الاحتلال يروّج لتفاهم مع مصر على محور فيلادلفيا ورفح

الاحتلال يروّج لتفاهم مع مصر على محور فيلادلفيا ورفح

02 فبراير 2024
أطفال غزّيون على الحدود مع مصر، 14 يناير (أحمد حسب الله/Getty)
+ الخط -

رجّحت مصادر مصرية، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "تفرض إسرائيل الأمر الواقع (العملياتي العسكري) في محور فيلادلفيا الذي يمتد من أقصى الطرف الجنوبي لقطاع غزة إلى البحر المتوسط على الحدود مع سيناء المصرية، من دون التنسيق مع مصر".

وقالت إن "المسؤولين المصريين يضعون في اعتبارهم هذا السيناريو، ولكن هناك التزاماً بعدم التصعيد في مواجهته، لأن التقديرات الرسمية تؤكد أن التصعيد ليس في صالح مصر وعلاقاتها بإسرائيل، والتي تشمل أكثر من جانب، منها ما هو اقتصادي ومنها ما هو سياسي وعسكري وأمني و"أميركي"، ولذا فلن تغامر مصر بهذه العلاقة، لا سيما في ظل تصاعد التوتر في المنطقة، وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد".

محادثات مصرية إسرائيلية بشأن محور فيلادلفيا

وبينما نفت مواقع رسمية مصرية، نقلاً عما وصفته بمصدر مصري رفيع المستوى، "مناقشة مصر أي ترتيبات مع الجانب الإسرائيلي بشأن محور صلاح الدين (فيلادلفيا) الحدودي بين قطاع غزة ومصر"، أفادت إذاعة جيش الاحتلال، أمس الخميس، نقلاً عن مصادر مطّلعة بأن "مصر وإسرائيل تقتربان من التوصل إلى تفاهمات، بشأن عمل القوات الإسرائيلية عسكرياً في رفح ومحور فيلادلفيا ووجودها هناك"، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن "هذه التفاهمات ستؤدي إلى نقل جزء من سكّان قطاع غزة إلى مناطق أخرى".

وتحدثت الإذاعة الإسرائيلية عن دولة عربية خليجية، لم تسمّها، أبدت موافقتها على تمويل إقامة جدار تحت الأرض، بين إسرائيل ومصر، يمنع حفر أنفاق هناك، واشترطت مساهمتها بموافقة مصر.

وذكرت الإذاعة أن رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) أهارون حليفا، قادا من الطرف الإسرائيلي، محادثات مع مسؤولين مصريين في المستوى الأمني، بشأن قضيتي رفح ومحور فيلادلفيا، باعتبارهما "من أكثر القضايا الحساسة" بين اسرائيل ومصر.

دولة عربية خليجية، أبدت موافقة على تمويل إقامة جدار تحت الأرض بين إسرائيل ومصر

وفي حديث الإذاعة عن أهم ما جاء في بنود التفاهمات التي يتم صوغها، فإن "إسرائيل تعهدت أمام مصر، وفق التقديرات، بأنها لن تعمل في منطقة رفح طالما لا تسمح لسكان غزة المتواجدين هناك، والذين يبلغ عددهم ربما أكثر من مليون شخص، بإخلاء المكان".

ويعني ذلك، وفقاً لإذاعة الجيش، أن "إسرائيل ستعمل في البداية على إخلاء السكان الغزيين من منطقة رفح، من أجل تقليل احتمالات ومخاطر نزوح الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية، لأنه في نهاية المطاف هنا تكمن المخاوف المصرية الأساسية، وهي تدفق عدد كبير من الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية".

خيارات لإخلاء السكّان

وبحسب الإذاعة، فإن إسرائيل لم تقرر بعد إلى أين تنوي إخلاء السكّان الغزيين، ولكن ثمة إمكانيتين مطروحتين: أولاهما إلى شمال القطاع، ولكن من أجل ذلك هناك حاجة إلى قرار سياسي إسرائيلي بأن إسرائيل تسمح بعودة الغزيين إلى الشمال، وهذا الأمر الذي قرّرت إسرائيل حتى الآن عدم القيام به. أما الخيار الثاني المطروح، والذي قد يبدو مقبولاً أكثر من قبل الإسرائيليين، فهو خانيونس، بمعنى أن يقوم جيش الاحتلال بعد إنهاء عمليته البرية المكثّفة التي يقوم بها هناك، بإخلاء السكان مجدداً إلى خانيونس، "وبسبب قربها الجغرافي من رفح، فإن هذا الخيار يبدو أكثر واقعية"، على حد تعبير الإذاعة.

وأضافت أنه في الوقت الذي تعمل فيه إسرائيل في رفح، سيكون بإمكانها الوصول إلى محور فيلادلفيا والتأكد من سير الأمور كما ينبغي بالنسبة لإسرائيل.

وبحسب التفاهمات الإسرائيلية المصرية التي أوردتها الإذاعة، سيكون لإسرائيل تأثير معيّن في محور فيلادلفيا بشأن ما يحدث على طوله، ولكن بدون وجود ثابت للقوات الإسرائيلية هناك.

وقالت الإذاعة: "إن كان هناك من يعتقد بأن الجيش الإسرائيلي سيقيم مواقع عسكرية في المكان وأن قواته ستتواجد على طول محور فيلادلفيا في السنوات القريبة، إلى جانب القوات المصرية، لتتأكد من عدم وجود عمليات تهريب ولا أنفاق، فإن هذا الأمر لن يحدث، ولكن سيكون لإسرائيل تأثير هناك، كما يبدو من خلال وسائل تكنولوجية يتم تركيبها على طول محور فيلادلفيا، ولن تكون مصر وحدها من تسيطر على المعابر المختلفة، وإنما ستكون هناك أيضاً سيطرة إسرائيلية في هذا الجانب، من خلال الوسائل التكنولوجية".

من جهتها، نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريراً، أمس الخميس، حول المساعي الإسرائيلية للسيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي بين مصر وغزة، مشيرة إلى أنه "هدف يصر عليه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو".

وقالت الصحيفة إن "إعادة السيطرة الإسرائيلية على المنطقة الحدودية ستكون أمراً حاسماً لخلق وضع استراتيجي جديد في غزة حيث تكون حماس غير قادرة على مهاجمة إسرائيل مرة أخرى"، وفقاً لما نقلت الصحيفة عن مايكل ميلشتاين، زميل بارز في جامعة رايخمان.

وتعليقاً على هذه التسريبات، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير رخا أحمد حسن، لـ"العربي الجديد": "أعتقد أنه لو فرض حدوث أي تفاهم بين الجانبين، فسيكون في إطار معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، واتفاق المعابر لعام 2005".

وأضاف "يتعين على إسرائيل أن تكف عن التغطية على إخفاقها في حربها على قطاع غزة، بافتعال مواقف مع مصر أو مع حزب الله في جنوبي لبنان لضمان بقاء الحكومة في السلطة، أطول مدة ممكنة، وعليها أن تدرك أن كل هذه الاستفزازات محفوفة بالمخاطر التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة".

إذاعة جيش الاحتلال: مصر وإسرائيل تقتربان من التفاهم بشأن رفح ومحور فيلادلفيا

من جهته، قال الخبير والمحلل العسكري الفلسطيني، اللواء واصف عريقات، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "إسرائيل فشلت حتى الآن في تحقيق أهداف وإنجازات بحربها على قطاع غزة"، مضيفاً "الآن يريد نتنياهو إطالة أمد القتال، بحجة وجود أهداف في محور فيلادلفيا، حتى لو كلّفه ذلك توتير واستفزاز الجيش المصري".

أما المحلل الفلسطيني يوسف الشرقاوي، فقال في حديث لـ"العربي الجديد" إن "إسرائيل قد تقوم بالفعل بعمليات خاصة وسريعة في رفح ومحور فيلادلفيا من أجل ترويع الغزيين وإجبارهم على اختراق الحدود (طوعاً) إلى سيناء"، مضيفاً أن إسرائيل "سوف تتحجج بالاتفاق مع مصر مسبقاً، وبرعاية أميركية، بأن هذا إجراء مؤقت للحفاظ على أرواح المدنيين، بحجة تدمير الأنفاق على الحدود المصرية الفلسطينية وفي محور فيلادلفيا، ومن ثم السماح للسكان بالعودة لقطاع غزة مقابل ابتزاز المصريين، لإغلاق الحدود والأنفاق بتمويل أميركي".

وأوضح الشرقاوي أن "العمليات الخاصة النوعية كذلك من الممكن أن تجري على نطاق واسع في شمالي قطاع غزة، بحجة أن حماس تعيد نفوذها في المناطق التي ينسحب منها الجيش الإسرائيلي رغم تدميرها وتهجير القسم الأكبر من سكانها".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وبدأت مصر في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، إنشاء أول مخيم نزوح منظم في خانيونس، يتسع لأكثر من 7 آلاف نازح فلسطيني، كمرحلة أولى، بعد إدخال المعدات والمواد اللازمة لإنشاء هذا المخيم وتجهيزه.

وكانت "العربي الجديد"، قد كشفت نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن تحركات مصرية لإقامة مخيم كبير للنازحين بإدارة مصرية أممية، بهدف احتواء تداعيات عمليات النزوح الفلسطيني الداخلي، ومنع اندفاع سكان القطاع نحو الحدود المصرية تحت وطأة القصف الإسرائيلي ونقص المواد الإغاثية.

وكان موقع "والا" الإسرائيلي قد نقل عمن وصفهم بـ"مسؤولين أمنيين" قولهم إن "المستوى السياسي في الحكومة الإسرائيلية، يتعرض لانتقادات داخل المؤسسة الأمنية، بسبب المماطلة في التحرك باتجاه محور فيلادلفيا الحدودي بين قطاع غزة وسيناء المصرية".

وبحسب تقرير للموقع، فقد "انتقد مسؤولون في المؤسسة الأمنية المستوى السياسي، قائلين إن مجلس الوزراء يظهر ضعفاً تجاه مصر التي تمارس ضغوطاً لمنع المناورة في رفح". وقال مصدر أمني آخر إن "المصريين يعتبرون حماس في قطاع غزة وسيلة لتقويض القدرات العسكرية الإسرائيلية".