الرئاسيات الأميركية... حسابات روسية وأوكرانية متباينة

الرئاسيات الأميركية... حسابات روسية وأوكرانية متباينة

26 يناير 2024
بايدن وزيلينسكي، واشنطن، ديسمبر الماضي (Getty)
+ الخط -

مع بقاء أقل من عام على الرئاسيات الأميركية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وانطلاق حملات الانتخابات الرئاسية، تسود تساؤلات في روسيا وأوكرانيا، اللتين تخوضان حرباً مفتوحة منذ قرابة العامين، حول تأثير نتائج الرئاسيات الأميركية على الدعم الغربي المقدم لأوكرانيا، وما إذا كانت وتيرة تراجعه ستزداد في حال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

ويتعزز هذا الاعتقاد أخذاً بعين الاعتبار أن ترامب عرف خلال حملة انتخابات 2016 بدعواته إلى تطبيع العلاقات مع الكرملين، من دون أن يتحقق ذلك على أرض الواقع خلال مدة رئاسته. 

أما الرئيس الحالي جو بايدن، الذي يفترض أن يواجه المرشح الجمهوري في الانتخابات سواء أكان ترامب أو المرشحة الجمهورية المحتملة نيكي هيلي، فلا يزال يتمسك بضرورة تقديم المزيد من الدعم لكييف وإن كانت محاولاته لتحقيق ذلك تصطدم بالعديد من العقبات لا سيما في الكونغرس، حيث تجمد الخلافات بين الجمهوريين والديمقراطيين مواصلة المساعدات العسكرية.

وبالنسبة لروسيا، وتحديداً وزير الخارجية سيرغي لافروف، فإن السؤال حول تغيير العلاقات بين موسكو وواشنطن يجب أن يوجه إلى إدارة أميركية جديدة.

وفي معرض إجابته عن سؤال لصحافي أميركي، خلال مؤتمر صحافي حول نتائج عمل الدبلوماسية الروسية في عام 2023، قبل أسبوع، قال لافروف إن "هذا السؤال ليس إلي. هذا السؤال إلى من سينتخبه الشعب الأميركي، مع الإدراك أن الانتخابات ستكون نزيهة".

 ويتوقع أستاذ العلوم السياسية في "معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية" كيريل كوكتيش أن يؤدي فوز ترامب المحتمل في الرئاسيات الأميركية إلى تراجع الدعم الأميركي لأوكرانيا، وهو ما قد يدفع الأخيرة إلى القبول بالشروط الروسية للتسوية.

ويقول كوكتيش في حديث لـ"العربي الجديد"، إن فوز ترامب "سيشكل عودة فريق أكثر نضجاً إلى البيت الأبيض، كونه أكثر إدراكاً من القادة الأميركيين والأوروبيين الحاليين لمخاطر التصعيد مع روسيا".

كيريل كوكتيش: تقليص الدعم الأميركي لكييف سيدفعها للقبول بالشروط الروسية للتسوية


ويضيف أنه "لما كانت موسكو غير مستعدة للتفاوض مع كييف إلا بعد استسلام الأخيرة، فإن تقليص الدعم الأميركي لها سيدفعها للقبول بالتسوية بشروط روسية".  

ومما يؤشر إلى تبني موسكو موقفاً متشدداً حيال أوكرانيا بعد تعثر الهجوم الأوكراني المضاد، قول نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، الرئيس السابق دميتري مدفيديف، الأسبوع الماضي، إن "وجود دولة مستقلة على الأراضي الروسية تاريخياً سيشكل ذريعة دائمة لاستئناف أعمال القتال"، زاعماً في منشور على قناته على "تليغرام" أن "وجود الدولة" يمثل خطراً على الأوكرانيين أنفسهم.  

تكرار سيناريو 2016 في الرئاسيات الأميركية

ويقرّ كوكتيش بأن عودة ترامب لن تترجم بالضرورة إلى تحسن في العلاقات الروسية الأميركية، مضيفاً أن "مواجهة روسيا هي قضية منهجية في الولايات المتحدة لا تتأثر بتغير الإدارات".

ويضيف أنه "ليس من المستبعد أن يتكرر سيناريو عام 2016 حين لم يتمكن ترامب من الوفاء بوعوده بشأن تحسين العلاقات".

 

تأثير الخلافات الأميركية على الحرب في أوكرانيا

من جانب آخر، يعتبر الأستاذ بقسم العلاقات الدولية في "الجامعة الوطنية للطيران" بكييف مكسيم يالي أن الفوز المحتمل لترامب لا يعني تراجعاً للدعم الأميركي لأوكرانيا تلقائياً، مقراً بأن الخلافات الداخلية الأميركية بشأن هذا الدعم بدأت تلقي بظلالها على أداء القوات الأوكرانية في أرض المعركة.  

مكسيم يالي: سيحفز تراجع الدعم الغربي روسيا على زيادة أطماعها قبل تنصيب الرئيس الأميركي

ويقول يالي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الولايات المتحدة هي أكبر مانح للمساعدات العسكرية والمالية لأوكرانيا، ولكن حجم هذا الدعم تحول إلى حجر عثرة بالكونغرس الأميركي بسبب موقف الحزب الجمهوري، وهو ما أدى إلى تعثر اعتماد الميزانية حتى الآن".

ويوضح أنه "على أثر ذلك تعاني أوكرانيا نقصاً في الذخائر ووسائل الدفاع الجوي، لا سيما على ضوء الضربات الروسية المكثفة في نهاية العام الماضي وبداية العام الحالي". 

وحول تأثير هذا الوضع على المعارك الروسية الأوكرانية على الأرض، يضيف: "سيحفز تراجع الدعم الغربي روسيا على إجراء عمليات تقدم جديدة، وزيادة أطماعها قبل تنصيب الرئيس الأميركي المقبل في يناير/ كانون الثاني 2025".  

ويقلل يالي من أهمية المزاعم بأن إعادة انتخاب ترامب ستضعف مواقف أوكرانيا، قائلاً: "ستبقى الأراضي الأوكرانية التي احتلتها روسيا خلال آخر عامين تحت سيطرة موسكو بلا اعتراف دولي وأميركي، بصرف النظر عن الرئيس الفائز".

ويتابع: "تتلخص استراتيجية الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن في عدم السماح بهزيمة، لا أوكرانيا ولا روسيا، ولكن كلفة هذه الاستراتيجية عالية على أوكرانيا وتؤدي إلى تحويل مواقع القوات الأوكرانية إلى دفاعية بدلاً من هجومية".  

يُذكر أن ترامب لمّح خلال حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2016 إلى إمكانية الاعتراف بانضمام شبه جزيرة القرم إلى روسيا، ولكنه سلّم كييف بعد انتخابه أسلحة فتاكة وصواريخ "جافلين" المضادة للدبابات، وهو ما لم يقدم عليه سلفه باراك أوباما.