الرئيس الجزائري يعقد لقاءات مبادرة "لم الشمل".. والحريات خارج النقاش

الرئيس الجزائري يعقد لقاءات مبادرة "لم الشمل".. وملف الحريات خارج النقاش

12 مايو 2022
الرئيس الجزائري خلال استقباله رئيس جبهة المستقبل (فيسبوك)
+ الخط -

يواصل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لقاءاته السياسية مع قادة الأحزاب في إطار مبادرة "لم الشمل"، التي أطلقها قبل أسبوع وتتعلق برص الجبهة الداخلية والتمهيد لتغيير حكومي شامل.

وتوسعت اللقاءات هذه المرة لتشمل أيضا شخصيات مستقلة، وبرز النقاش خلال هذه اللقاءات حول ملفين أساسين هما السياسات الاقتصادية والتعاطي مع الأزمات الدولية والإقليمية. ولم يشمل النقاش قضايا الحريات والديمقراطية التي تشكل أبرز مطالب قوى المعارضة في الجزائر.

واستقبل الرئيس الجزائري، أمس الأربعاء، رئيس "جبهة المستقبل" عبد العزيز بلعيد. وأكد بيان للحزب أن اللقاء "سادته لغة الصراحة والوضوح"، موضحاً أن "الرئيس تبون تطرق إلى الظروف الصعبة السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية التي سادت المراحل السابقة، وكيف كان التصدي لها".

وأشار البيان إلى أن رئيس "جبهة المستقبل" أبلغ الرئيس الجزائري موقف حزبه بشأن الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد، والتحديات الراهنة على صعيد الجبهة الاجتماعية.

وبالإضافة لبلعيد، استقبل الرئيس الجزائري حتى صباح اليوم الخميس رئيس "حركة البناء الوطني"، عبد القادر بن قرينة، ورئيس حزب "جيل جديد" جيلالي سفيان، والوزير السابق والناشط السياسي عبد العزيز رحابي.

ويفهم من تصريحات بلعيد أن النقاش تركز بشكل خاص حول ملفين أساسيين، وهما الظروف الدولية والإقليمية المحيطة بالجزائر، وما يليها من تحديات أمنية وسياسية، وهي مسألة بدا تركيز تبون واضحاً في شرحها لقادة الأحزاب والشخصيات التي استقبلها حتى الآن.

أما الملف الثاني فيرتبط بالاقتصاد وخطط تبون للتحول نحو اقتصاد منتج، وضمنه إعادة تشكيل الفريق الحكومي المنتظر في يونيو/ حزيران المقبل.

أما رحابي فقال في تصريح صحافي، عقب لقائه تبون: "استمعت إلى الرئيس وطرح قضايا داخلية وقضايا دولية، داخلية أساسا حول ضرورة رص جبهة داخلية قوية وتوسيع التشاور بين السلطة والأحزاب والنقابات والمجتمع المدني والشخصيات المستقلة".

وأضاف قائلا "وتحاورت معه حول تداعيات الأزمة الدولية (أوكرانيا) المباشرة وغير مباشرة على الجزائر، خاصة أنها لا تخص الاقتصاد فقط، ولكن أيضا الجوانب الأمنية".

وتابع "لدي شعور أن الرئيس له نية في فتح بعض الورشات الاقتصادية، ويشتغل من أجل تكوين جبهة داخلية قوية وبلورة إجماع وطني حول السياسة الداخلية والسياسة الخارجية وسياسة الدفاع الوطني".

ولم يقدم رحابي، وهو من بين أكثر الشخصيات المدافعة عن الحريات السياسية، أي مؤشر حول ما إذا كانت قد جرت مناقشة قضايا الحريات وضرورة اتخاذ تدابير تهدئة سياسية، والإفراج عن الناشطين الموقوفين ورفع الضغوطات على الأحزاب السياسية وتحرير المجال الإعلامي.

وكان رحابي قد نشر الثلاثاء، يوما واحدا قبل لقائه الرئيس الجزائري، تقدير موقف تضمن اشتراطات مسبقة قبل تحقيق أي توافق وطني.

ومن بين تلك الشروط "وضع تدابير لبناء الثقة واستيفاء جملة من الشروط السياسية، وأكثرها استعجالاً مرتبط بالممارسة الحرة للسياسة من قبل الأحزاب السياسية والنقابات والحركة الجمعوية والمجتمع المدني ككل، وتسوية العقبات التي تعترض حرية ممارسة العمل السياسي الحزبي ورفع القيود المفروضة على ممارسة الحق في الإعلام وكذا تحرير سجناء الرأي السياسي".

ولم تشر الشخصيات الأربع التي التقاها الرئيس الجزائري إلى وجود أي نقاش حول الحريات والحد من الاعتقالات في حق الناشطين وسياسات الإكراه والضغوط على الأحزاب المعارضة ووسائل الإعلام.

وتعتبر تلك الملفات أساسية بالنسبة لقوى المعارضة، وتخلق توترات داخلية وحالة من الإحباط السياسي لدى الرأي العام.

تعليقا على اللقاءات، قال الكاتب الجزائري المتخصص في الشؤون السياسية محمد إيوانوغان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "لا توجد مؤشرات على تغيير سياسات السلطة إزاء ملف الحريات".

وأضاف قائلا "هذا واضح ليس فقط من خلال استبعادها من النقاش والحوار السياسي الذي يجريه الرئيس تبون مع الشخصيات السياسية، ولكن أيضا من خلال استمرار بعض الممارسات التي يمكن أن يفهم منها عدم رغبة السلطة إحداث أي تغيير في سياساتها بشأن حرية العمل السياسي والإعلام والحق في التعبير وغيرها".

وتعد هذه اللقاءات السياسية هي الثالثة من نوعها التي يجريها الرئيس الجزائري منذ توليه السلطة نهاية 2019، لكنها تأتي هذه المرة في ظروف سياسية مغايرة.