المغرب وإسبانيا يعززان التعاون الأمني

المغرب وإسبانيا يعززان التعاون الأمني

15 سبتمبر 2022
توالت زيارات المسؤولين الأمنيين من البلدين منذ عودة العلاقات إلى طبيعتها (فيسبوك)
+ الخط -

بحث كل من المغرب وإسبانيا، اليوم الخميس، تعزيز وتطوير التعاون الأمني، فضلاً عن مستوى الجاهزية والفعالية التي تتطلبها موجبات حماية الأمن المشترك في ظل التحديات الأمنية المتنامية والمستجدة على الصعيدين الدولي والإقليمي.

جاء ذلك خلال استقبال المدير العام للأمن الوطني المغربي ولمراقبة التراب الوطني (المخابرات الداخلية) عبد اللطيف حموشي، اليوم الخميس، لكاتبة الدولة مديرة المركز الوطني للاستخبارات بالمملكة الإسبانية إسبيرانزا كاستيليرو لمازاريس، في العاصمة الرباط.

وذكر بيان للمديرية العامة للأمن الوطني المغربي أنه جرى عقد اللقاء في إطار زيارة العمل التي تقوم بها كاتبة الدولة مديرة المركز الوطني الإسباني للاستخبارات إلى المملكة المغربية، على رأس وفد أمني رفيع المستوى، وذلك لدعم وتعزيز التعاون المغربي الإسباني في مختلف المجالات الأمنية التي تحظى بالاهتمام المشترك.

وقالت المديرية العامة للأمن الوطني إنّ اللقاء شكّل فرصة سانحة، استعرض فيه حموشي مع كاستيليرو لمازاريس مستويات وأشكال التعاون الأمني القائم حالياً بين المملكة المغربية ونظيرتها الإسبانية، والآليات الكفيلة بتطوير وتمتين هذا التعاون ليكون في مستوى الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وفي مستوى الجاهزية والفعالية التي تتطلبها موجبات حماية الأمن المشترك في ظل التحديات الأمنية المتنامية والمستجدة على الصعيدين الدولي والإقليمي.

وأوضحت أنّ اللقاء يترجم متانة وأهمية التعاون المغربي الإسباني في المجال الأمني والاستخباراتي، خصوصاً في ظل تسارع التحديات والمخاطر المتعلقة بمكافحة الإرهاب والتطرف والجريمة السيبرانية، ومختلف صور الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، بما فيها شبكات تنظيم الهجرة غير الشرعية والاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية.

وتأتي زيارة المسؤولة الإسبانية في سياق ما تعيشه العلاقات بين البلدين من توالي زيارات المسؤولين الأمنيين من البلدين، منذ عودة الدفء إلى علاقاتهما في مارس/ آذار الماضي، بعد إعلان إسبانيا دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية لتسوية النزاع في الصحراء، وتجاوز الأزمة غير المسبوقة التي اندلعت حين استقبلت مدريد في إبريل/نيسان 2021 زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي.

وبحسب الباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية محمد شقير، فإن التعاون الأمني بين الرباط ومدريد لم يتوقف رغم فترات التوتر السياسي التي مرت بها العلاقات بين البلدين في الأشهر الماضية.

ولفت شقير، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "باستثناء بعض التراخي من طرف الأجهزة الأمنية المغربية في احتواء بعض موجات الهجرة غير النظامية، بقي التعاون قائما خاصة في ما يتعلق بمواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة وتنسيق الأجهزة الأمنية الاستخباراتية في مواجهتها". 

وأضاف أنه بمجرد انتهاء فترة التوتر بعد تغيير الموقف الإسباني من قضية الصحراء، كان لافتا استئناف التعاون الأمني بشكل أكبر، سواء من خلال زيارة وزير الداخلية الإسباني إلى المغرب، أو من خلال الزيارة الحالية لكاتبة الدولة الإسبانية التي استقبلت من طرف المدير العام للأمن الوطني لاستعراض "كل سبل التعاون في ما يتعلق بمحاربة الثالوث الأمني المهدد للبلدين، وهي الهجرة السرية والجريمة المنظمة والإرهاب، وتحديد الآليات الموضوعة لاحتوائه".

ورأى شقير أن التعاون الأمني بين البلدين "اتخذ طابعا استراتيجيا بحكم مجموعة من العوامل، من أهمها الحدود المشتركة، وتواجد إسبانيا كبوابة خلفية للاتحاد الأوروبي، في حين يعتبر المغرب بوابة أمامية للدول الأفريقية".

وتوقع الباحث المغربي زيادة التعاون الأمني الاستراتيجي بين الرباط ومدريد جراء التهديدات الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، من هجرة مضاعفة، وجريمة منظمة تنشط في الاتجار بالبشر والمخدرات، إلى جانب نشاط التنظيمات الإرهابية.

ترتبط الرباط ومدريد باتفاقية تعاون في مجال مكافحة الجريمة، جرى توقيعها في 13 فبراير/ شباط  2019، تروم تطوير التعاون بين الجانبين في مجال مكافحة 18 نوعا من الأفعال الإجرامية، وعلى رأسها الإرهاب، والجرائم التي تمس حياة الناس وسلامتهم الجسدية، والاعتقال والاختطاف غير القانونيين.

كما تشمل الاتفاقية الأمنية الموقعة بين المغرب وإسبانيا الجرائم الواقعة على الممتلكات، والاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف (المواد الأولية اللازمة لتحضير بعض أنواع المخدرات أو المتفجرات)، والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، والاستغلال الجنسي للأطفال، ونشر مواد إباحية بمشاركة قاصرين وإنتاجها أو توزيعها أو حيازتها.

ومن بين أهم الملفات الحساسة التي تستأثر باهتمام المغرب وإسبانيا في مجال التعاون الأمني الإرهاب والهجرة غير النظامية، نظراً لأهمية حماية الحدود ومنع انتشار مختلف الأنشطة المتطرفة والإجرامية.

وبدا لافتاً خلال الأشهر الماضية، من خلال الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، التركيز على توحيد الجهود لمواجهات التحديات الأمنية التي تواجههما في سياق إقليمي متقلب ومتحول. 

وعلى امتداد السنوات الماضية، تمكن المغرب وإسبانيا من تفكيك عدد من الخلايا الناشطة في البلدين بطريقة منسقة ومتزامنة، بفضل تعاونهما المكثف وتبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية، لا سيما في مجال محاربة شبكات استقطاب مقاتلين لمصلحة المجموعات المتشددة.

وبالوقت الذي تصف فيه الرباط ومدريد تعاونهما بـ"المستوى العالي والنموذجي"، وتقولان إنّ شراكتهما الأمنية "مبنية على المسؤولية المشتركة والثقة المتبادلة"، تكشف الأرقام أن التعاون الأمني والاستخباري مكن البلدين من تنفيذ أكثر من 21 عملية مشتركة في مجال مكافحة الإرهاب منذ عام 2014.