دعا رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، الأطراف السياسية الى التهدئة والتوجه نحو حوار وطني لوضع خارطة طريق لحلّ أزمة التصعيد التي يشهدها العراق، مشدداً على المتظاهرين بالتعاون مع القوات الأمنية، واحترام مؤسسات الدولة، وإخلائها، والالتزام بالنظام العام.
دعوة الكاظمي للحوار هي الثانية له خلال 48 ساعة، بموازاة دعوات مماثلة أطلقت من داخل قيادات في "الإطار التنسيقي" وأطراف سياسية أخرى، في محاولة لخفض التصعيد بين طرفي الصراع "التيار الصدري والإطار التنسيقي"، والذي بلغ ذروته اليوم، بعد تظاهرات أتباع الأخير أمام بوابة المنطقة الخضراء وسط بغداد، بموازاة اعتصام أنصار الصدر المتواصل لليوم الثالث على التوالي داخل مبنى البرلمان.
الكاظمي قال في كلمة وجهها إلى الشعب والقادة العراقيين والقوات الأمنية والمتظاهرين، إن "البلاد تشهد احتقاناً سياسياً كبيراً قد ينذر -لا سمح الله إذا لم يتدخل العقلاء- بعواقب وخيمة"، مضيفاً "بينما أخذنا جميع الإجراءات، والتدابير اللازمة لضبط الوضع، والحفاظ على الأمن، ومنع هدر الدم العراقي، ندعو جميع الأطراف إلى التهدئة، وخفض التصعيد؛ للبدء بمبادرة للحل على أسس وطنيّة".
ودعا الجميع إلى "عدم الانسياق نحو الاتهامات، ولغة التخوين، ونصب العداء والكراهية بين الإخوان في الوطن الواحد، والجلوس على طاولة حوار وطني؛ للوصول إلى حلّ سياسي للأزمة الحالية، تحت سقف التآزر العراقي، وآليات الحوار الوطني"، مؤكداً "أقول للمتظاهرين إن رسالتكم واضحة، والتزامكم بالهدوء والتنظيم واجب، ومحط تقدير؛ وقد حان الوقت الآن للبحث في آليات إطلاق مشروع إصلاحي يتّفق عليه مختلف الأطراف الوطنية، وأنا على يقين بأنّ في العراق ما يكفي من العقلانية، والشجاعة؛ للمضي بمشروع وطني يخرج البلد من أزمته الحالية".
وشدد "يجب على القوى السياسية أن تتحمل مسؤوليتها الوطنية والقانونية، فحكومة تصريف الأعمال قامت بكل واجباتها رغم تجاوزها السقف الزمني الذي رسمته التوقيتات الدستورية لتشكيل حكومة جديدة، مما يعد خرقاً دستورياً، ومع كلّ ذلك فنحن كنّا وما زلنا على استعداد لتقديم كلّ المساعدة، للوصول إلى صيغة حلّ مرضية للجميع، وبما يحفظ السلم الاجتماعي، واستقرار مؤسسات الدولة ومصالح الناس".
وأضاف "من هذا المنطلق وحرصاً على الدولة ومؤسساتها، وحقناً للدم العراقي، واحتراماً لقدسية هذه الأيام، أدعو جميع الأطراف إلى تبني أجواء التهدئة، ودعم مؤسسات الدولة"، مؤكداً أن على "المتظاهرين التعاون مع القوات الأمنية، واحترام مؤسسات الدولة، وإخلاءها، والالتزام بالنظام العام".
وأضاف "على القوات الأمنية الدفاع عن الممتلكات العامة والخاصة، والمؤسسات الرسمية، ومنع أي اعتداء عليها بكلّ الطرق القانونية"، داعياً الى "حوار وطني عبر تشكيل لجنة تضمّ ممثلين عن كلّ الأطراف لوضع خارطة طريق للحلّ".
في الأثناء، أعلن زعيم تحالف النصر (جزء من الإطار التنسيقي) حيدر العبادي، تأييده لمضامين دعوة الكاظمي، وقال في تغريدة له، "أعلن تأييد مضامين بيان رئيس الوزراء الخاص بالأزمة الحالية، وهي تلتقي مع مبادرتنا ودعواتنا للحوار والاتفاق على خارطة حل للأزمة الراهنة"، داعياً، الأطراف كافة الى "الاستجابة لها، والبدء بحوارات جادة وصادقة خدمة للشعب والدولة".
يجري ذلك بالتوازي مع توجه لأطراف دينية في مدينة النجف، جنوبي العراق، للبدء بوساطة تهدئة تهدف إلى وقف التصعيد والحرب الإعلامية بين التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، و"الإطار التنسيقي"، المظلة الجامعة للقوى السياسية والمسلحة الحليفة لإيران، وفقاً لما أكدته مصادر مقربة من مراجع دينية في المدينة لـ"العربي الجديد".
في غضون ذلك، دعا "الإطار التنسيقي" أنصاره إلى "الاستعداد والجهوزية للدفاع عن الدولة والدستور والنظام متى ما دعت الضرورة لذلك"، معبراً في بيان، عن شكره لـ"لالتزامهم بتوجيهات اللجنة التنظيمية خلال تظاهرات اليوم".
وتزداد الأوضاع السياسية في البلاد تأزماً مع دخول عدد من العشائر العربية الكبيرة في الجنوب والوسط العراقي على خط الأزمة، بإعلانها تأييد حراك التيار الصدري الحالي، والذي وصفته عشائر، مثل بني سعد وبني كعب وبني خالد وأجزاء من شمر والبو دراج وكنانة، في بيانات متعاقبة لمشايخها، بأنه "انتفاضة إصلاحية".
ويعود قرب تلك العشائر من التيار الصدري إلى أسباب عدة، أبرزها رمزية المرجع محمد الصدر والد مقتدى الصدر، وتبني الأخير شعارات وطنية رافضة التدخل الإيراني بالشأن العراقي.
في المقابل، يهدد إعلان فصائل مسلحة موالية لإيران، أبرزها مليشيا كتائب الإمام علي بزعامة شبل الزيدي المشاركة في تظاهرات تحالف "الإطار التنسيقي"، بمزيد من تأزم الموقف الميداني في الشارع العراقي.