بايدن يختبر حدود العمر والرئاسة في سنواته الـ79

بايدن يختبر حدود العمر والرئاسة في سنواته الـ79

10 يوليو 2022
تظهر استطلاعات الرأي أن العديد من الأميركيين يعتبرون بايدن أكبر من اللازم (Getty)
+ الخط -

في الوقت الذي يصرّ فيه الرئيس الأميركي جو بايدن على أنه يخطط للترشح لولاية ثانية؛ ترى مجلة نيويورك تايمز الأميركية أن عمره أصبح، بشكل متزايد، مشكلة مزعجة له ​​ولإدارته ولحزبه.

بعد عام ونصف فقط من ولايته الأولى، أصبح الرئيس بايدن أكبر من رونالد ريغان بأكثر من عام في نهاية ولايته الرئاسية. وإذا ما خاض حملة أخرى في عام 2024، فسيطلب بايدن من الأميركيين أن ينتخبوا رئيساً سيكون عمره 86 عاماً في نهاية فترة ولايته الثانية، إذا ما فاز. وهنا تُظهر استطلاعات الرأي أن العديد من الأميركيين يعتبرون بايدن أكبر من اللازم، ولا يعتقد بعض المخططين الديمقراطيين أنه يجب أن يترشّح مرّة أخرى.

وبحسب "نيويورك تايمز"، فقد أجمع أكثر من عشرة من كبار المسؤولين والمستشارين، الحاليين والسابقين، على أن بايدن ظل منخرطاً فكرياً وطرح أسئلة ذكية في الاجتماعات، واستجوب مساعديه بشأن نقاط خلافية، واتصل بهم في وقت متأخر من الليل، وآخر الأمثلة في هذا المجال جاء عن ملاحظاته حول خطابه عن الإجهاض يوم الجمعة الماضي، والذي استمر بتنقيحه حتى اللحظة الأخيرة.

لكن هؤلاء أقروا بأن بايدن يبدو أكبر سناً مما كان عليه قبل سنوات قليلة، وهي مسؤولية سياسية لا يمكن حلها من خلال سياسات البيت الأبيض التقليدية، مثل تغييرات الموظفين. وعلى الرغم من أن مستوى طاقته مثير للإعجاب بالنسبة لرجل في عمره، فإن مساعديه يراقبونه بحذر خشية أن يتعثر أثناء المشي، أو أن يتلعثم في الكلمات خلال المناسبات العامة، ويحبسون أنفاسهم منتظرين أن يصل إلى نهاية خطابه من دون زلة.

وعندما سقط بايدن أثناء نزوله على دراجة هوائية في الشهر الماضي، أصيب مساعدوه بالإحباط وهم يرون كيف كان الخبر من بين الأهم خلال الأسبوع، رغم أن معظم الرجال في عمره بالكاد يركبون الدراجات، كما ترى الصحيفة.

يعتقد 64% من الناخبين أن بايدن أكبر من أن يصبح رئيساً

وتنقل "نيويورك تايمز" عن ديفيد جيرغن، أحد كبار مستشاري أربعة رؤساء سابقين، قوله: "أشعر أنه من غير المناسب أن تسعى إلى هذا المنصب بعد أن تبلغ من العمر 80 عاماً". مضيفاً: "لقد بلغت الثمانين من عمري للتو، ووجدت خلال العامين أو الأعوام الثلاثة الماضية أنه سيكون من غير الحكمة بالنسبة لي أن أحاول إدارة أي منظمة".

وأشار التقرير الطبي للرئيس، في نوفمبر/تشرين الثاني، إلى إصابته بالرجفان الأذيني، لكنه "مستقر ومن دون أعراض". كما ذكر التقرير أن "مشية بايدن أصبحت أكثر صلابة وأكثر ثقلاً مما كانت عليه قبل عام"، كما أن الارتجاع المعدي المريئي يتسبب له في السعال لمحاولته تنظيف حلقه، وهي أعراض "تبدو بالتأكيد أكثر تكراراً وأكثر وضوحاً". ورغم ذلك، يقول طبيبه كيفن أوكونور إنه "رجل يتمتع بصحة جيدة ونشط.. وهو لائق لتنفيذ مهام الرئاسة بنجاح".

لكن مساعديه حذرون من تعريضه لفيروس كورونا، حيث يجرى اختبار المساعدين مرة واحدة في الأسبوع، ويرتدون أساور ملونة تشير إلى يوم الاختبار، وإذا ما كانوا يخططون لحضور اجتماع مع الرئيس في يوم ما؛ فيجب عليهم إجراء اختبار صباح يوم الاجتماع، وارتداء أقنعة من نوع N95.

ورغم التطمينات السابقة، فقد أثّرت الأسئلة حول لياقة بايدن على مكانته العامة. ففي استطلاع للرأي أجراه مركز هارفارد للدراسات السياسية الأميركية في يونيو/حزيران، أجاب 64% من الناخبين أنهم يعتقدون أن بايدن أكبر من أن يصبح رئيساً.

ويغذي ظهور بايدن في المناسبات العلنية هذا التصوّر، حيث يغلب على خطاباته الفتور، كما يفقد أحياناً سلسلة أفكاره، أو يواجه صعوبة في تذكّر الأسماء، أو يبدو مرتبكاً للحظات. وفي أكثر من مرة، وصف نائبته كامالا هاريس بـ"الرئيس"، كما تلعثم عندما أراد قول "حكم اللصوص"، وأخطأ بين إيران وأوكرانياً، ودعا عدة مرات السناتور الديمقراطي مارك وارنر باسم "جون"، خالطاً بينه وبين سناتور جمهوري راحل بهذا الاسم.

يتلقّف الجمهوريون والإعلام المحافظ مثل هذه الهفوات بسعادة بالغة، وينشرون مقاطع فيديو فيروسية عنها، وأحياناً مبالغ فيها أو مشوهة، لجعل بايدن يبدو أسوأ. لكن ذلك لا ينفي أنه كان على البيت الأبيض التدخّل في بعض الحالات ليتراجع عن تعليقات مزعجة لبايدن، مثل ما فعل عندما تعهد برد عسكري إذا هاجمت الصين تايوان، أو عندما أعلن أن الرئيس فلاديمير بوتين "لا يمكنه البقاء في السلطة" في روسيا، ولكن هل يرتبط ذلك بعمر بايدن؟ خاصة أنه اشتهر بالزلات حتى عندما كان شاباً.

بايدن ليس أول رئيس يواجه مشكلة العمر

طُرحت قضية العمر مراراً وتكراراً في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي يصغر بايدن بأربع سنوات. حيث قادت مفردات ترامب المتناقصة، وميله إلى التعليقات غير المتسقة، والجدول الزمني الخفيف لمكتبه، والصعوبات في معالجة المعلومات؛ نقاده إلى استنتاج أن حالته كانت في تدهور.

بل إنه في مرحلة ما واجه مشكلة في رفع كوب من الماء إلى شفتيه، كما قام برحلة غير مبررة إلى المستشفى. وبحلول نهاية فترته الرئاسية، كان يتفاخر باجتياز اختبار يهدف إلى اكتشاف علامات الخرف. وإذا ما خاض السباق الرئاسي مرة أخرى في عام 2024، فسيكون على الأميركيين الاختيار بين رجلين في الثمانينيات من العمر.

حتى الآن، كان الرئيس الأميركي الأكبر سناً هو ريغان، الذي هدد أداؤه الضعيف في مناظرة عام 1984 فرص إعادة انتخابه، قبل أن يواجه الموضوع بالمزاح قائلاً إنه لن يستغل "شباب خصمه وقلة خبرته".

وبحلول سنوات ريغان الأخيرة، قيّم مساعدوه وضعه سراً لمعرفة ما إذا كانت تتعين إقالته من منصبه بموجب بند الإعاقة الخاص بالتعديل الخامس والعشرين، لكنهم خلصوا في النهاية إلى أنه لا يزال لائقاً. وبعد خمس سنوات من مغادرته البيت الأبيض، شُخص بمرض ألزهايمر.

حضور إعلامي باهت

ترى "نيويورك تايمز" أن البيت الأبيض يبدو مصمماً على حماية بايدن من التفاعلات غير المدروسة مع وسائل الإعلام. إذ عقد 16 مؤتمراً صحافياً فقط منذ توليه منصبه، وهو أقل من نصف ما عقده كل من ترامب وباراك أوباما وجورج دبليو بوش في هذه المرحلة، وأقل من ثلث ما عقده كل من بيل كلينتون وجورج بوش الأب.

وبالمثل، أجرى بايدن 38 مقابلة فقط، وهو عدد أقل بكثير من ترامب (116)، وأوباما (198)، وبوش الابن (71)، وكلينتون (75)، وبوش الأب (86). ولكن في السياق نفسه، كان من السهل الوصول إلى بايدن من خلال تلقي الأسئلة بشكل غير رسمي بعد خطاب أو حدث آخر، وهو ما فعله 290 مرة، مقارنة بـ213 مرة من قبل ترامب و64 من قبل أوباما.

وخلال رحلته الأوروبية الشهر الماضي، عامله الزعماء الأجانب بطريقة وقائية بوصفه مسناً مميزاً. وعند التقاط الصورة الجماعية؛ وجّه المستشار الألماني أولاف شولتز بايدن بلطف باتجاه الكاميرات. وقبل الاجتماع مباشرة، صرخ مراسل مرتين سائلاً بايدن حول إخراج الحبوب من أوكرانيا، وعندما لم يستطع سماع السؤال، قام رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بإنقاذه. فأجاب: "نحن نعمل على ذلك".