باكستان: منع عمران خان من خوض الانتخابات عشية حل البرلمان

باكستان: منع عمران خان من خوض الانتخابات عشية حل البرلمان

09 اغسطس 2023
محامو خان سيطعنون بالحكم (Getty)
+ الخط -

أعلنت لجنة الانتخابات الوطنية الباكستانية، يوم الثلاثاء، استبعاد رئيس الوزراء السابق عمران خان من الترشح للانتخابات بعد الحكم الصادر بسجنه ثلاث سنوات بتهم الفساد، فيما يستعد محاموه لتقديم طعون قانونية ضد الحكم.

وقالت اللجنة، في بيان لها، إن خان،  الذي يتزعم حركة الإنصاف، لا يمكنه خوض الانتخابات خلال السنوات الخمس المقبلة، بحسب ما ينص عليه الدستور الباكستاني، بالإضافة إلى إلغاء مقعده في البرلمان.

واعتبر حزب عمران خان أن القرار "مبني على الظلم"، مضيفا أنه سيطعن في الحكم أمام المحكمة العليا من أجل إعادة النظر فيه.

واعتقل خان، الذي سطع نجمه في لعبة الكريكت مبكراً وقاد فريق بلاده إلى الفوز بكأس العالم عام 1992، في منزله، السبت الماضي، ونُقل إلى السجن بتهم قال سابقا إن دوافعها سياسية.

وفي جلسة في المحكمة لم يحضرها خان، السبت، دانه القاضي بتهم فساد ترتبط بهدايا تلقاها عندما كان رئيسا للوزراء وحُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات.

ويقبع عمران خان حالياً في سجن أتوك، الذي تأسس قبل مائة عام على أطراف مدينة أتوك التاريخية الواقعة على بعد حوالى 60 كيلومترا غرب إسلام أباد، ويحاول محاموه نقله إلى سجن أدياله لوضعه في زنزانة تُعد الظروف فيها مريحة نسبيا ومخصصة للشخصيات المهمة.

انتخابات يغيب عنها خان

إلى ذلك، يتوقع أن يتمّ، اليوم الأربعاء، حل البرلمان في باكستان تمهيداً لتولي حكومة يهيمن عليها التكنوقراط والإعداد لانتخابات يرجح أن يغيب عنها عمران خان.

وقال رئيس مجلس النواب الباكستاني رجا برويز أشرف في الجلسة الأخيرة للجمعية الوطنية خلال اجتماعها، بعد ظهر الأربعاء، "جلسة اليوم ستختتم بنهاية سعيدة في بيئة مريحة".

وأضاف، وفقاً لـ"فرانس برس" أنه "عادة نناقش الشؤون السياسية، ولكن اليوم، دعونا نتحدث بنبرة ودية".

وتواجه باكستان أزمة منذ إبعاد خان، أحد أكثر السياسيين شعبية في البلاد، من الحكم في نيسان/إبريل 2021 بموجب تصويت لحجب الثقة.

وبموجب القانون، يتوجب إجراء الانتخابات في غضون 90 يوماً من تاريخ حلّ البرلمان. لكن حكومة شهباز شريف أشارت إلى أن إرجاءها مرجح.

وعلى رغم إمساكه بالسلطة منذ 18 شهراً، لم يفلح تحالف الأحزاب التقليدية الذي تكتّل لإبعاد خان، في كسب شعبية واسعة، اذ يواجه أزمة اقتصادية بالرغم من قرض من صندوق النقد الدولي، وتزايد التضخم وارتفاع البطالة في ظل تراجع النشاط الصناعي جراء النقص في العملات الأجنبية.

وقال أحمد بلال محبوب، رئيس المعهد الباكستاني للتنمية القانونية والشفافية البحثي إن "القرارات الاقتصادية صعبة وغالبا ما تكون غير شعبية، ما يتطلب حكومة ذات ولاية أطول لتتمكن من تطبيقها بشكل فاعل"، بحسب ما نقلته وكالة فرانس برس.

ورأى أن "هذه الانتخابات مهمة لأنها ستمنح حكومة جديدة ولاية من خمسة أعوام، ما يعني... تفويضها اتخاذ قرارات أساسية ستكون حيوية للتعافي الاقتصادي".

انتخابات بناءً على تعداد سكاني جديد

وتسري منذ أشهر شائعات عن احتمال إرجاء الانتخابات في ظل الأزمات التي تواجهها السلطة في مجالات الأمن والاقتصاد والسياسة. وتعزز هذا الاحتمال بعد صدور أرقام آخر تعداد سكاني في البلاد نهاية الأسبوع الماضي.

وبحسب "فرانس برس"، أفاد وزير العدل عزام نظير تارار قناة تلفزيونية محلية بأنه سيتعيّن إعادة تحديد الدوائر الانتخابية بناء على التعداد السكاني الجديد، محذّرا من أن ذلك قد يؤدي لتأجيل الانتخابات.

وأمل في أن يقتصر الإرجاء على فترة لا تتجاوز "50 الى 60 يوماً".

وتنقل "فرانس برس" عن مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون البحثي في واشنطن مايكل كوغلمان، رايه بأن إرجاء عملية الاقتراع قد يمنح الشريكين الأساسيين في الائتلاف الحاكم، أي حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية وحزب الشعب الباكستاني، مهلة لوضع استراتيجية لمواجهة حزب حركة الإنصاف بزعامة عمران خان.

وأضاف كوغلمان "لكن في الواقع، إرجاء الانتخابات قد يؤدي ببساطة إلى المزيد من الغضب الشعبي ويعطي دفعا لمعارضة عانت من القمع على مدى أشهر".

ويحضر الجيش في كواليس أي عملية اقتراع في باكستان، اذ لا تزال المؤسسة التي نفذت ثلاثة انقلابات ناجحة على الأقل منذ استقلال البلاد عام 1947، تتمتع بنفوذ سياسي واسع.

ولطالما شكّل الدعم العسكري حجر زاوية لاستقرار أي حكومة باكستانية، على رغم أن مؤسسة الجيش دائماً تنفي أداء أي دور سياسي. لكن اتساع الفجوة بين خان والضباط الكبار في سادس أكبر جيوش العالم، سيعقّد عودته إلى الحكم.

وصل خان الى السلطة عام 2018 بدعم من الجيش، وأقصي منها في نيسان/إبريل 2022 بتصويت برلماني على سحب الثقة بعد خلافات مع ضباط كبار على تعيينات والسياسة الخارجية، وفق محللين.

وكانت السلطات الباكستانية أوقفت خان لثلاثة أيام في مايو/أيار الماضي بعد ساعات من تكراره اتهام ضابط كبير في الاستخبارات بالضلوع في محاولة لاغتياله في نوفمبر/تشرين الثاني.

وضغط خان على الحكومة الحالية من أجل إجراء انتخابات مبكرة من خلال إقامة تجمعات ضخمة وسحب نوابه من البرلمان، من دون أن ينجح رهانه في تحقيق مبتغاه.

"مهمة صعبة"

ومنذ إبعاده من الحكم، يواجه خان أكثر من 200 قضية، يؤكد أن دوافعها سياسية وهدفها منعه من خوض الانتخابات أو العودة لرئاسة الوزراء.

وأثار توقيف خان لثلاثة أيام في مايو، في القضية ذاتها، أعمال عنف دامية مع خروج عشرات الآلاف من أنصاره إلى الشوارع وتواجههم مع الشرطة.

وفي أعقاب الإفراج عنه، استُهدف حزبه بحملة أمنية شملت آلاف عمليات التوقيف وتقارير عن ترهيب وقمع الصحافيين.

إلا أن ردود الفعل على توقيفه هذه المرة لا تزال مختلفة جذرياً، اذ أفيد عن احتجاجات محدودة ومتفرقة. وتعرّض آلاف من أنصاره للتوقيف في إطار الحملة الأمنية التي استهدفت مناصريه وحركة الإنصاف في الأشهر الماضية.

وحذّر كوغلمان من أن الحكومة الانتقالية تواجه مهمة صعبة في الأشهر المقبلة، وسيكون أكبر تحدٍ أمامها "البقاء في منأى عن الصراع الحزبي وعدم الانجرار إلى المعارك السياسية التي تخاض بين السياسيين والجيش".

وتابع: "في حصيلة الأمر هذه مرحلة فائقة التحزّب والاستقطاب، وليست بيئة يسهل على حكومة غير مسيّسة العمل فيها".