تبعات الانسحابات الروسية من سورية

تبعات الانسحابات الروسية من سورية

22 مايو 2022
تتوالى انسحابات القوات الروسية من مناطق سورية (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

تتوالى انسحابات القوات الروسية من المناطق الداخلية والجنوبية في سورية، وانتقالها إلى جبهات القتال في أوكرانيا. في المقابل، تقوم المليشيات التابعة لإيران بالحلول مكانها والاستيلاء على المواقع التي تتركها، لتثير الانسحابات الروسية مخاوف العديد من الأطراف التي بدأت تحذر من مخاطرها. فالأردن عبّر عن قلقه من تموضع المليشيات الإيرانية في الجنوب السوري، لما يشكّله ذلك من مخاطر أمنية على حدوده الشمالية. كذلك، أظهرت الانسحابات الروسية قلق الاحتلال الإسرائيلي، الذي بدأ يكثّف هجماته على مواقع يفترض أنها تتبع لإيران داخل سورية.

واللافت أن بعض مؤيدي الثورة السورية بدأوا ينظرون إلى تلك الانسحابات على أنها مصلحة إيرانية بالدرجة الأولى، وأنها ستسمح لطهران بالتمدد أكثر في سورية، وتمكّنها من الاستيلاء على كل المناطق التي تؤمن لها خط طهران-بيروت مروراً بالعراق وسورية، والذي يمر بمعظم المناطق التي انسحبت منها القوات الروسية. كما سيزيد من تحكّمها بقرارات نظام بشار الأسد، ويمكّنها من تسريع تنفيذ مشروعها العسكري والثقافي في سورية.

ولكن على الرغم من الانسحابات الروسية، إلا أنها لن تكون انسحاباً من سورية، وانما إعادة تموضع لقواتها مع سحب بعض القوات إلى أوكرانيا. ومن المتوقع أن تتخلى روسيا عن بعض قواعدها في الداخل السوري، مثل حمص وحماة ودير الزور، وكذلك في الجنوب السوري، إلا أنها بالتأكيد لن تتخلى عن قواعدها في الساحل السوري الذي بات يشكل قاعدة استراتيجية لها في شرق المتوسط.

كما أن انسحاب موسكو لصالح طهران في سورية قد يمنح الأخيرة فرصة لتعزيز وجودها العسكري فيها، ولكنه في المقابل سيضعها أمام الكثير من التحديات. وسيمنح ذلك المعارضة الكثير من الفرص، فزيادة الوجود الإيراني سيشكّل قلقاً للجانب الأميركي، وبالتالي سيزيد من استهدافه من قبل الولايات المتحدة والتحالف الدولي، وكذلك سيزيد من استهدافه من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

كما أن وجود قوات إيرانية مكان الروسية في مواجهة المعارضة قد يؤمّن للأخيرة دعماً غربياً أكبر في مواجهة تلك القوات، علماً أن المعارضة كانت قد تمكنت قبل تدخّل موسكو من دحر المليشيات الإيرانية والسيطرة على معظم الأراضي السورية. وبالتالي، فإن انسحاب روسيا، وإن كان جزئياً، سيضعف دعمها العسكري والسياسي للنظام، وعلى المعارضة استغلال هذا الواقع الجديد لتحسين موقعها العسكري وموقفها التفاوضي، بدل الندب والتخوف من تمدد ايراني أكبر.