المونديال الأممي في اليمن

المونديال الأممي في اليمن

15 مارس 2022
هل ما زال غروندبرغ يستكشف الأزمة اليمنية؟ (خالد زياد/فرانس برس)
+ الخط -

حتى وإن كان تصلب الحوثيين قد أوصد كافة الأبواب في وجه التحركات الدولية الرامية لإنهاء الحرب اليمنية، إلا أن هذا لا يمنح الأمم المتحدة الحق في هدر الوقت، عبر مشاورات تمهيدية، تجعل الطريق إلى مفاوضات مباشرة بين قطبي الصراع، أشبه بتصفيات مونديال كرة القدم التي تبدأ على مستوى القارات.

لا يوجد تفسير لأسباب عودة التحركات الأممية في الملف اليمني إلى نقطة الصفر. هل ما زال المبعوث هانس غروندبرغ يستكشف الأزمة، وكأن الحرب في بداياتها، وليست على عتبات العام الثامن، أم أنه اكتشف وجود خلل خطير في المقاربة، التي كان يعمل عليها منذ قرابة نصف عام، وكان عليه هدم كل شيء والعودة إلى المربع الأول؟

مهما كانت أهمية التصورات الأممية لمهرجان الأحزاب القائم في الأردن، إلا أن الداخل اليمني لن ينظر إليها سوى باعتبارها خيبة أمل.

بالنسبة للمواطن اليمني، لا مانع لديه إن كانت الأحزاب والمكونات السياسية تجري فحوصات طبية في عمّان على نفقة الأمم المتحدة، أو تقوم برحلة سياحية تحت غطاء المفاوضات. لكن الدخول في مشاورات من القاع، يعني أن الأزمة ستُعمر سبع سنوات إضافية.

جميع الأحزاب اليمنية، والشخصيات التي تم استدعاؤها إلى الأردن، وستمكث هناك حتى مطلع شهر رمضان المقبل (إبريل/نيسان المقبل)، سبق للمبعوث أن التقى بها وجهاً لوجه، أو عبر دائرة تلفزيونية، واستمع منها إلى شرح حول التحديات التي تواجه اليمنيين على كافة المستويات، وكذلك تصوراتها لإحياء عملية السلام.

لم يستجدّ أي شيء. بل إن الأمور تزداد سوءا، إلا إذا كانت الأمم المتحدة تبحث عن تحديث لأسعار صرف العملة والسلع في مناطق سيطرة كل حزب ومكوّن، فهذا شيء آخر.

قال المبعوث الأممي إن الهدف من مشاورات الأردن يتمثل في تحديد أولويات عاجلة وطويلة الأجل للمسارات السياسية والأمنية والاقتصادية، من أجل إثراء إطار العمل، أو خريطة الطريق الأممية للحل. لكن مثل هذا الاستنتاج الخاطئ لن يقود سوى إلى توليفة مشوهة من المقترحات، ستصيب الأزمة بالجمود، أكثر مما هو حاصل الآن.

ما الفائدة من الاستماع للأحزاب والمكونات، أو الجماعات المسلحة، التي تحاول التحول إلى قوى سياسية، دون وجود قطبي الأزمة، الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين؟ أم أن البدء بالمكونات الثانوية يهدف للحصول على إجماع حول قضايا بقيت عُقدة في منشار الحل، مثل شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي ومخرجات مؤتمر الحوار.

كان على الأمم المتحدة، اختصار المشوار بدلاً من الدخول في متاهات ونبش ملفات مدفونة، ستكون نتيجتها مطالب فئوية لأطراف كل منها يريد الانقضاض على الآخر، مستغلة أن المشاورات مع المبعوث ثنائية.

طريق السلام في اليمن واضح ولا تخطئه العين. نقطة الانطلاق تبدأ من الرياض وأبوظبي وطهران ومسقط، وليس عبر مشاورات تمهيدية للفرق الصغيرة، يُعفى منها قطبا الأزمة، كما يفعل الاتحاد الدولي لكرة القدم مع البلدان المستضيفة للمونديال.

وبما أن صلف الحوثيين تجاه كل الحلول لا يزال سيد الموقف، فإن الأطراف الإقليمية التي تخوض حرباً بالوكالة، هي من تمتلك مفاتيح الحل، ومن بمقدورها إلزام أتباعها في الداخل بأي خريطة، حتى ولو كانت بعض البنود تقود إلى المشنقة.

لكن، يبدو أن الفتور الذي يضرب العلاقات الأميركية مع السعودية والإمارات، وضبابية المشهد مع إيران حتى اللحظة، سينعكسان بشدة على عملية السلام، ولن يجد اليمنيون في المستقبل القريب سوى عصف ذهني من الأمم المتحدة، وأزمات عاصفة تدفعهم إلى شفا المجاعة.

المساهمون