الجزائر... إبكار نحو 2024

الجزائر... إبكار نحو 2024

07 يونيو 2023
تبون في العاصمة الجزائرية، نوفمبر الماضي (بلال بن سالم/Getty)
+ الخط -

إذا كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يريد الفوز بولاية رئاسية ثانية، فإن كثيراً من الحسابات والعوامل الموضوعية تصب في صالحه، من دون الحاجة إلى بعض الألعاب السياسية التي تمهد لذلك، وإلى تكتيكات تذكر الجزائريين بماضٍ من الزبائنية السياسية، وتعيد إنتاج نفس الممارسات التي تُعيد استنباط الإحباط لدى الجزائريين.

وقعت مجموعة أحزاب سياسية وتنظيمات مدنية ونقابات موالية، الأحد الماضي، مبادرة سياسية للم الشمل موجّهة لإسناد السلطة والمؤسسات. وبتحييد الجانب الإنشائي للمبادرة، يتضح أن الساحة السياسية الجزائرية شهدت سابقاً، قبل حراك 2019 وبعده، نماذج مماثلة من هذه المبادرات التي انتهت كلها إلى النسيان، بسبب كونها عبارة عن عناوين وأفكار سياسية، لا تملك القوى المشاركة فيها أية إمكانية لتنفيذها.

لا يحتاج الأمر إلى كثير من الذكاء لربط هذه المبادرة الجديدة، بإقرار بعض مُلقيها، بالإبكار نحو التمهيد لتكتل يساند تبون في رئاسيات 2024. هناك جملة من التناقضات الفادحة في المبادرة لجهة كونها فعلاً سياسياً، يفتقد الآليات ويغيّب أبرز مشكلات الجزائر وهي إغلاق المجال السياسي.

ومن تناقضاتها أن قانون النقابات العمالية الصادر أخيراً يحظر على النقابات أي عمل أو نشاط ذي طابع سياسي، لكن مجموعة من النقابات عضوة في المبادرة الأخيرة، ما يعني أن من الواضح أنه حين يكون النشاط السياسي موجهاً لدعم السلطة، سيمكن التغاضي عنه.

هناك مسألة لافتة، لكنها بالغة الأهمية في الحالة الجزائرية: أليس غريباً أن مبادرة تضمّ 29 كياناً، وتشمل كبرى الأحزاب الجزائرية المشكلة للحكومة ونقابات وتنظيمات، لم تحظ ببرنامج تلفزيوني واحد يناقش تفاصيلها وأهدافها، ولم تأخذ أي حيز نقاش إعلامي؟ هنا، من الواضح وجود رئيس تحرير سياسي وإعلامي واحد، يحدد المواضيع والتوقيت للقوى والمساحات للإعلام في الجزائر.

بعد ستة عقود جربت فيها السلطة السياسية والمؤسسات الحيوية في البلاد، الأسلوب نفسه في إدارة الشأن السياسي واستخدمت وسائل الالتفاف نفسها واعتمدت على نفس الأدوات في اختلاق حالة سياسية أو انتخابية ما باختلاف الظروف والسياقات، يتعين على عقلاء السلطة الانتباه إلى أن ذلك كله كان يقود دائماً إلى الفشل ويصل المسارات الخاطئة بالنهايات الخاطئة.

وهذا الأمر يغلق النقاش ويحيد النظر عن الأزمات الحقيقية، ويحد من قدرة السلطة على الإنصات الجيد للآراء والتقديرات النقدية الأخرى. لا شيء يفرض على السلطة، وهي في أريحية من أمرها، تكرار نفس الممارسات والأخطاء، فالسلطة الجيدة هي التي لا تحفر الجبل بإبرة.

المساهمون