استمع إلى الملخص
- **اندلاع المعارك وتداعياتها:** بدأت المعارك في إبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، مما أسفر عن عشرات آلاف القتلى ونزوح أكثر من عشرة ملايين شخص، وتدمير البنية التحتية وخروج المرافق الصحية عن الخدمة.
- **ردود الفعل الدولية والمحلية:** دعا خبراء الأمم المتحدة إلى نشر قوة لحماية المدنيين، بينما رفضت السلطات السودانية الدعوة. نددت هيومن رايتس ووتش بجرائم الحرب من طرفي النزاع.
تعرّضت مدينة سنّار في جنوب شرق السودان اليوم الاثنين، لقصف مدفعي منسوب لقوات الدعم السريع لليوم الثاني على التوالي، وفق ما أفاد شهود عيان، بينما ارتفعت حصيلة القتلى جراء قصف مماثل طاول سوق المدينة أمس الأحد إلى 31 شخصاً، وفق مجموعة حقوقية محلية.
ودان "محامو الطوارئ"، وهي منظمة حقوقية مؤيدة للديمقراطية، في بيان ليل الأحد الاثنين "بأشد العبارات التصعيد الخطير للأعمال العسكرية واستهداف المدنيين في سنّار"، المدينة الواقعة في الولاية التي تحمل الاسم نفسه. وأضافت المنظمة أن قوات الدعم السريع "استهدفت سوق المدينة الرئيسي بقصف مدفعي ما أدى إلى وفاة 31 مدنياً وإصابة 100 آخرين".
وكانت مصادر طبية وشهود أفادوا وكالة فرانس برس، أمس الأحد، بمقتل 21 شخصاً وإصابة 67 بجروح جراء قصف استهدف سوق المدينة ونُسب إلى قوات الدعم السريع.
واندلعت المعارك في السودان منتصف إبريل/نيسان 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وهو أيضاً رئيس مجلس السيادة والحاكم الفعلي للبلاد، وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه ونائبه السابق محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي. وأسفرت الحرب عن عشرات آلاف القتلى، وسط تقديرات بأن الحصيلة الفعلية أعلى وقد تصل إلى "150 ألف" قتيل.
ونزح أكثر من عشرة ملايين شخص داخل السودان أو لجأوا إلى البلدان المجاورة منذ اندلاع المعارك، بحسب أرقام الأمم المتحدة. وتسببت المعارك بدمار واسع في البنية التحتية، وخرج أكثر من ثلاثة أرباع المرافق الصحية عن الخدمة. ومنذ أواخر يونيو/حزيران الفائت تسيطر قوات الدعم السريع على معظم أنحاء ولاية سنّار بما فيها عاصمتها سنجة. وتحاول السيطرة على سنّار، المدينة الوحيدة الخارجة عن سيطرتها في هذه الولاية.
وأدت المعارك في الولاية إلى نزوح نحو 726 ألف شخص، وفق المنظمة الدولية للهجرة التي تفيد بأن سنّار كانت تستقبل أساساً أكثر من نصف مليون نازح بسبب الحرب بين الجيش والدعم السريع. وتربط سنّار بين وسط السودان وجنوبه الشرقي الخاضع لسيطرة الجيش.
إلى ذلك، أفاد "محامو الطوارئ" بأن سلاح الطيران في الجيش من جهته "شنّ غارة جوية على مدينة السوكي (بولاية سنّار) خلّفت أربعة قتلى بينهم أطفال".
الخرطوم وشمال كردفان
في غضون ذلك، تتواصل المعارك في أنحاء مختلفة من السودان. وصباح الاثنين، أفاد شهود عيان وكالة فرانس برس بأن "طيران الجيش قصف مناطق للدعم السريع في وسط العاصمة الخرطوم وشمالها في بحري". وفي مدينة الأُبيّض عاصمة ولاية شمال كردفان "سقط مدني وأصيب 17 آخرون بجروح نتيجة القصف المدفعي العشوائي من قبل قوات الدعم السريع"، بحسب ما قال محامو الطوارئ في بيان.
ويوم الجمعة الفائت، دعا خبراء من الأمم المتحدة إلى نشر قوة "مستقلة ومحايدة من دون تأخير" في السودان بهدف حماية المدنيين في مواجهة الفظائع التي يرتكبها الطرفان المتحاربان. وخلُص الخبراء المكلّفون من مجلس حقوق الإنسان، في تقرير، إلى أنّ طرفي النزاع "ارتكبا سلسلة مروّعة من انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم يمكن وصف الكثير منها بأنّها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية". ورفضت السلطات السودانية قوة التدخل.
وفي بيان لها، السبت الفائت، أكدت وزارة الخارجية السودانية أن "حماية المدنيين أولوية قصوى لحكومة السودان"، مندّدة بـ"استهداف المليشيا الممنهج المدنيين والمؤسسات المدنية" في إشارة إلى قوات الدعم السريع. وتحدثت الوزارة عن "تناقض غريب" يحمله تقرير البعثة، إذ استنكرت "التوصية بحظر السلاح عن الجيش الوطني (وبأن) توكل مهمة حماية المدنيين لقوة دولية لا يعرف متى ستشكّل". وأضافت: "ترفض حكومة السودان توصيات بعثة تقصي الحقائق جملة وتفصيلاً"، ورأت أنها "تجاوز واضح لتفويضها وصلاحيتها".
ونزح أكثر من عشرة ملايين شخص داخل السودان أو لجأوا إلى البلدان المجاورة منذ اندلاع المعارك، حسب أرقام الأمم المتحدة. وتسببت المعارك بدمار واسع في البنية التحتية، وخرج أكثر من ثلاثة أرباع المرافق الصحية عن الخدمة.
"يبدو أن المجتمع الدولي نسي السودان"
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبرييسوس، أمس الأحد، في مدينة بورتسودان إن "المجتمع الدولي يبدو أنه نسي السودان ولا يولي اهتماماً كبيراً للنزاع الذي يمزقه أو عواقبه على المنطقة". وأوضح المدير العام الذي وصل إلى بورتسودان السبت الفائت في زيارة رسمية أنّ "حجم الطوارئ صادم، وكذلك الإجراءات غير الكافية التي تُتّخذ للحد من الصراع". وأشار إلى احتياج 14,7 مليون شخص في السودان إغاثة عاجلة، موضحاً أن التمويل المطلوب لهؤلاء يبلغ 2,7 مليار دولار "لم يتم توفير سوى أقل من نصفه". ودعا المسؤول الأممي العالم "إلى الاستيقاظ ومساعدة السودان للخروج من الكابوس الذي يعيشه".
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش، قد نددت في تقرير أصدرته أواخر أغسطس/آب الفائت بإعدامات وتعذيب وتنكيل بالجثث من طرفي الحرب في السودان، مشيرة إلى أن الانتهاكات تشكل "جرائم حرب".
(فرانس برس)