تجنيد الأطفال بمناطق "الإدارة الذاتية" بسورية.. وجه آخر لوحشية الحرب

تجنيد الأطفال بمناطق "الإدارة الذاتية" في سورية.. وجه آخر لوحشية الحرب

02 اغسطس 2023
تسيطر قوى كردية على مناطق واسعة شمال وشرق سورية بدعم من التحالف الدولي (Getty)
+ الخط -

تسلط تقارير صادرة عن منظمات مهتمة بحقوق الإنسان في سورية الضوء على ضلوع "الشبيبة الثورية" في عمليات خطف وتجنيد للأطفال في مناطق شمال شرقي سورية وأجزاء من مدينة حلب ومنطقة منبج، الخاضعة لسيطرة "الإدارة الذاتية" الكردية. 

وتدعم هذه التقارير شهادات الأهالي الذين يتهمون "الشبيبة" بشكل مباشر بإخفاء أبنائهم، وتجاهل مطالب إعادتهم وعدم اقتيادهم لمعسكرات التجنيد الخاصة بها.

وتتبع "الشبيبة الثورية" لـ"حزب الاتحاد الديمقراطي"، ذراع "حزب العمال الكردستاني" في سورية، وتعمل ضمن مناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" المعروفة اختصاراً بـ"قسد".

ووثقت "شبكة رصد سورية" الحقوقية، في تقرير صدر عنها مطلع أغسطس/آب الجاري، اختطاف 13 طفلاً خلال يوليو/تموز المنصرم، ضمن المناطق التابعة لـ"قسد"، واقتيادهم لمعسكرات التجنيد تمهيداً لزجّهم في الجبهات والمعارك.

موقف التحالف الدولي 

ويتخذ التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، الداعم بشكل رئيسي لـ"قسد"، موقفاً محايداً من قضية تجنيد الأطفال، وفق الباحث في مركز "جسور للدراسات" رشيد حوراني.

وأشار حوراني إلى أن "أميركا لا تتدخل بالشؤون الداخلية لقوات "قسد" أو الوحدات التابعة لها، وصرحت أكثر من مرة أن شراكتها مع تلك القوات تتعلق بمكافحة الإرهاب، كما أن الأخيرة لا تقدم أسماء يمكن تصنيفها ضمن تجنيد الأطفال خلال التدريبات المقدمة لها من قبل التحالف الدولي، بمعنى أنها تضلل من جهة، ومن جهة ثانية تنفذ مهامها الداخلية بواسطة عناصر من الأطفال"، وفقاً لحوراني.

ويرى حوراني أن هذا النوع من التجنيد تمارسه "قسد" لـ"سد النقص في الكوادر البشرية، ولعزوف الشباب عن الالتحاق بمثل هذه التنظيمات". ويلفت إلى أن المليشيا تعتقل بشكل دوري الشباب ممن تندرج أعمارهم في سن ما تسميه "الدفاع الذاتي".

وقال إن "الهدف من وراء التجنيد، سواء المباشر أو غير المباشر، كما هو حال المعسكرات التي تعدها للأطفال "الكشافة"، يتمثل في إجراء غسيل دماغ لهم، وتلقينهم الأيديولوجيا التي تؤمن بها المليشيا، ليقاتلوا بحماسة وشراسة أكبر".

وأشار الحوراني إلى أن "الخطوات المطلوبة لمواجهة هذا النوع من التجنيد هي تعقب تلك الحالات وتوثيقها، ورفع دعاوى ضد مرتكبيها، سواء كانوا مؤسسات تتبع لـ"قسد"، أو أفرادا ضمن المليشيا، وتقديم الأدلة الكافية ضد هذه المؤسسات، خاصة تلك التي لها علاقة ارتباط قوية مع حزب العمال الكردستاني".

وجنّد هذا الأخير عبر أذرعه في سورية، خلال العام الماضي، 1270 طفلاً، وفق تقرير للأمم المتحدة عن الأطفال والنزاع المسلح نقلته وكالة "الأناضول" التركية في 23 يونيو/ حزيران الماضي.

ولفت التقرير إلى رصد أكثر من 2407 انتهاكات بحق الأطفال في سورية عام 2022، غالبها يتعلق بالتجنيد.

ورغم الدعوات التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة حينها أنطونيو غوتيريس لإطلاق سراح الأطفال، لم يكن هناك أي استجابة.

التجنيد مرتبط بأدبيات حزب العمال الكردستاني

الناشط السياسي رضوان عربو قال لـ"العربي الجديد" إن عمليات التجنيد مرتبطة بشكل مباشر بأدبيات "حزب العمال الكردستاني"، لافتاً إلى أن عمليات التجنيد تتم عبر "الشبيبة الثورية" ضمن مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية" في محافظات حلب والحسكة، مضيفاً: "عمليات خطف القاصرين مستمرة منذ عقود، وذلك منذ تأسيس حزب العمال في تركيا وانتقال قيادته إلى سورية".

وقال عربو إن "هذا الحزب الذي كان يدين بالماركسية، ومن ثم غيّر عقيدته عدة مرات على أساس القومية والتوجه السياسي، يتبنى حسب عقيدته الثابتة المرتبطة بالإرهاب استخدام الأطفال في مختلف أعماله، كالتجسس والقتال والعمليات الانتحارية والعمليات اللوجستية، وكل ما يرتبط بعمل الحزب".

وأشار المتحدث ذاته إلى عدم إمكانية وقف خطف الأطفال في سورية، كون السلطات القائمة في "الإدارة الذاتية"، سواء "قوات سورية الديمقراطية" (الذراع العسكرية) أو "مجلس سورية الديمقراطية" أو حزب "الاتحاد الديمقراطي"، لا تملك القرار لتغيير سياسات حزب العمال الكردستاني.

وقال: "عندما يتورط هؤلاء الأطفال في العمليات التي ينفذها الحزب يكون من الصعب عليه الانسحاب، حيث لا يبقى له سبيل للحياة إلا في هذا الحزب".

وكان عضو المكتب السياسي في حزب "آزادي" الكردستاني سليمان أسعد، قال في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الشبيبة الثورية تابعة لحزب العمال الكردستاني، ودعمها يأتي من هذا الحزب"، مضيفاً أن "هذه المنظمة تقوم بأعمال لا مسؤولة وإرهابية ضد الأكراد في سورية".

يشار إلى أن اتفاقاً وقّع عام 2019 بين "قسد" والممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح فيرجينيا غامبا، حول منع تجنيد الأطفال دون سن الـ18، إلا أن عمليات الخطف والتجنيد استمرت.