بغداد تشكل خلية أزمة للوقوف على تقارير إعدام بولندا مهاجرين عراقيين

مصادر لـ"العربي الجديد": بغداد تشكل خلية أزمة للوقوف على تقارير إعدام بولندا مهاجرين عراقيين

22 يونيو 2022
شهدت الحدود البلاروسية البولندية أزمة تكدس آلاف المهاجرين (الأناضول)
+ الخط -

قالت مصادر دبلوماسية رفيعة في العاصمة العراقية بغداد، اليوم الخميس، لـ"العربي الجديد"، إن وزارة الخارجية شكّلت خلية أزمة عاجلة للوقوف على تقارير وقوع عمليات إعدام جماعية بحق مهاجرين عراقيين من قبل الجيش البولندي.

يأتي ذلك بعد ساعات من نشر تقارير تفيد بأن لجنة تحقيق في بيلاروسيا سلّمت وفداً عراقياً يزور العاصمة مينسك أدلة ومعلومات عن إعدامات جماعية وسرية للاجئين عراقيين على أيدي جنود بولنديين، على الجانب البولندي من الحدود مع بيلاروسيا.

وبحسب وكالة الأنباء البيلاروسية "بيلتا"، قدمت لجنة التحقيق في بيلاروسيا، خلال اجتماع في مينسك مع وفد عراقي، معلومات حول المذابح والدفن السري للاجئين المقتولين على يد الجيش البولندي.

وقالت لجنة التحقيق إن المعلومات حول المقابر السرية للاجئين تم الحصول عليها من الجندي البولندي المنشق إميل شيشكو. وذكرت اللجنة أنه تم اطلاع الجانب العراقي على تحقيقات تثبت استخدام التعذيب بحق 135 مواطناً عراقياً تعرضوا للضرب بالهراوات وغيرها، بموجب نتائج عمل لجنة التحقيق البيلاروسية في القضية الجنائية المرفوعة بحق حرس الحدود البولنديين.

والمعلوم أن حرس الحدود البيلاروسي عثر على الجندي شيشكو بالقرب من قرية توشميلا على الحدود البيلاروسية البولندية في 16 ديسمبر/ كانون الأول 2021. وذكرت وكالة الأنباء البيلاروسية حينها أنه يعتزم تقديم طلب للجوء السياسي في بيلاروسيا، بسبب "أزمة الهجرة المتفاقمة، والخلاف مع سياسة بولندا المستمرة في ما يتعلق بأزمة الهجرة، وممارسة المعاملة غير الإنسانية للاجئين". ولاحقاً، نقلت وكالات الأنباء البيلاروسية عن الجندي اتهامه قوات الأمن البولندية بعمليات قتل ممنهجة للاجئين والمهاجرين، وكذلك قتل متطوعين اثنين كانا يساعدان اللاجئين.

ووضعت بولندا شيشكو على قائمة المطلوبين، ووجهت له تهمة الفرار من الخدمة العسكرية، وطالبت بيلاروسيا بتسليمه فوراً، لكن الأخيرة رفضت. وفي لقاء مع محطة التلفزيون البيلاروسية الحكومية، أقرّ الجندي ذو الـ 25 عاماً بأنه قتل لاجئاً في مايو/ أيار 2021.

وبحسب موقع ناستاياشويه فريميا الذي يغطي الشأن الروسي، ويبث من التشيك، فقد كان شيشكو يعاني من اضطرابات نفسية، وقد تم الحكم عليه في سبتمبر/ أيلول 2021 بالسجن 6 أشهر بتهمة الاعتداء على أمه أثناء تعاطيه الكحول، ومُنع، بحسب قرار المحكمة، من الاقتراب منها لمسافة تقلّ عن 50 متراً.

وفي 17 مارس/ آذار الماضي، تم العثور على شيشكو مشنوقاً في شقة في العاصمة مينسك. وقالت لجنة التحقيق البيلاروسية، عبر قناتها على "تلغرام"، إنها وجدت الجندي مشنوقاً في مكان إقامته، وإنها "تدرس التحقيق في جميع الروايات الممكنة، بما في ذلك الطبيعة العنيفة للموت"، على أن يحدد الطبيب الشرعي سبب وفاته. ولم يصدر لاحقاً أي بيان عن أسباب الوفاة.

وعقب التقرير أعلن المتحدث باسم الخارجية العراقية في بغداد، أحمد الصحاف، أن بغداد "تتابع باهتمام بالغ ما تمَّ تداوله عبر وكالات ومواقع إعلامية، بشأن تعرض أعداد من المهاجرين العراقيين إلى مخاطر تهدد حياتهم"، مضيفاً: "إننا نتحرّى دقة ما ورد عبر التقارير الرسمية التي ننسق مع السلطات والجهات الدولية للوقوف على تفاصيلها، فضلاً عن نهوض سفاراتنا المعنية في تلك الدول بدورها في تقصّي صحة المعلومات بشكل موثوق".

وأبلغ مسؤول عراقي دبلوماسي في بغداد، "العربي الجديد"، بأن وزير الخارجية فؤاد حسين وجّه بتشكيل خلية أزمة للوقوف على المعلومات، مؤكداً أن موقفاً رسمياً سيصدر حال التأكد من صحة التقارير، خصوصاً أن السلطات العراقية لم تتلقَ أي معلومات سابقة عن فقدان الاتصال بمهاجرين عراقيين من خلال ذويهم كما حصل في مرات سابقة بحوادث غرق قوارب".

من جانبه، طالب رئيس "المشروع الوطني العراقي"، الشيخ جمال الضاري، الخارجية العراقية، باستدعاء السفير البولندي في بغداد، والوقوف على حقيقة الملف. وأضاف الضاري: "تابعنا بقلق كبير تقرير لجنة التحقيق البيلاروسية المتعلق بقيام جنود بولنديين بتنفيذ إعدامات جماعية للاجئين العراقيين، نؤكد ضرورة قيام الحكومة العراقية باستدعاء السفير البولندي، ومتابعة هذا الملف الخطير وتدويله، لمحاسبة القتلة الذين نفذوا جرائمهم البشعة بغطاء حكومي يتغنى بالإنسانية".

كذلك وصف سكرتير الحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي تقارير إعدام اللاجئين العراقيين على الحدود البيلاروسية البولندية بأنه "أمر خطير جداً، ولا بد من تحرك حكومي وبأعلى المستويات"، مضيفاً في تصريحات للصحافيين أن "الخارجية والحكومة العراقية أهملتا قضية متابعة ما تبقى من اللاجئين العراقيين في دول شرق أوروبا، ولا بد من تحرك سريع لإعادة من تبقى منهم"، داعياً منظمة الأمم المتحدة إلى "التحرك وفتح تحقيق بشأن الحادثة التي تُعد انتهاكاً صارخاً لحقوق الانسان".

وشهد العراق خلال الأشهر الأولى من العام الحالي أزمة تكدس الآلاف من المهاجرين على الحدود البلاروسية البولندية، وتمكن من إعادة المئات منهم عبر رحلات جوية متكررة، ووجهت بغداد اتهامات لمينسك بالتورط في استعمال ورقة المهاجرين للضغط على جيرانها الأوروبيين.

وأكد وكيل وزارة الهجرة العراقية كريم النوري، في وقت سابق، تعرض العراقيين العالقين على حدود بيلاروسيا وبولندا إلى انتهاكات من قبل السلطات الأمنية هناك. وأضاف النوري في تصريحات للصحافيين في بغداد أن "الصراع السياسي بين بيلاروسيا والاتحاد الأوروبي يجب ألا ينعكس على العراقيين، ونطالب بتطبيق المعايير الدولية ومعايير حقوق الانسان مع العراقيين العالقين بين البلدين".

ولفت وقتها إلى أن "هناك عصابات، بمساعدة الحكومة البيلاروسية، تدفع العراقيين نحو المجهول للضغط على الاتحاد الأوروبي"، مشيراً إلى أن "هناك تصرفات خارجة على ما نسمعه من المعايير الدولية وحقوق الانسان، وتم استخدام "الكلاب البوليسية والرصاص الحي، ضد المهاجرين العراقيين"، متهماً السلطات البيلاروسية بأنها "تمارس أساليب بوليسية ضد العراقيين، وتمنحهم تأشيرة دخول، ويتم الضغط عليهم بعدم العودة، وهم بين الضغط البولندي وبين منع الرجوع من الجانب البيلاروسي"، مطالباً الصليب الأحمر بمنع "أن يكون العراقيون ورقة ضغط بيلاروسية على الاتحاد الأوروبي".