المدافعون الأوكرانيون عن ماريوبول يتحدون الإنذار الروسي

المدافعون الأوكرانيون عن ماريوبول يتحدون الإنذار الروسي بـ"الاستسلام أو الموت"

18 ابريل 2022
يتيح الاستيلاء على ماريوبول لروسيا تأمين ممر بري إلى شبه جزيرة القرم (ليون كلاين/الأناضول)
+ الخط -


تجاهل المقاتلون الأوكرانيون، المتحصنون في مصنع للصلب في آخر جيب معروف للمقاومة داخل مدينة ماريوبول، إنذاراً بالاستسلام أو الموت من الروس، أمس الأحد، وصمدوا أمام الاستيلاء الاستراتيجي على الميناء الأوكراني الحيوي.

سيكون سقوط ماريوبول، الواقعة تحت حصار مستمر منذ 7 أسابيع حوّل جزءا كبيرا من المدينة إلى خراب، أكبر انتصار لموسكو في الحرب حتى الآن، تمهيدا للسيطرة على شرق أوكرانيا الصناعي.

مع استمرار سقوط صواريخها وقذائفها على أجزاء أخرى من البلاد، قدّرت روسيا أن هناك نحو 2500 جندي أوكراني وحوالي 400 ممن وصفتهم بـ"المرتزقة الأجانب" يتحصنون في مصنع آزوفستال للصلب الضخم، الذي يغطي أكثر من 11 كيلومترًا مربعًا، ومليء بالأنفاق.

منحت موسكو هؤلاء مهلة حتى منتصف النهار للاستسلام، قائلة إن أولئك الذين يلقون أسلحتهم "يضمنون الحفاظ على حياتهم". رفض المقاتلون الأوكرانيون تلك المهلة كما فعلوا مع الإنذارات السابقة.

تعهد رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال في برنامج "هذا الأسبوع" على قناة آي بي سي بالقتال حتى النهاية لكسب الحرب، وقال إن أوكرانيا مستعدة لإنهاء الحرب من خلال الدبلوماسية إن أمكن، "لكن ليست لدينا نية للاستسلام".

وفي حال سقطت ماريوبول، فمن المتوقع أن تنضم القوات الروسية هناك إلى هجوم شامل في الأيام المقبلة للسيطرة على دونباس، المنطقة الصناعية الشرقية التي ينوي الكرملين الاستيلاء عليها بعد الفشل في السيطرة على كييف، العاصمة الأوكرانية.

حصار مدمّر

أدى القصف المتواصل والقتال في الشوارع في ماريوبول إلى مقتل ما لا يقل عن 21000 شخص، حسب تقديرات الأوكرانيين. أصيب مستشفى ولادة بضربة جوية روسية مميتة في الأسابيع الأولى من الحرب، وأفادت التقارير عن مقتل حوالي 300 شخص في قصف مسرح كان يحتمي فيه مدنيون.

بقي ما يقدر بنحو 100.000 في المدينة من بين 450.000 من سكانها قبل الحرب، محاصرين من دون طعام أو ماء أو تدفئة أو كهرباء في حصار جعل ماريوبول مسرحًا لنوع من المعاناة هي الأسوأ في الحرب.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، الميجر جنرال إيغور كوناشينكوف، في إعلان الإنذار الأخير: "سيتم تدمير كل من سيواصل المقاومة".

وصف نائب وزير الدفاع الأوكراني حنا ماليار مدينة ماريوبول بأنها "درع تدافع عن أوكرانيا"، بينما تستعد القوات الروسية للمعركة في دونباس، التي يتحدث أغلب سكانها اللغة الروسية، ويسيطر الانفصاليون الذين تدعمهم موسكو بالفعل على بعض الأراضي.

في غضون ذلك، شنت القوات الروسية هجمات جوية بالقرب من كييف وأماكن أخرى في محاولة واضحة لإضعاف القدرة العسكرية لأوكرانيا قبل الهجوم المتوقع.

ثمن موسكفا 

بعد الغرق المهين للسفينة الرئيسية للأسطول الروسي في البحر الأسود، الطراد موسفكا، الأسبوع الماضي، تفاخر الأوكرانيون بهجومهم الصاروخي الذي استهدف السفينة، وتعهد الكرملين بتصعيد الضربات على العاصمة.

قالت روسيا يوم الأحد إنها هاجمت مصنع ذخيرة بالقرب من كييف خلال الليل بصواريخ دقيقة التوجيه، في ثالث هجوم من نوعه خلال أيام عديدة.

ووردت أنباء أيضا عن انفجارات ليلا في كراماتورسك بشرق المدينة، حيث قتلت صواريخ في وقت سابق هذا الشهر 57 شخصا على الأقل في محطة قطار مكتظة بالمدنيين حاولوا الإخلاء قبل الهجوم الروسي.

قال مسؤول إقليمي في شرق أوكرانيا، إن شخصين على الأقل قتلا عندما أطلقت القوات الروسية النار على مبان سكنية في بلدة زولوتي، بالقرب من خط الجبهة في دونباس.

قال مسؤولون إقليميون، إن خمسة أشخاص على الأقل قتلوا في قصف روسي على خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، أمس الأحد. واصطدمت القذائف الصاروخية بالمباني السكنية، وتناثر الزجاج المكسور وأنقاض أخرى في الشوارع، بما في ذلك جزء من صاروخ واحد على الأقل.

انتقد رئيس بلدية خاركيف إيغور تيريخوف، في خطاب حماسي بمناسبة أحد الشعانين الأرثوذكس، القوات الروسية لعدم تخليها عن حملة القصف في مثل هذا "اليوم المقدس".

قالت روسيا أيضًا إن قواتها أسقطت طائرتين مقاتلتين أوكرانيتين من طراز ميغ-29 في منطقة خاركيف، ودمرت موقعين للقيادة الأوكرانية ونظام رادار إس 300.

قال نائب وزير الدفاع الأوكراني، إن الروس استمروا في ضرب ماريوبول بضربات جوية ويمكن أن يستعدوا لهبوط برمائي لتعزيز قواتهم البرية.

ماريوبول والاجتياح شرقا

يسمح الاستيلاء على المدينة الجنوبية المطلة على بحر آزوف لروسيا بتأمين ممر بري بالكامل إلى شبه جزيرة القرم، التي استولت عليها من أوكرانيا في عام 2014، وستحرم أوكرانيا من ميناء رئيسي وأصولها الصناعية الثمينة.

الهجوم الذي يلوح في الأفق في الشرق، إذا نجح، سيمنح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جزءًا حيويًا من البلاد، ونصرًا في أمسّ الحاجة إليه، يمكن أن يبيعه للشعب الروسي وسط الخسائر المتزايدة في الحرب، والصعوبات الاقتصادية الناجمة عن عقوبات الغرب.

قال المستشار النمساوي كارل نيهامر، الذي التقى بوتين في موسكو هذا الأسبوع، وهو أول زعيم أوروبي يفعل ذلك منذ الغزو في 24 فبراير/شباط، إن الرئيس الروسي "يتبع منطق الحرب الخاص به" بشأن أوكرانيا.

في مقابلة مع برنامج "Meet the Press" على قناة إن بي سي، قال نيهامر إن بوتين يعتقد أنه ينتصر في الحرب، و "علينا أن ننظر في عينيه وعلينا مواجهته بذلك؛ ما نراه في أوكرانيا".

دون الإشارة صراحةً إلى قرار بوتين بالغزو، وجّه البابا فرانسيس نداءً حزينًا بمناسبة عيد الفصح من أجل السلام في أوكرانيا، مستنكرًا "هذه الحرب الوحشية والعبثية التي جرَّت إليها".

(أسوشييتد برس)