العراق: حلفاء إيران يستأنفون حملتهم ضد أنبوب البصرة العقبة

العراق: حلفاء إيران يستأنفون حملتهم ضد أنبوب البصرة العقبة

30 يناير 2023
الصفدي والمالكي، يناير 2023 (صفحة البرلمان الأردني على فيسبوك)
+ الخط -


عادت القوى السياسية والفصائل المسلحة المعروفة بقربها من إيران في العراق، إلى التصعيد مجدداً ضد مشروع أنبوب النفط العراقي إلى الأردن والمعروف بأنبوب البصرة - العقبة. وجاء التصعيد بعد نحو أسبوعين من زيارة لرئيس البرلمان الأردني أحمد الصفدي على رأس وفد حكومي وبرلماني كبير إلى بغداد، جرى خلالها بحث آلية تنفيذ المشروع مع المسؤولين العراقيين.

وزار وفد أردني رفيع يتقدمه رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، وعدد من رؤساء الكتل البرلمانية أبرزهم أيمن المجالي، ومجحم الصقور، وورئيس كتلة القرار ميرزا بولاد، إلى جانب مسؤولين حكوميين ومستشارين في الديوان الملكي الأردني ومسؤولين أمنيين، في العاشر من يناير/ كانون الثاني الحالي، العراق.

واجتمع الوفد مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ورئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس المجلس القضائي الأعلى فائق زيدان، ورئيس تحالف "السيادة" خميس خنجر، ورئيس "تيار الحكمة" عمار الحكيم، ورئيس "المجلس الأعلى الإسلامي" همام باقر حمودي، ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي. كما عقد الوفد لقاءات مع زعماء أجنحة وفصائل مسلحة، أبرزهم، زعيم مليشيا "بابليون" ريان الكلداني، ومليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، ورئيس منظمة "بدر" هادي العامري.

وعقب ذلك، أصدر القيادي بمليشيا "النجباء"، ورئيس "المجلس السياسي" للجماعة، علي الأسدي، يوم الجمعة الماضي، بياناً هاجم فيه موافقة بعض "الشخصيات السياسية الشيعية" على مد الأنبوب. وأشار إلى أن "تخاذلهم أمام المال والمصالح لن يجعلهم إلا في تصنيف واحد من الأعداء". كما أكد أنه ينبغي "على الأردنيين أن يعلموا أن معركتهم خاسرة ومحكوم عليها بالفشل، أنبوب (البصرة - العقبة) لن يكون، وإذا أرادوا فليجربوا ليروا بأم أعينهم ما سيحل بهم وبمن يعينهم على ذلك".

ولم تعلّق حكومة السوداني على هذا البيان الذي يأتي بعد أن تعهد رئيس الحكومة العراقي في وقت سابق خلال قمة الأردن التي جمعته مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني عبد الله الثاني بالمضي بتنفيذ كل الاتفاقات بين البلدان الثلاثة. ومن بين هذه الاتفاقات أنبوب النفط الذي يسعى الأردن من خلاله كدولة عبور للحصول على حصة للاستهلاك المحلي.

مشروع أنبوب البصرة – العقبة

وأعلنت وزارة النفط العراقية، في إبريل/ نيسان 2022 أن تكلفة خط أنابيب البصرة - العقبة تبلغ 8.5 مليارات دولار. كما أشارت إلى أن "إنشاء الخط لقي تأييد جميع الحكومات وأن تصاميمه مكتملة منذ 2015". وأكدت على أن المشروع يستهدف تصدير مليون برميل من النفط العراقي الخام باتجاه ميناء العقبة الأردني على البحر الأحمر، في محاولة لتنويع العراق منافذ التصدير الحالية لديه، غير موانئ البصرة على مياه الخليج، والأنبوب العراقي الواصل إلى ميناء جيهان التركي.

ويتضمن المشروع مد أنبوب بطول 1665 كيلومتراً، من حقول البصرة أقصى جنوبي العراق، إلى ميناء العقبة الأردني، وبطاقة تصدير أولية تبلغ مليون برميل يومياً. كما يمنح العراق الجانب الأردني حق شراء 150 ألف برميل يومياً بسعر مخفض عن الأسعار العالمية للنفط. وتقدر كلفة بناء الأنبوب بنحو 8.5 مليارات دولار، تقع أغلبها على الشركة التي ستقوم باستثماره.

تبريرات لرفض مشروع أنبوب البصرة – العقبة

من جهته، تحدث النائب في البرلمان عن قوى "الإطار التنسيقي"، مصطفى سند، في تصريح تلفزيوني، عن فحوى لقائه بأعضاء الوفد الأردني الذي زار بغداد أخيراً بينهم رئيس البرلمان الأردني وعدد من مستشاري الديوان الملكي الأردني وضباط بجهاز المخابرات، وفقاً لقوله. ولفت إلى أنه أخبرهم بـ"رفض هذا المشروع، والذين وافقوا على المشروع ينطبق عليهم مثل (وهب الأمير ما لا يملك)".  

ونقل سند عن الجانب الأردني قولهم إنهم "محتاجون لمد الأنبوب، وسنأخذ فقط 200 ألف برميل، والباقي أنتم تبيعونه".

اللامي: المشروع يهدف لسحب العراق نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني

وتعليقاً على التصعيد الرافض للمضي بالمشروع، أشار القيادي بمليشيا "النجباء"، حيدر اللامي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "المشروع يهدف لسحب العراق نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني وهذا ما لن نسمح به إطلاقاً".

ولفت إلى أن "المشروع لن يخدم العراق، وسيكون بوابة لوصول النفط العراقي إلى إسرائيل، وهذا باب من أبواب التطبيع، ولهذا سوف تتصدى القوى الوطنية السياسية والشعبية له ولن تسمح به". كما تحدث عن قرار من الفصائل المسلحة الأخرى لرفض المشروع.

خلاف داخل الإطار التنسيقي حول الأنبوب العراقي - الأردني

من جهته، أكد مسؤول عراقي رفيع في وزارة النفط ببغداد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "خط أنبوب البصرة العقبة، أحد المشاريع العراقية المقرة منذ زمن حكومة المالكي عام 2013، ضمن دراسة واسعة أكدت ضرورة إيجاد العراق منفذا آخر لتصدير النفط بعيداً عن مياه الخليج، تحسباً لأي نزاع غربي إيراني". ولفت إلى أن "الأوضاع في سورية تجعل من المستحيل تمرير الأنبوب إلى ميناء بانياس السوري، لذا فإن الأردن هو الخيار الأفضل".

كما اعتبر المسؤول أن "تبريرات وحجج الفصائل المسلحة بشأن الأنبوب النفطي غير واقعية لأن العراق هو من يبيع نفطه عبر تعاقدات كما يحصل في ميناء جيهان التركي وموانئ البصرة العائمة، وليس الأردن".

من ناحيته، شدد نائب في البرلمان، طلب عدم الكشف عن اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أن "تصعيد الفصائل المسلحة ضد الأنبوب جاء بعد زيارة مسؤول فيلق القدس إسماعيل قاآني إلى بغداد ولقائه بعدد من قادة تلك الفصائل والكتل السياسية، وتسربت معلومات بشأن تحفظ إيران على الخطوة".

وأكد أن "السوداني يتجه للمضي بالتفاهمات مع عمّان، لكن الرفض الأكبر يتمثل بقادة قوى داخل الإطار التنسيقي، أبرزهم المالكي والخزعلي، إلى جانب تهديدات مبطنة لفصائل مسلحة باستهداف الأنبوب في حال البدء ببنائه". كما اعتبر أن "الأنبوب العراقي الأردني بات أحد الملفات الخلافية الداخلية بين أطراف في الإطار التنسيقي والسوداني".

وعما إذا كان سيؤدي هذا الرفض إلى عرقلة انطلاق تنفيذ المشروع مجدداً، أكد النائب أن ذلك "أمر وارد خاصة بوجود تلويح بالعنف من قبل جماعات مسلحة حليفة لإيران ضده".

من جانبه، أشار النائب في البرلمان عن "عصائب أهل الحق"، حسن سالم، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "المشروع عليه اعتراض سياسي كبير، ولدينا خشية من ذهاب النفط العراقي إلى الكيان الصهيوني عبر هذا الأنبوب، وهذا ما لا يمكن القبول به".

بدوره، لفت الخبير في الشأن السياسي العراقي أحمد الشريفي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إلى أن "عودة تصعيد بعض الأطراف السياسية والمسلحة ضد مشروع أنبوب البصرة – العقبة، ليست الأولى من نوعها، وتنطلق مع كل تحرك أردني نحو تنفيذ هذا المشروع مع أي حكومة عراقية".

وبيّن الشريفي أن "الاعتراض غير مبني على أسس اقتصادية، وإنما على دوافع سياسية". ولفت إلى وجود "من يعتبر أن هذا المشروع سيكون له أضرار اقتصادية كبيرة على إيران". كما أكد أن هذا السبب يدفع بعض الأطراف للاعتراض على المشروع ومهاجمته واعتباره بوابة للتطبيع مع إسرائيل، "رغم أن النفط العراقي يصل بشكل برّي وطبيعي للأردن، والعراق لا يعرف أين يذهب نفطه بعد وصوله للأردن".

الشريفي: الاعتراض غير مبني على أسس اقتصادية

كما شدد على أن "الأردن مهم جداً بالنسبة للعراق، ولهذا السبب فإن أي حكومة عراقية تريد تقوية العلاقات مع عمّان، وبغداد تدرك أهمية مشروع أنبوب البصرة – العقبة النفطي على المستوى الاقتصادي وحتى السياسي".

ولفت إلى أنه يعتقد أن "السوداني وحكومته سوف يمضيان بهذا المشروع رغم التهديد والاعتراض عليه من قبل أطراف سياسية ومسلحة، فرئيس الحكومة سيجيد التعامل مع هذه التهديدات، خصوصاً لقربه من تلك الأطراف".

المساهمون