اليمن: دعوة أممية لإنقاذ اتفاق استوكهولم ومعارك الحديدة تتوسع لـ4 مديريات

08 أكتوبر 2020
غريفيث يناشد طرفي النزاع احترام الهدنة الهشة (جوناثان ناكستراند/فرانس برس)
+ الخط -

ناشد المبعوث الأممي مارتن غريفيث طرفي النزاع في اليمن احترام الهدنة الهشة التي اقتربت من طيّ عامها الثاني، عقب أسبوع من المعارك الدامية التي سقط فيها مئات القتلى والجرحى في محافظة الحديدة الواقعة على البحر الأحمر، وتوسع رقعة المعارك إلى 4 مديريات.

وقالت مصادر ميدانية، لـ" العربي الجديد"، إنّ معارك عنيفة اندلعت، اليوم الخميس، في أطراف مديرية الدريهمي ومديرية حيس والتحتيا والجبلية، والأحياء الشرقية والجنوبية لمدينة الحديدة، عاصمة المحافظة التي تحمل ذات الاسم.

وأشارت المصادر إلى أنّ المعارك امتدت على جميع نقاط التماس التي كانت البعثة الأممية قد رسمتها مطلع العام الجاري، وخصوصاً شرق مدينة الصالح وحيّ منظر، و"دوّار سيتي ماكس" بشارع صنعاء.

ودفع الحوثيون بأسلحة ثقيلة، بينها نحو 6 دبابات، للحفاظ على المكاسب الميدانية التي تحققت للجماعة خلال اليومين الماضيين بفك الحصار الجزئي عن مركز مديرية الدريهمي التي يتمركز فيها عناصرهم منذ نحو عامين، وفقاً للمصادر.  

وأدت المعارك إلى مقتل العشرات من الجانبين، بينهم القيادي السلفي في ألوية العمالقة الجنوبية، صالح المطرفي، فضلاً عن أكثر من 9 عناصر من قوات طارق صالح، المدعومة إماراتياً.  

وفي المقابل، لا يُعرف على وجه الدقة عدد الخسائر البشرية الحوثية، لكن مصادر في القوات المشتركة المدعومة إماراتياً، زعمت مقتل أكثر من 500 عنصر حوثي خلال المعارك الدائرة منذ مطلع الأسبوع الجاري، بينهم قيادات ميدانية بارزة. 

وفي صفوف المدنيين، أعلنت وسائل إعلام حوثية، الخميس، مقتل فتاة في الـ18 من عمرها، جراء قصف منسوب إلى القوات المدعومة إماراتياً استهدف أحياءً مأهولة بالسكان في مديرية الحالي، بمحافظة الحديدة.  

وبعد أسبوع من التصعيد الواسع وسقوط ضحايا مدنيين، ظهر المبعوث الأممي مارتن غريفيث للمرة الأول، يعرب فيها عن قلقه البالغ من التصعيد العسكري الذي يدور في الحديدة، والتقارير الواردة عن وقوع ضحايا من المدنيين بينهم نساء وأطفال.  

واعتبر غريفيث، في بيان وصلت إلى "العربي الجديد" نسخة منه، أنّ التصعيد العسكري "لا يمثِّل انتهاكاً لاتفاقية وقف إطلاق النَّار في الحديدة فحسب، بل يتعارض مع روح المفاوضات القائمة التي ترعاها الأمم المتحدة للتوصّل إلى وقف لإطلاق النَّار في أنحاء اليمن كافة، وتدابير إنسانية واقتصادية واستئناف العملية السياسية"، في إشارة إلى الإعلان المشترك الذي يسعى إلى فرضه منذ مارس/ آذار الماضي.  

وفيما أشار إلى عمله مع جميع الأطراف، طالب المبعوث الأممي "بوقف فوري لإطلاق النار، واحترام التزاماتهم في اتفاق استوكهولم والتفاعل مع آليات التنفيذ المشتركة لبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة". 

وباتت البعثة الأممية لمراقبة اتفاق الحديدة (أونمها)، مشلولة منذ عدة أشهر، جراء الصراعات الدائرة بين الحكومة الشرعية والحوثيين حول المقر الرئيسي لعملها، وفقاً لمصادر "العربي الجديد".  

وقالت مصادر حكومية إنّ رئيس البعثة أبهيجيت غوها، موجود في مدينة الحديدة مع نحو 7 من ضباط المراقبة الأمميين فقط، فيما نُقل باقي قوام البعثة إلى الأردن وجيبوتي، جراء اشتراط الحكومة الشرعية ضرورة نقل مقرها إلى مكان محايد بعيداً عن سلطات الحوثيين.  

وتبدو الحكومة الشرعية منشغلة بشكل أكبر خلال الوقت الراهن بمعارك الدفاع عن محافظة مأرب النفطية، وخصوصاً بعد تحقيقها انتصارات هي الأولى منذ مطلع العام الجاري، باتجاه محافظة الجوف.  

وعلى الرغم من معارك مأرب، أكد وزير الخارجية في الحكومة الشرعية، محمد الحضرمي، أن بمقدور القوات الحكومية، بدعم من التحالف السعودي الإماراتي، تحرير ما بقي من الحديدة، وحمّل الحوثيين تبعات إفشال اتفاق الحديدة.  

ووفقاً لمصدر عسكري، فقد تمكنت القوات المشتركة المدعومة إماراتياً خلال الساعات الماضية من استعادة عدد من القرى التي سقطت في أيدي الحوثيين خلال اليومين الماضيين، وخصوصا بمديرية الدريهمي.  

وحتى الآن، لم يتدخل طيران التحالف السعودي الإماراتي بشكل رسمي في التصعيد الأخير بالحديدة، رغم إعلان وسائل إعلام حوثية استمرار التحليق لمقاتلات حربية، وكذلك شن ضربات بطائرات مسيرة بدون طيار.  

وبدأ اتفاق استوكهولم الهش بالترنح منذ سحب القوات الحكومية ممثليها في لجان الرقابة، الشهرين الماضيين، على خلفية مقتل أحد ضباط الارتباط على أيدي قناص حوثي، وفقا لاتهامات القوات المشتركة المدعومة إماراتياً.  

وتم توقيع اتفاق استوكهولم منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2018، بهدف كبح معركة تحرير الحديدة، وعلى الرغم من تراجع الأعمال القتالية منذ ذلك التاريخ، وتمركز القوات المدعومة إماراتيا على مشارف المدينة، إلا أن طرفي النزاع تبادلا الاتهامات بارتكاب آلاف الخروقات.

ترحيب حكومي وحوثي

وفي وقت لاحق من مساء الخميس، رحبت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بالدعوة التي أطلقها المبعوث الأممي لوقف إطلاق النار بالحديدة، واحترام اتفاق استوكهولم.  

وبشأن دعوة المبعوث الأممي، قالت وزارة الخارجية بالحكومة الشرعية، في بيان، إنها حرصت وتحرص على الالتزام بما عليها منذ التوصل لاتفاق استوكهولم في ديسمبر/كانون الأول 2018، وتفاعلت بإيجابية مع كل الدعوات والمبادرات بما في ذلك دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في مارس/ آذار 2020. 

وأكدت الخارجية، أنّّ التصعيد الحوثي الأخير بالحديدة واستمرار الانتهاكات الحالية والسابقة وتقييد عمل بعثة الأمم المتحدة، كل ذلك شكّل خرقاً واضحاً وتعدياً على مقتضيات اتفاق الحديدة. 

من جهته، أعلن متحدث جماعة الحوثيين، محمد عبدالسلام، بشكل فوري ترحيبهم بها، في موقف يكشف أنّ الجماعة قد حققت أهدافها من التصعيد الأخير وتتمثل بفك الحصار عن الدريهمي.  

وقال عبدالسلام، في تغريدة على "تويتر" "نرحب ببيان المبعوث الأممي إلى اليمن  مارتن غريفيث بخصوص التأكيد على الالتزام باتفاق استوكهولم والتعامل الإيجابي والفعال مع آليات التنفيذ المشتركة لبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة "، دون إضافة المزيد من التفاصيل أو الشروط.  

المساهمون