الاستخبارات الغربية تخشى عزلة بوتين: قد يصبح خطيراً إذا حوصر

الاستخبارات الغربية تخشى عزلة بوتين: مصاب بالـ"بارانويا" وقد يصبح خطيراً إذا حوصر

02 مارس 2022
قصر بوتين تواصله على حلقة صغيرة من مستشاريه (Getty)
+ الخط -

في ظلّ تعثّر الهجوم الروسي، الذي كان يُتوقّع له نجاح سريع في البداية- أقلُّه الوصول إلى العاصمة كييف خلال أربعة أيام- تتركّز الأنظار على الرئيس فلاديمير بوتين الذي يبدو في وضع حرج، زادَه سوءًا ضعف إدارة قوّاته للعمليات على الأرض، والتضامن العالمي الواسع ضدّ نظامه، وحجم المقاومة الشعبية والعسكرية التي أبداها الأوكرانيون.

في ظلّ هذا الوضع، تنقل صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين استخباراتيّين أميركيين وأوروبيين أن بوتين بات معزولًا، وقد قصر تواصله على مجموعة صغيرة من المستشارين الذين لم يبلّغوه بالحقيقة في ما يخصّ تكلفة غزو أوكرانيا العسكرية والمادية.

إذا سمع الروس أن القادة الغربيين يفكرون في منطقة حظر طيران، فقد يعود بوتين بتفكيره إلى ليبيا عام 2011، لمّا تدخل الناتو، ثمّ بعد أشهر أُخرج القذافي من حفرة وقتل

ويصف المحلّلون الاستخباريون بوتين بأنه "قائد على حافة الهاوية، مشحون بالبارانويا، وثمّة تخوّف من أن يضرب يمنة ويسرة إذا شعر بأنه محاصر". وتشير الصحيفة إلى أن المخاوف من ردّة فعل غير متوقّعة من الرئيس الروسي دفعت "الناتو" مرارًا للإشارة إلى أنه لن يتدخل في الحرب، حرصًا على تبديد شكوكه.

ولعلّ ما يزيد المخاوف في هذا الاتجاه هو تعامل بوتين مع العقوبات التي طاولت جلّ مفاصل الاقتصاد في بلده، وكذلك التسليح المنسّق من قبل أوروبا والولايات المتّحدة للقوّات الأوكرانية، على أنّها سلوك عدواني. انعكس ذلك بالذات في التلويح الروسي باستخدام السلاح النووي، والذي تكرر 3 مرّات خلال أسبوع واحد من الحرب: أوّلًها حين هدد بوتين، في خطاب إعلان الهجوم، بأن "كل الأسلحة متاحة" في حال تدخّل طرف ما ضد بلاده، وثانيها عندما وضع القوّات النووية في حالة تأهب قصوى بعد ثلاثة أيام من القتال، وثالثها اليوم، حين أنذر وزير خارجيته، سيرغي لافروف، من أن أي حرب عالمية ثالثة ستكون "نووية" وسيحلّ إثرها الدمار على الجميع.

وبحسب "واشنطن بوست"، فإن تلك التهديدات دفعت صانعي السياسة الأميركيين إلى مطالبة وكالات الاستخبارات بإعداد تقارير حول ما يفكّر به بوتين، لاستشراف ردود الفعل الممكنة، ومحاولة إيجاد سبيل لإنهاء الحرب في أوكرانيا على ضوء ذلك.

وتنقل الصحيفة عن مسؤول في الإدارة الأميركية، تحدّث شريطة عدم الكشف عن اسمه، قوله: "نسأل الكثير من زملائنا في المخابرات هذه الأيام عن عقلية بوتين.. نحن نعلم أنع تم عزله أثناء انتشار فيروس كورونا، وأنه محاط برجال من صنف (نعم سيّدي)". ويردف المسؤول ذاته أن "الجميع يبحث عن تصدّعات في ما يتعلّق بقبضته على السلطة، لكننا لا نرى أية شروخ كبيرة".

لا يستبعد مسؤول استخباراتي أن يعمد بوتين إلى تفجير قنبلة نووية في الغلاف الجوي فوق منطقة غير مأهولة كتحذير للغرب

وبحسب التقرير، فقد حذّر مسؤولو استخبارات أميركيون وبريطانيون، قبل الغزو، من أن بوتين تمّ تضليله من قبل مستشاريه الذين قدّموا له صورة ورديّة عن سهولة اجتياح البلد الجار. ويشير مسؤول استخباراتي، في هذا الإطار، إلى الصورة التي بدا فيها بوتين جالسًا على بعد عدّة أمتار عن مستشاريه، معتبرًا أن تلك الصورة "يمكن أن تكون دلالة رمزيّة لما يحدث" بينه وبين مستشاريه.

ويبدي مسؤولون أميركيون وأوروبيون خشية من عدم اليقين الذي ينتاب الغرب من وصول معلومات موثوقة إلى بوتين، إذ يخشون، على سبيل المثال، كيف سيفسّر الرجل بعض التعليقات في وسائل الإعلام حول إرسال طائرات مقاتلة إلى أوكرانيا أو فرض منطقة حظر طيران فوق أراضيها.

وتنقل الصحيفة عن مسؤول أوروبي قوله: "نحن بحاجة إلى إدارة المخاطر المتصاعدة، بوتين لا يبدو على ما يرام، إنه يصرخ في الموظفين.. حربه متأخرة عن الجدول الذي أعد لها، هذه أوقات خطرة بالنسبة لبوتين". ويمضي قائلًا: "إذا سمع الروس أن القادة الغربيين يفكرون في منطقة حظر طيران، فقد يعود بوتين بتفكيره إلى ليبيا عام 2011، لمّا تدخل الناتو، ثمّ بعد أشهر أُخرج القذافي من حفرة وقتل".

في هذا السياق، يستشهد تقرير لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، تمّ إعداده خلال الأيام الماضية، بمصدر تحدّث إلى شخصٍ على علمٍ بأن بوتين كان غاضبًا تمامًا إزاء العقوبات، واعتبرها ردًّا غير متناسب على غزوه، وفق ما تنقل الصحيفة عن شخص مطّلع على التقرير. لكن التقرير ذاته حذّر أيضًا من أن المصدر ربّما يقدم معلومات للتأثير على الحكومة الأميركية من أجل تخفيف العقوبات، وذلك عبر تصوير بوتين على أنه غاضب ويشعر بالإجحاف.

ويقرأ مسؤول آخر أوامر بوتين بوضع القوّات النووية في حالة تأهب قصوى على أنها مؤشر خطير على مدى التزامه في مسألة أوكرانيا، التي يرى فيها جزءًا لا يتجزّأ من تاريخ روسيا وحضارتها، وجدّيته في طلب الحصول على ضمانات بعدم انضمامها إلى "الناتو". من أجل هذه الغاية، لا يستبعد المسؤول ذاته أن يعمد بوتين إلى تفجير قنبلة نووية في الغلاف الجوي فوق منطقة غير مأهولة كتحذير للغرب- يقول: "هو يعتقد أننا لا نأخذه على محمل الجد؛ يعتقد أننا نراه ضعيفًا دائمًا، وسيتراجع في النهاية".

المساهمون