السيسي ينوي حضور جمعية الأمم المتحدة: جدول أعمال أولي

السيسي ينوي حضور جمعية الأمم المتحدة: جدول أعمال أولي

08 اغسطس 2021
السيسي أثناء مشاركته في اجتماعات الأمم المتحدة عام 2018 (ستيفاني كيث/Getty)
+ الخط -

مع تزايد احتمالات عقد الجمعية العامة للأمم المتحدة حضورياً في نيويورك في سبتمبر/أيلول المقبل، تستعدّ مصر لإرسال وفد مصغّر بقيادة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي يرافقه وزير الخارجية ورئيس المخابرات العامة عباس كامل وعدد محدود من المساعدين والمسؤولين. وتجري حالياً اتصالات في هذا الشأن بين وزارة الخارجية والمنظمة الأممية، للتعرف على الشروط التي سيتم وضعها لحضور الوفود، والتي بدأت الأمانة العامة في وضعها منذ شهرين. وتتضمن الشروط تحديد عدد معين لأعضاء الوفود واشتراطات صحية معينة تتعلق بتلقي لقاحات فيروس كورونا، في ظل سماح الولايات المتحدة بوصول الأجانب إلى أراضيها وتخفيف قيود السفر والحركة. وحول الاستعدادات المصرية، تكشف مصادر دبلوماسية لـ"العربي الجديد"، أن السيسي يخطط لحضور اجتماعات الجمعية لعدة أهداف، أبرزها تنظيم لقاءات مع عدد من المسؤولين الأميركيين ورجال السياسة والأعمال على هامش الزيارة، والتعرف عن قرب على أجواء الدوائر السياسية الجديدة في واشنطن ونيويورك. وهي دوائر يسيطر عليها الحزب الديمقراطي بمختلف أجنحته، وتحمل رؤى متباينة تجاه السياسات المصرية وشخص السيسي.

يرغب السيسي في التعرّف على أجواء الدوائر الجديدة في الولايات المتحدة

وتتحدث المصادر عن اهتمام النظام بإتمام هذه الزيارة بصورة جيدة، على أن تشمل لقاءات عديدة مع شخصيات أميركية مؤثرة داخل البيت الأبيض وخارجه. وتأتي هذه التطورات بعد فشل تطبيق المقترحات المصرية لجهة تبادل الزيارات بين القاهرة وواشنطن على مستوى النواب والمسؤولين التنفيذيين لأسباب عدة، رغم أن مدير المخابرات العامة اللواء عباس كامل ناقشها في زيارته الأخيرة إلى واشنطن، في يونيو/حزيران الماضي.

وتتطرّق المصادر للتحضيرات، بالإشارة إلى أن السفارة المصرية في واشنطن والوفد المصري في نيويورك وشركة "براونستين هيات فاربر" المتعاقدة مع المخابرات المصرية، باشروا اتصالاتهم ومقابلاتهم لإعداد جدول أعمال مكثف للسيسي ووزير الخارجية سامح شكري. وعن الاستعدادات الداخلية لمثل هذه الزيارة، التي ستكتسب أهمية مضاعفة إذا التقى السيسي الرئيس الأميركي جو بايدن أو نائبته كامالا هاريس، توضح المصادر أن النظام يحضر لعدة خطوات، من المقرر أن يتم اتخاذها خلال شهر أغسطس/آب الحالي ومطلع شهر سبتمبر المقبل، لإشعار الإدارة الأميركية بحدوث تغيير حقيقي في التعامل المصري مع ملف حقوق الإنسان، لكن ما زالت مواعيد اتخاذها معلقة بقرار من السيسي.

وعلى رأس هذه الخطوات إعلان الاستراتيجية الجديدة لحقوق الإنسان، والتي سبق أن قال عنها مصدر أمني لـ"العربي الجديد" أخيراً، إن السلطات لا تربط البتة بين تحسين أوضاع المعتقلين ووقف التلاعب بمصائرهم والإعلان المخطط له عن تلك الاستراتيجية. ويدلّ هذا الأمر على أن السلطات المصرية تتعامل مع هذه الاستراتيجية كخطوة دعائية، أكثر من كونها رغبة حقيقية لبدء مرحلة جديدة وتصالحية مع المجتمع المدني والحقوقي، وتخفيف معاناة المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي وغيرهم من الفئات الأكثر معاناة في مصر منذ 8 سنوات.

وتتمثل الخطوة الثانية في الإفراج عن عدد من المعتقلين المهمين للولايات المتحدة تحديداً، من الأميركيين ذوي الأصول المصرية والدارسين في الولايات المتحدة، والسماح بسفر بعضهم، أو تخفيف التدابير المتخذة إزاء البعض الآخر. وتضمّ هذه المجموعة المهمة لواشنطن أكثر من 30 معتقلاً أو ممنوعاً من السفر، بحسب المصادر الدبلوماسية، علماً بأن الفترة الأخيرة شهدت حراكاً محدوداً في هذا الملف، مثل رفع اسم المواطن المصري الأميركي خالد إبراهيم إسماعيل حسن من قائمة الإرهاب، وهو متهم في قضية "ولاية سيناء الثانية"، وسبق أن تحدثت بشأنه الخارجية الأميركية عام 2018.

وتتعلق الخطوة الثالثة بإغلاق قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني، رقم 173 لسنة 2011، والتي شهدت أخيراً عدة مستجدات إيجابية، منها استدعاء عدد من الحقوقيين، الممنوعين من السفر ومن التصرف في أموالهم منذ نحو خمس سنوات، إلى التحقيق وصرفهم من دون كفالة أو حبس. وعلى الرغم من توجيه نفس الاتهامات القديمة لهم كما ذكرتها التحريات الأمنية والاستخباراتية لدى فتح القضية في عام 2016، توقعت جهات حقوقية وقانونية إصدار مجموعة جديدة من القرارات لا تؤدي إلى رفع دعاوى جنائية ضد هؤلاء الحقوقيين، بل على الأقل تخفيف التدابير الموقعة على بعضهم.

تُحضّر مصر لخطوات عدة لكسب الإدارة الأميركية إلى جانبها

وترتبط رغبة النظام بتحسين صورته في الخارج هذا العام، عبر إصدار قرارات صورية بإخراج منظمات لا تمارس نشاطاً ولا عملاً حقوقياً في الأساس من قائمة الاتهام في قضية التمويل الأجنبي، وذلك قبل وبعد الهجوم الذي شنته 31 دولة على السياسات المصرية في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في مارس/آذار الماضي. وركّز الهجوم في حينه بشكل تفصيلي على أوضاع المعتقلين، وتدوير المحبوسين، وتجاوز فترات الحبس الاحتياطي، والإفراط في استخدام قانون "الكيانات الإرهابية" للإدراج على قوائم الإرهاب، والمنع من السفر والتصرف في الأموال، والانتقادات الموجهة لقانون "العمل الأهلي" الجديد. وتلا ذلك إصدار قرارات عفو شملت سجناء جنائيين عاديين واستثنت السياسيين، واقتصار إخلاء السبيل بالنسبة للمعتقلين والمحبوسين احتياطياً على الصحافيين وعدد محدود من النشطاء الحقوقيين.

وترى المصادر أن مستجدات قضية التمويل الأجنبي مرتبطة أيضاً بتحذيرات تلقتها مصر في إبريل/نيسان الماضي، بعد إخراج عدد كبير من المنظمات غير العاملة من القضية. ويُعدّ هذا التصرّف بمثابة محاولة مصرية للالتفاف على المطالبات الغربية وإسكاتها، في ظلّ تصوّر غير صائب بأن مثل هذه القرارات ستكون كافية لإعادة ضخ المساعدات الأوروبية إلى مجالات العمل الأهلي، كما كان الوضع قبل عام 2011، عندما فتحت هذه القضية من المخابرات العامة بمساعدة الأمن الوطني، بهدف السيطرة على المنظمات الحقوقية في الفترة التالية لأحداث ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

بالتالي، فإن القائمة عكست، بحسب رؤية مصادر أوروبية سبق أن تحدثت لـ"العربي الجديد"، عن حجم التحكم الأمني في مصير باقي المنظمات الفاعلة على الأرض، وإصرار الدولة على قمعها. وهو ما لا يسمح للدول الأوروبية بالتوسع في توجيه مساعداتها في مجالات الأنشطة الإنسانية والحقوقية والتثقيفية إلى مصر، من خلال جمعيات بديلة موالية للسلطة تحاول الدولة فرضها حالياً، في ظل اللائحة التنفيذية لقانون "العمل الأهلي"، المشوبة بعيوب عديدة وعقبات تعرقل تسهيل التمويل وتلغي بعض الأنشطة.

تقارير عربية
التحديثات الحية

المساهمون