الوجه الحقيقي لـ"تحرير الشام"

الوجه الحقيقي لـ"تحرير الشام"

13 يونيو 2021
لم يتغيّر أداء عناصر "هيئة تحرير الشام" (عمر حاج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من محاولات "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، تسويق نفسها كفصيل معتدل، وكجزء من الثورة السورية، وعلى الرغم من كل التحولات التي طرأت على هذا التنظيم، بدءاً من إعلان فك ارتباطه بـ"القاعدة"، إلى تغيير اسمه أكثر من مرة، ورفعه علم الثورة، وتبني جزء من شعاراتها، مروراً بانفتاحه على الإعلام الغربي، وتصديره خطاباً معتدلاً، ومطالبته الغرب بإزالة اسمه من قوائم التنظيمات الإرهابية، بهدف أن يكون جزءاً من أي تسوية سياسية في المنطقة، إلا أنّ ممارسات الهيئة على الأرض تشي بأنّ كل ما قامت وتقومت به من تحولات، لا يعدو كونه تغييراً شكلياً موجهاً إلى الخارج.

أما مكاتب "تحرير الشام" ولجانها، فما زالت تمارس أسوأ أنواع التعسف بحق السكان. فلجنة الغنائم التي يوحي اسمها بأنها تستطيع نزع ملكية أي عقار من دون وجه حق قانوني، لا تزال تمارس عملها بسلب بيوت وأراضي المواطنين الذين تركوها مرغمين بسبب الحرب، وتوزعها على الأكثر ولاءً لها. كما لا يزال مكتب الفلاح يمارس نفس مهام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بالتدخل في أدق تفاصيل خصوصيات المواطنين، بدءاً من طول جلابيب النساء وسماكة الخمار الذي ترتدينه، إلى التدخل في أنواع قصات الشعر التي يجب على الرجال اعتمادها بشكل لا يخالف الشرع، بالإضافة إلى منع كل أشكال الاختلاط في المدارس والجامعات، وغيرها من الممارسات التي تحدّ من حرية الأفراد في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.

وعلى الرغم من تطوير الهيئة جهازها الأمني الذي وصل عدد عناصره إلى ما بين 6000 و6500 عنصر، إلا أنّ حالة الفلتان الأمني لا تزال سائدة في مناطق سيطرة الهيئة، التي تنتشر فيها كل أنواع الجرائم من قتل، وخطف، وسرقة، وغيرها. فمهمة هذا الجهاز الأمني الضخم تتركز على الاعتقالات والقيام بحملات هدفها المعلن ملاحقة خلايا تنظيم "داعش" النائمة في مناطق سيطرة الهيئة، وملاحقة عملاء النظام السوري، إلا أنها في الواقع تلاحق الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي الذين قد ينتقدون أداء الهيئة، أو بعض الناشطين الثوريين الذين يخالفون فكرها. وشهدت الأيام الأخيرة عمليات اعتقال لناشطين وأشخاص قاموا بكتابة منشورات على موقع "فيسبوك" تنتقد أداء "هيئة تحرير الشام"، كما شهدت اعتقال ضابط منشق عن النظام منذ عام 2011، بتهمة التخابر مع النظام تبين لاحقاً أنها التهمة كيدية.

التغيير التجميلي الذي أجرته "هيئة تحرير الشام" على خطابها وعلى شخصية زعيمها أبو محمد الجولاني، لم يترافق مع أي تغيير في أداء عناصر الهيئة ولا بمواقف مكوناتها التي تضم متشددين لا يزالون يتبنون فكر "القاعدة"، الأمر الذي يجعل من شبه المستحيل تغيير أداء هذا التنظيم ما لم يتم صهره بشكل كلي ضمن مؤسسة "الجيش الوطني".

المساهمون