يتحضّر السوريون لاستقبال شهر رمضان، وسط مزيد من التدهور في أوضاعهم المعيشية، إذ تعصف بهم الأزمات مع فقدان الكثير من السلع الأساسية، وانعدام الكثير من الخدمات في معظم مناطق البلاد، وذلك في ظل انسداد كل الآفاق أمام أي حل سياسي قد يشكّل لهم بارقة أمل في عيش يضمن لهم الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة. هذا في الوقت الذي يتحضّر فيه النظام لفرض بشار الأسد رئيساً لسبع سنوات إضافية، ضمن مسرحية انتخابات رئاسية يزمع إقامتها منتصف العام الحالي.
وعلى الرغم من سوء أوضاع السوريين طوال السنوات العشر الماضية، إلا أن شهر رمضان هذه السنة يبدو الأشد سوءاً على جميع المستويات، فمفاعيل العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام بدأت تؤثر بشكل مباشر على المواطنين في مناطق سيطرته، فيما يعمل النظام على تخدير المواطنين بالوعود والبطاقات الذكية التي تحدد عدد أرغفة الخبز التي على المواطن تناولها بشكل يومي كي يبقى على قيد الحياة. أما السلطات التنفيذية فلا تنفذ أيا من الوعود التي تقطعها على نفسها أمام المواطنين من أجل تحسين أوضاعهم، بل تسرق أكثر من نصف المساعدات التي قد تصلهم من الخارج بدعوى تصريفها لليرة السورية وفق سعر صرف يعادل أقل من نصف سعر صرفها في السوق السوداء. مقابل ذلك، يسخّر النظام كل إمكانياته لتلميع صورة بشار الأسد "الذي يتعرض لمؤامرة كونية"، فيما الإجراء الوحيد الذي قد يتخذه النظام حين تصل أزمة ما إلى حد غير مقبول، هو استبدال أحد موظفي السلطة التنفيذية بموظف آخر يأتي بوعود جديدة.
كذلك، فإن الوضع في مناطق سيطرة المعارضة، ومناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، ليس أفضل عن مناطق النظام، إذ تشهد تراجعاً مستمراً في فرص العمل وفي الأجور، بالتزامن مع تراجع عمل المنظمات الإنسانية التي تُقدّم خدمات للمواطنين في تلك المناطق، الأمر الذي حوّل قسماً كبيراً من سكان تلك المناطق إلى عاطلين عن العمل ينتظرون ما يقدمه لهم أبناؤهم المهجرين خارج حدود سورية.
قتامة الوضع الاقتصادي والسياسي في سورية، حرم السوريين حتى من التحضير لشهر رمضان، كما سيمنع الكثيرين منهم من ممارسة عاداتهم التي اعتادوا عليها، ليتحوّل إلى شهر أمنيات وتضرع بفرج لا يبدو قريباً.