثرة".

وفي وقتٍ سابقً، قال قائد الأمن الوطني الفلسطيني في صيدا أبو إياد شعلان، لـ"العربي الجديد"، إن "الاشتباكات تجدّدت خلال النهار بحدّتها مع الجماعات المتشددة في عددٍ من محاور مخيم عين الحلوة، خصوصاً حي الطيرة، ومحور الرأس الأحمر، تستخدم فيها الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، في حين أن هناك اشتباكات متقطعة في محاور أخرى، ولا سيما محور التعمير البركسات، وهناك تقدّم لقواتنا في حي حطين".

وأضاف شعلان: "إننا باقون في الميدان، وكل ما ينتج عن اللقاءات اليوم هو شأن القيادة السياسية، ونحن نتلقى التعليمات تبعاً لها".

بدوره، أكد مصدر عسكري في الجيش اللبناني، لـ"العربي الجديد"، أن "التدابير الأمنية لا تزال سارية، والإدارات الرسمية مقفلة، وستبقى إلى حين استقرار الوضع كلياً والتزام جميع الأطراف بوقف تام لإطلاق النار".

وتجدّدت الاشتباكات في مخيم عين الحلوة ليل الخميس الفائت، بعد اتفاقٍ جرى التوصّل إليه في وقتٍ سابقٍ لوقف إطلاق النار، إثر جولات اقتتال بدأت في 29 يوليو/ تموز الماضي، وأسفرت عن مقتل 13 شخصاً، في وقتٍ ترفض فيه الجماعات المتطرفة تسليم المطلوبين باغتيال العرموشي ورفاقه.

وفي وقتٍ سابقٍ اليوم، قال مصدر في حركة "فتح"، لـ"العربي الجديد"، إن "لقاءات مهمة ستعقد بهدف بحث الوضع الأمني في المخيم وتثبيت وقف إطلاق النار، وحركة "فتح" ملتزمة مع القوى الفلسطينية بالتهدئة، واستقرار المخيم أولوية لديها، بيد أن الجماعات المتطرفة تصرّ على زعزعة الساحة، إذ إن هناك قرارات، جرى التوافق عليها من جانب الفصائل الفلسطينية، ينبغي أن تسلك طريقها نحو التنفيذ، على رأسها تسليم المطلوبين باغتيال العرموشي ورفاقه، وإخراج المسلّحين من مدارس أونروا".

وأصيب، أمس الأحد، خمسة عسكريين لبنانيين، أحدهم بحالة حرجة، إثر سقوط ثلاثة قذائف على مركزين عائدين لوحدات الجيش اللبناني المنتشرة في محيط مخيم عين الحلوة، وقد نقلوا إلى المستشفيات المجاورة للمعالجة.

وحذّرت قيادة الجيش، في بيانٍ، الأطراف المعنية داخل المخيم من مغبّة تعريض المراكز العسكرية وعناصرها للخطر، مؤكدة أن الجيش سيتخذ الإجراءات المناسبة.

ودانت حركة "حماس" في لبنان، في بيان لها، استهداف مركزي الجيش اللبناني، واصفة هذا العمل بـ"المشبوه"، والذي "يهدف إلى المسّ بالجيش وسيادة لبنان، كما يهدف إلى خلط الأوراق وتوجيه الأحداث في المخيم إلى مساحات خطرة لا تُحمد عقباها".

وأول من أمس السبت، أجرى رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي اتصالاً بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتشاور معه في التطورات الحاصلة في المخيم، مشدداً على "أولوية وقف الأعمال العسكرية، والتعاون مع الأجهزة الأمنية اللبنانية لمعالجة التوترات القائمة".

وكانت "أونروا" قد علّقت، في منتصف أغسطس/ آب الماضي، كلّ خدماتها في مخيم عين الحلوة احتجاجاً على استمرار وجود المقاتلين المسلّحين في منشآتها.

ويقع مخيم عين الحلوة في جنوب صيدا، وهو أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتُقدِم "أونروا" خدماتها لحوالي 50 ألف فلسطيني يقطنون فيه تبعاً لأرقام صادرة عنها، علماً أنّ أرقاماً غير رسمية تتحدث عن دخول آلاف الفلسطينيين إلى المخيم خلال الأعوام الماضية هرباً من النزاع الدائر في سورية.