العراق... تكثيف لمآس عربية

العراق... تكثيف لمآس عربية

16 يوليو 2021
حريق مستشفى الحسين في العراق (فرانس برس)
+ الخط -

لسنوات قدّم النظام الرسمي العربي العراق كفزاعة للجم مطالب الحرية والكرامة والعدالة. لم يحتج المستوى السياسي الحزبي العراقي على ذلك الاستخدام، وكأن الإنسان العربي أمام توافق ضمني على المفاضلة بين نموذجي: القهر باسم "الأمن والأمان"، والمواطنة بمعناها الحقيقي. مأساة مستشفى الحسين بالجنوب العراقي أخيراً، وقبلها في إبريل/نيسان الماضي في مستشفى ابن الخطيب بالعاصمة بغداد، مؤشر إلى المستوى الذي تتعايش فيه دولنا مع تكرار الفواجع، وترقيم المواطن، وتهافت الجميع، في العراق وفي لبنان، عبر "أفرقاء المنظومة"، لفرك الملح في الجراح، مع وعد المتحالفين في السلطة تحقيق العدالة للضحايا بأنفسهم.
وعلى الرغم من قدرة الناس في التعبير عن غضبهم وربما قرفهم من الاستغلال الحزبي لمآسيهم إلى حد ما، في الحالتين العراقية واللبنانية، إلا أن ذلك ليس جزءاً من مقاصد "الحكم الرشيد"، كما أن صناديق الاقتراع ليست كل القصة. في مانيفست "إعلان البراءة" يتوعد الجميع بـ"قطع رأس الفساد"، والتصدي للنخر الطائفي، والعصبيات التي ترى المواطنين قطعاناً تُساق حيثما يريد "البيك" و"الزعيم" و"القائد". بالتالي يحتار قرّاء المآسي في تفسير الجرأة العجيبة على استغفال ألف باء مكافحة الفساد ووقف هدر الأموال وإفراغ جيوب الناس، لمزيد من شد العصب واستلاب العقل الجمعي لـ"الجماعة"، بحجة ما يسمى "منعطفاً خطيراً وتاريخياً". فمئات المليارات تتبخر في العالم العربي، ويُرد الفساد وكوارث تردي البنى التحتية للدول إلى المؤامرات الخارجية، وإن في نسخة دمشق "مؤامرة كونية"، حتى لا يعتب أحد.

ويبدو الجامع بين فواجع احتراق الناس في العراق وتحت ركام وشظايا الانفجار في بيروت والغرق بحثاً عن هجرة، وتعذيبا في الزنازين والمستشفيات وتحت أنقاض قصف المدن في سورية، وتحت القطارات في أخرى، أن كل أصحاب بيانات البراءة غير مكترثين بنتائج تحويل الأوطان إلى مسارح جرائم، وحماية مشتبهين بـ"الحصانة" و"العصبية".
وبعيداً عن تفسير وقائع الجوع، بمعناه الحرفي في "سورية الأسد" وضياع مقومات الأوطان، بكل ما تظهره مآسي البحث عن أوطان بديلة، كلاجئين مُهرّبين عبر الحدود، فإن محصلة هذا المشهد العربي الكارثي تنذر بتزايد مسببات انفجار الشارع في عام 2011، بل باتت أوسع وأعمق، وربما أعنف.