الحكومة الليبية تُنشئ غرفة أمنية في الجنوب.. هل تنجح في كبح حفتر؟

الحكومة الليبية تنشئ غرفة أمنية في الجنوب.. هل تنجح في كبح حفتر؟

15 يوليو 2021
نشرت قيادة حفتر مليشياتها في الجنوب أخيراً (Getty)
+ الخط -

قررت حكومة الوحدة الوطنية إنشاء غرفة أمنية خاصة في الجنوب الليبي بصلاحيات واسعة، بهدف ضبط الأمن هناك، في خطوة جديدة للسلطات التنفيذية من أجل السيطرة على الجنوب الذي نشرت فيه قيادة الجنرال المتقاعد خليفة حفتر مليشياتها أخيراً. 

ووفقاً لقرار إنشاء الغرفة تحت مسمى "غرفة العمليات الأمنية المشتركة"، فإنها تتألف من وكيل وزارة الداخلية للشؤون العامة، العميد محمود عمر سعيد، رئيساً، وعضوية ممثلين لــ11 جهة أمنية أخرى، وتتولى "فرض السيطرة الأمنية الكاملة على مناطق الجنوب وفتح نقاط للتمركز الأمني للمجاهرة بالأمن". 

لكن اللافت في مهام الغرفة الأمنية الجديدة تكليفها "تتبّع تحركات الجماعات الإرهابية ومطاردتها، والعمل على القضاء عليها"، وكذلك "مراقبة المجاميع المسلحة والوافدة من دول الجوار واتخاذ الإجراءات الكفيلة بطردها"، وفي كلتا المهمتين يمكنها التنسيق مع الأجهزة النظيرة في دول الجوار الليبي عبر وزارة الخارجية. 

وليست هذه المرة الأولى التي تصدر فيها السلطة التنفيذية في البلاد قرارات بشأن سيطرتها على مناطق الجنوب. ففي الـ 22 من يونيو/ حزيران الماضي، قرر المجلس الرئاسي الليبي، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، تشكيل "قوة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بالجنوب" و"غرفة عمليات مشتركة لتأمين الجنوب". 

يؤكد العميد الصالحين مسعود، الضابط بمنطقة سبها العسكرية، عدم وجود أي أثر حتى الآن لقرارات المجلس واستمرار سيطرة مليشيات حفتر على مناطق استراتيجية

وحددت قرارات المجلس الرئاسي القوات الموكل إليها تشكيل الغرفتين، وهي الكتيبة 116 مشاة، والكتيبة 117 مشاة، والكتيبة 96 مشاة، وأتبعها بقرار آخر حظر فيه "بشكل مطلق إعادة تمركز الوحدات العسكرية مهما كانت طبيعة عملها أو القيام بأي تحركات لأرتال عسكرية لأي غرض أو نقل الأفراد والأسلحة والذخائر". 

وجاءت قرارات الرئاسي بعد خمسة أيام من إعلان قيادة حفتر إطلاق عملية عسكرية باتجاه الجنوب، لملاحقة من وصفتهم بـ"الإرهابيين التكفيريين وطرد عصابات المرتزقة الأفارقة التي تهدد الأمن والاستقرار وتمارس النهب والسرقة والتخريب والتهريب بأنواعه"، بحسب بيان لقيادة حفتر. 

ورغم مرور قرابة شهر على إنشاء الغرفتين، لم يعلن المجلس الرئاسي أي خطوات تنفيذية في قراراته بشأن إنشاء الغرفتين. ويؤكد العميد الصالحين مسعود، الضابط في منطقة سبها العسكرية، عدم وجود أي أثر حتى الآن لقرارات المجلس واستمرار سيطرة مليشيات حفتر على مناطق استراتيجية، بعيداً عن سلطة المجلس الرئاسي، رغم أن الأخير يحمل صفة القائد الأعلى للجيش، وفقاً لنصوص خريطة الطريق المنبثقة من ملتقى الحوار السياسي. 

ويرى مسعود، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن قرار الحكومة الجديدة بإنشاء الغرفة الأمنية الجديدة جاء بعد فشل قرارات المجلس الرئاسي ذات الطابع العسكري، مشيراً إلى أن الحكومة وظفت اختصاصاتها الأمنية لإنشاء الغرفة تلافياً لأي صدام مباشر مع حفتر ومليشياته. 

لكن قيادة حفتر أعلنت، الثلاثاء الماضي، منطقة زلاف الرملية منطقة عسكرية، لأغراض أمنية، منها "دعم مديرية أمن سبها لضرب عصابات الإجرام المنظم"، بحسب بيان للمتحدث الرسمي باسم إدارة التوجيه المعنوي بقيادة حفتر، خالد المحجوب. 

وتحتاج وزارة الداخلية المكلفة إنشاء الغرفة وتنفيذ مهامها إلى قوة يمكنها فرض نفسها، وقال متحدثاً لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة تدرك عدم امتلاكها لقوة يمكنها فرض خططها ولذا تضمن قرارها تنسيق الغرفة مع المكونات الاجتماعية ودمجها في خططها والمعنى الاستعانة بالمجاميع المسلحة القبلية في محاولة لخلق نقيض مسلح لحفتر". 

ويرى مسعود أن الحكومة تحاول استثمار المتناقضات في الجنوب الليبي واللعب عليها بهدف إيجاد موضع قدم لها هناك وعدم ترك الساحة فارغة لتحركات حفتر، مشيراً إلى أنها خطوة باتجاه الضغط على حفتر ومحاولات توسعه جنوباً. 

وأكد الضابط الليبي أن نجاح الحكومة في الحضور جنوباً بصفة أمنية سيكشف زيف شعارات حفتر الخاصة بمحاربته للمجموعات الإرهابية من جانب، ومن جانب آخر سيحرجه أمام الرأي العام الدولي باعتباره خارجاً عن شرعية الدولة إذا رفض الانصياع لأي قرار حكومي يهدف إلى السيطرة على تلك المناطق. 

نجاح الحكومة في التواجد جنوبا بصفة أمنية سيكشف زيف شعارات حفتر الخاصة بمحاربته للمجموعات الإرهابية

وفي المقابل، لا يرى الناشط السياسي الليبي من سبها، معتز الحامدي، أن قرار الحكومة "موفق، ويمكن أن يصل إلى أهدافه"، مشيراً إلى أن حفتر سيعمل على تعطيله وعرقلته كما حدث مع قرارات الرئاسي، لأنه سيدرك أن الغرفة هدفها تقويض سلطته وسيطرته على الجنوب. 

وقال الحامدي، متحدثاً لـ"العربي الجديد"، إن "حفتر سيعتبر أن الغرفة أُنشئت أصلاً من أجل طرد المرتزقة، فالإشارة إلى أن إحدى مهامها مراقبة المجاميع الوافدة من دول الجوار والعمل على طردها يعني أنها ستكشف حقيقة قواته في الجنوب ولن يكون بمقدوره منع الحكومة من إعلان حجم المرتزقة الموجودين في الجنوب ومواقع تمركزاتهم ولمصلحة من يقاتلون ومن جلبهم إلى ليبيا". 

وفيما يحذر الحامدي من خطوة تشكيل الحكومة حلفاً مع مكونات الجنوب القبلية، لكونها ستقوي من ذراع المسلحين القبليين من جانب، وتجرّ الغرفة من جانب آخر للوقوع في مستنقع المليشيات، فإنه يرى في خطوة ربط عمل الغرفة بوزارة الخارجية عاملاً يمكن أن يدفع بها خطوات إلى الأمام. 

ويوضح الحامدي رأيه في ذلك بالقول إن "نقل الحكومة عبر وزارة الخارجية قضية الجنوب إلى قضية إقليمية، خصوصاً مع دول الجوار المتخوفة من انجراف الفوضى إلى أراضيها، كالجزائر، واستثمار القلق الدولي من الفوضى في شمال تشاد، سيجبر حفتر ومليشياته على التراجع ويخسر بذلك خططه التوسعية في الجنوب"، مشيراً إلى أنها خطوة ناجحة أيضاً لإرغام دول كبرى على علاقة بالجنوب الليبي، كفرنسا وروسيا، على توضيح مواقفها في اتجاه تفكيك شبكة الصراع الدولي في الملف الليبي. 

المساهمون