اسكتلندا تنتظر انتخاباتها لتحدد مصير انفصالها

اسكتلندا تنتظر انتخاباتها لتحدد مصير انفصالها

27 ديسمبر 2020
ستورجن: بريكست يتحقق عكس إرادة شعب اسكتلندا (Getty)
+ الخط -

لم يؤد الاتفاق بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بشأن التجارة والأمن، ضمن صفقة بريكست، موقف قيادات اسكتلندا لناحية الإصرار على الاستقلال عن المملكة المتحدة، بدعم من استطلاعات الرأي، التي أظهرت طفرة في الداعمين للانفصال عن المملكة المتحدة، خصوصاً من أجل البقاء في الاتحاد الأوروبي. 
وفي حين ترفض بريطانيا السماح لأدنبرة بإجراء استفتاء جديد على الاستقلال، أعلنت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن، في أعقاب التوصل إلى اتفاق بين الاتحاد الأوروبي ولندن، الخميس الماضي، أن الوقت حان لتصبح اسكتلندا "دولة أوروبية مستقلة". وكتبت ستورجن، في تغريدة، "بريكست يتحقق عكس إرادة شعب اسكتلندا"، التي صوتت بنسبة 62 في المائة ضدّ الخروج من الاتحاد الأوروبي، مشيرةً إلى أنه "لا يمكن لأي اتفاق على الإطلاق أن يعوّض عمّا أخذه بريكست منا". واعتبرت أن "الوقت حان لنرسم مستقبلنا الخاص كدولة أوروبية مستقلة". 

أظهرت استطلاعات الرأي زيادة مطردة لداعمي استقلال اسكتلندا

وقال وزير الدستور الاسكتلندي مايكل راسل، في بيان حول الاتفاق، إن صفقة بريكست، التي وافقت عليها حكومة بوريس جونسون، ستزيل اسكتلندا من السوق الأوروبية الموحدة، ما سيضرب الوظائف والاقتصاد في أسوأ وقت ممكن، في خضم الوباء والركود الاقتصادي. وكان بريكست زاد من الداعمين لاستقلال اسكتلندا عن بريطانيا، منذ قرار لندن الخروج عن الاتحاد الأوروبي في 2016. وانعكس تمسك أدنبرة، طوال فترة المفاوضات، برفض السياسة التي تنتهجها لندن مع أوروبا، وعدم إشراكها في مفاوضات بريكست، على استطلاعات الرأي، التي أظهرت زيادة مطردة لداعمي الاستقلال على مدى السنوات الأربع الماضية. وكان مؤيدو البقاء في المملكة المتحدة فازوا بنسبة 55 في المائة في الاستفتاء على الانفصال في عام 2014. لكن استطلاعات الرأي أظهرت طفرة في الداعمين للاستقلال، إذ وصلت النسبة إلى 66 في المائة خلال عام 2020. ويعزى ذلك جزئياً إلى حُسن إدارة ستورجن لتداعيات وباء كورونا في اسكتلندا.

وبعد الفوز الساحق للحزب الوطني الاسكتلندي في الانتخابات العامة في عام 2019، طلبت ستورجن رسمياً إجراء استفتاء على الاستقلال في 19 ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته، لكن جونسون رفض، بحجة أن استفتاء 2014 كان "فرصة واحدة في كل جيل". وأدى انتشار فيروس كورونا لإيقاف أدنبرة تحضيراتها لإجراء استفتاء في مارس/آذار الماضي. ولإجراء استفتاء على أساس قانوني واضح، ستحتاج اسكتلندا إلى موافقة حكومة المملكة المتحدة، التي قد تضع شروطاً على موعد إجراء التصويت، إذا سمحت بإجرائه. وكانت الحكومة الاسكتلندية استطاعت، في يناير/كانون الثاني الماضي، تمرير قانون الاستفتاءات، والذي وضع قواعد إجراء الاقتراع، ما يمهد الطريق لإجراء الاستفتاء في أي موعد.
وبموجب قانون اسكتلندا لعام 1998، فإنه لا يُسمح للبرلمان بتمرير تشريع يتعلق بالمسائل "المحمية" من قبل مجلس العموم (البرلمان) البريطاني، بما في ذلك "اتحاد مملكتي اسكتلندا وإنكلترا". ويتم تفسير هذا على نطاق واسع على أنه يعني أن أي استفتاء يتعلق باستقلال اسكتلندا يتطلب موافقة مجلس العموم.

فوز حزب المحافظين الاسكتلندي لن يقدم جواباً نهائياً على استفتاء الاستقلال
 

وستكون المهمة الأولى في تلك المعركة من نصيب الفائز في انتخابات البرلمان الاسكتلندي في مايو/أيار المقبل. وسيؤدي فوز "الحزب الوطني" بأغلبية برلمانية، إلى جعل قضية إجراء استفتاء ثانٍ على الاستقلال غير قابلة للجدال. أما إذا فاز حزب المحافظين الاسكتلندي، الذي يقوده دوغلاس روس، بالأغلبية البرلمانية، فإن الجواب على إمكانية إجراء استفتاء على الاستقلال غير محسوم. وكان روس سارع إلى الترحيب بإنهاء الاتفاق لمشكلة الصيد البحري "المكروهة". 
يشار إلى أن الاتفاق بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي قضى بأن تتخلى قوارب الاتحاد تدريجياً عن 25 في المائة من حصصها الحالية خلال فترة انتقالية مدتها 5 سنوات ونصف السنة. وكانت لندن أصرت مراراً على أنها ترغب في استعادة السيطرة الكاملة على مياهها، بينما سعت دول الاتحاد الأوروبي الساحلية إلى ضمان حقوق الصيد في مياه المملكة المتحدة. ويعتقد زعماء حزب المحافظين في اسكتلندا أن بإمكانهم تحييد الانتقاد المستمر لبريكست بشكل فعال، من خلال الإشارة إلى الانقسام والفوضى التي قد يجلبها استفتاء الاستقلال، بالإضافة إلى عدم اليقين باعتبار الاستقلال سيؤدي إلى عودة اسكتلندا إلى الاتحاد الأوروبي.
في المقابل، فإن زعيم الكتلة الاسكتلندية في مجلس العموم البريطاني إيان بلاكفورد تمسّك بالدعوة إلى إجراء استفتاء ثانٍ على الاستقلال. وكتب بلاكفورد، في تغريدة، "إذا كان هذا هو الحال بخروج بريطانيا من أوروبا، فستكون هذه ضربة مدمرة لاسكتلندا في وستمنستر"، في إشارة إلى مقر البرلمان البريطاني. وتساءل أستاذ علم السياسة في جامعة ستراثكلايد في غلاسكو جون كورتيس، في تصريح لصحيفة "الغارديان"، عما إذا الاتفاق بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي سيزيد من عدم رضا الاسكتلنديين، وبالتالي ارتفاع نسبة دعمهم للاستقلال؟ وقال: "يعتمد ذلك على ما سيحدث خلال الأشهر القليلة المقبلة، وما إذا كان سيتم رفع منع الطيران، وتلقيهم فواتير هاتفية عالية جداً".

تقارير دولية
التحديثات الحية