يبدأ مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون مساعيَ جديدة لتحريك العملية السياسية المتوقفة في سورية، من خلال جولة لقاءات جديدة تشمل وفوداً من المعارضة والنظام السوري، في خطوة افتتحها بتحديد موعد جديد لالتئام اللجنة الدستورية المشتركة بين النظام والمعارضة، التي تعترضها عقبات عدة.
والتقى المبعوث الأممي، أمس الاثنين، وفداً من المعارضة السورية في جنيف، ضمّ رئيس هيئة التفاوض السورية بدر جاموس، والرئيس المشترك للجنة الدستورية هادي البحرة، ومسؤولة لجنة المعتقلين في الهيئة أليس مفرّج، ومسؤول اللجنة القانونية فيها طارق الكردي.
وبحسب مصادر في هيئة التفاوض، شدّد وفد المعارضة على ضرورة التطبيق الكامل للقرار 2254، وأنه "لا بديل عن الانتقال السياسي" في سورية.
وأشارت المصادر إلى أن اللقاء تطرق إلى "سُبل تفعيل العملية السياسية، بما فيها اللجنة الدستورية وباقي المجموعات التي كانت قد حددتها الأمم المتحدة، المسؤولة عن الانتقال السياسي، والعملية الدستورية، والانتخابات، ومحاربة الإرهاب".
إلى ذلك، أكدت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام السوري، أمس الاثنين، أن بيدرسون سيصل إلى العاصمة السورية دمشق في التاسع من الشهر الجاري، ليجري لقاءً مع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة النظام فيصل المقداد.
ونقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بـ"المتابعة"، أن بيدرسون سيلتقي خلال زيارته بالرئيس المشترك للجنة مناقشة تعديل الدستور أحمد الكزبري، والسفير الروسي في دمشق الممثل الخاص لرئيس روسيا الاتحادية لتطوير العلاقات مع سورية ألكسندر يفيموف، والسفير الإيراني في سورية حسين أكبري.
وأشارت الصحيفة إلى أن المبعوث الأممي "سيبحث إمكانية تحديد موعد لانعقاد الجولة التاسعة للجنة مناقشة الدستور، بعد توافق المشاركين في لجنة الاتصال العربية على عقد الاجتماع المقبل للجنة الدستورية في سلطنة عُمان، بتسهيل وتنسيق مع الأمم المتحدة قبل نهاية العام الجاري".
وكانت لجنة الاتصال العربية بشأن سورية قد أكدت بعد اجتماع لها في العاصمة المصرية القاهرة، منتصف الشهر الماضي، أنها تتطلع إلى استئناف العمل في المسار الدستوري السوري، وعقْد الاجتماع المقبل للجنة الدستورية السورية في سلطنة عمان، بتسهيل وتنسيق مع الأمم المتحدة.
واتفقت هذه اللجنة، التي تضم وزراء خارجية مصر والسعودية والأردن والعراق ولبنان والنظام السوري، وأمين الجامعة العربية، على أهمية استكمال هذا المسار الدستوري بجدية، باعتباره أحد المحاور الرئيسية على طريق إنهاء الأزمة وتحقيق التسوية السياسية والمصالحة الوطنية المنشودة. وشُكلت هذه اللجنة في مايو/ أيار الماضي، في سبيل إبقاء قنوات الحوار مع النظام السوري مفتوحة للتوصل إلى حلّ سياسي للقضية السورية.
ورأى مدير وحدة الدراسات في مركز "أبعاد" محمد سالم، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّه رغم صعوبة مهمة المبعوث الأممي، لكن "بات ممكناً عقد جولة جديدة من اجتماعات اللجنة الدستورية بعد الحديث عن إمكانية تغيير المكان وترشيح بلدان أخرى للاستضافة مثل سلطنة عُمان".
لكن سالم أكد أن "مجرد عقد الاجتماع لأجل الاجتماع كما حدث سابقاً ليس مجدياً، فالسؤال الأبرز هنا: هل سيتقدم عمل اللجنة أم سيبقى يراوح في مكانه دون فائدة؟ (...) يبدو أن الاحتمال الثاني على فرض حدوث الاجتماع هو المرجح".
وكانت أعمال اللجنة الدستورية قد توقفت في منتصف العام الماضي، بسبب الإصرار الروسي على نقل الاجتماعات من أوروبا إلى الشرق الأوسط، في سياق محاولات موسكو إضعاف الدور الغربي في تطبيق القرار 2254.
وعقدت هذه اللجنة، التي تضم ممثلين من المعارضة والنظام والمجتمع المدني بشكل متساو، ثماني جولات، بدءاً من عام 2019 وانتهاءً بعام 2022، إلا أنها لم تسفر عن أي نتائج بسبب إصرار النظام على تعطيل دور الأمم المتحدة، والتملص من قراراتها ذات الصلة بالقضية السورية، وفي مقدمتها القرار 2254، الذي وضع خريطة طريق واضحة من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية.