البحث عن مخرج في تونس

البحث عن مخرج في تونس

06 ديسمبر 2021
كان الاتحاد دائماً ملاذاً وفرصة ممكنة للإنقاذ (سفيان حمداوي/فرانس برس)
+ الخط -

تبقى المنظمة النقابية التونسية، الاتحاد العام التونسي للشغل، محراراً للحياة السياسية في تونس، يقيس نبضها ويعدل نسقها ويفتح أبوابها المغلقة إذا اشتدت الأزمات. وكان هذا شأنه تاريخياً في مراحل حاسمة منذ تأسيسه في القرن الماضي، وأثناء فترات الاستعمار الفرنسي، ثم بداية الاستقلال وبعده، مع تطور الدولة الوطنية، وصولاً إلى مرحلة الاستبداد، ثم ثورة الحرية.

تأرجحت مواقف الاتحاد طيلة هذه المراحل وتباينت بحسب توازنات البلاد ووضعية المنظمة داخلياً، ولكنه كان دائماً ملاذاً وفرصة ممكنة للإنقاذ. ومع الأزمة الراهنة القاسية التي تعيشها تونس ومخاوف ترديها من جديد في براثن الحكم الفردي، طرح الاتحاد فكرة حوار وطني جديد منذ أشهر، أجهضها الرئيس قيس سعيّد أكثر من مرة، وتلاعب فيها وبالمنظمة بكل وضوح، ثم أعلن إجراءاته الاستثنائية يوم 25 يوليو/ تموز الماضي، وأردفها بأخرى في 22 سبتمبر/ أيلول.

توجهت الأنظار إلى الاتحاد كما كل مرة، لأنه القادر على إحداث قوة توازن في البلاد، وهو ما يسعى إليه منذ أسابيع، وأعلن عنه الأمين العام للمنظمة، نور الدين الطبوبي، السبت، في خطاب للنقابيين. وتحدث عن مشاورات مع منظمات وشخصيات وطنية لتأسيس ما سمّاه بالتوجه الثالث على أساس الإنقاذ في كنف السيادة الوطنية.

لم يقطع الطبوبي حبل الوصال مع سعيّد، على الرغم من التجاهل، بل قال بوضوح إن منظمته استبشرت خيراً في الرئيس وفي إجراءات 25 يوليو. وأضاف أنه يعتقد أن تلك الإجراءات لا يزال بإمكانها أن تكون "خطوة حاسمة على درب تصحيح المسار الديمقراطي وإعادة الاعتبار لأهداف ثورة 17 ديسمبر ومسلكا يخرج البلاد من النفق".

ويبدو أنه النداء الأخير للرئيس، لأن للاتحاد رؤيته للأوضاع السابقة في تونس، وله تصور وحسابات للمستقبل أيضاً، وقرارات 25 يوليو كانت في جزء منها تتقاطع مع تلك القراءة، إلا أنها انحرفت بعد ذلك ويمكن أن تهدد الجميع الآن، بمن فيهم الاتحاد. ولذلك يسعى الطبوبي إلى إحداث هذا التوازن الصعب، ودفع الرئيس إلى الحوار وتقديم مخرج له وللبلاد، وهدد بوضوح أن منظمته لن تسكت على هذا الانفراد بالحكم والرأي في تحديد مستقبل البلاد، وهو يملك أدوات هذا التهديد في الشارع بوضوح. ويبدو أنه يحظى بدعم دولي واضح أيضاً، وسيكون الإضراب العام في صفاقس يوم 10 ديسمبر/كانون الأول بروفة لما يمكن أن تعيشه البلاد. وسيكون على الرئيس أن يتشبث بهذه المبادرة والمخرج، ولكن على الاتحاد أن يقنع بها أيضاً بقية القوى حتى تكون فعلاً فرصة بناء على أسس جديدة، تصلح وتجمع.