احتجاجات السويداء: النظام السوري يعطل المؤسسات لمعاقبة مؤيدي الحراك

احتجاجات السويداء: النظام السوري يعطل المؤسسات لمعاقبة مؤيدي الحراك

04 أكتوبر 2023
من التظاهرات في السويداء، سبتمبر الماضي (سام حريري/فرانس برس)
+ الخط -

شهد يوم أول من أمس الاثنين، الذي يحمل الرقم 44 لاحتجاجات السويداء، جنوب سورية، تطوراً لافتاً، تمثل في اعتصام سلمي لعدد من المحامين أمام قصر العدل في المحافظة، بعد تجاوزات من قبل قضاة على محامين يؤيدون الحراك الشعبي، واستمرار النائب العام للمحافظة فؤاد سلوم باستخدام صلاحياته بتعطيل القضاء وإقفال القصر العدلي أمام المواطنين.

وكانت دعوة قد انتشرت، مساء الأحد الماضي، عبر تطبيق "واتساب" مخصصة للمحامين والمحاميات للاعتصام أمام القصر العدلي، بعد حادثة شهدتها السويداء، الأسبوع الماضي، عندما حاول القاضي شادي مرشد توقيف محامٍ عن طريق شرطة المحكمة، بحجة اعتبرت واهية ودون أي إنذار مسبق، ما جعل غالبية المحامين يحتجون على هذا التعدي.

المحامي صالح علم الدين، الذي تعرض لمحاولة الاعتقال داخل القصر العدلي عند دخوله مكتب أحد القضاة، بسبب مشاركته في تظاهرات ساحة الكرامة في السويداء، طالب بنقل مرشد إلى خارج السويداء كعقوبة على تصرفه هذا. واشتكى إلى فرع نقابة المحامين، التي اكتفت بالاستفسار، من دون أي موقف حازم يمنع التعدي وتجاوز القانون، أو حتى القيام بالتوقف عن المرافعة لنصف ساعة احتجاجاً، كما جرت العادة في نقابة محامي المحافظة في حال التجاوز على أي من المحامين المنتسبين لها.

عماد العشعوش: نشهد في محافظة السويداء محاولات يومية لإفقار المواطن وإذلاله

وقال الناشط الحقوقي المحامي عادل الهادي، الذي كان أول من تحدث عن الاعتداء على زميله، لـ"العربي الجديد"، إن "الوظيفة العامة ليست ملكاً لأحد، لا حزب ولا شخص، كائناً من كان".

القاضي لا يصح أن يكون "مرتزقاً"

وأوضح أنه "يمنع على القاضي أن يكون له موقف سياسي أو حزبي بموجب قانون السلطة القضائية، وهذا يعني أن القاضي لا يصح أن يكون شبيحاً أو مرتزقاً، لأنه بذلك يخالف أحكام القانون"، مؤكداً أن "الاعتداء على أحد الزملاء المحامين في قصر العدل أمر غير مقبول".

ووقف المحامون احتجاجاً أمام القصر العدلي، الاثنين الماضي، وأصدروا بياناً استنكروا فيه الاعتداء على زميلهم شخصياً ومعنوياً، مؤكدين وقوفهم إلى جانب العدالة والقانون، معتبرين أن قصر العدل هو المكان الذي يفترض أن تتحقق فيه العدالة والقانون دون تمييز أو محاباة.

وأضاف البيان أن "الاعتصام سلمي وخاص بالمحامين فقط"، مشيرين إلى أنهم فوجئوا بقرار النائب العام إغلاق قصر العدل وتعطيل قضايا المواطنين والمحامين والقضاة.

وكان النائب العام قد سبق وعطل العمل في قصر العدل لعدة أيام في بداية الحراك الشعبي، مبرراً الأمر بحماية القضاة والمحامين من أي اعتداء. ولم يسمح بعودة القضاة للعمل إلا بعد ضغط شعبي كبير، واتصال مباشر من شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في سورية حكمت الهجري.

يذكر أن نقابة المحامين في السويداء كانت السباقة من بين النقابات في المحافظات بالاعتصام والوقوف إلى جانب الحراك في سورية عند اندلاعه في ربيع العام 2011، حيث اعتصم محامو السويداء أمام النقابة وأصدروا بياناً مؤيداً للحراك السلمي، وطالبوا السلطات بتنفيذ وحماية التشريعات التي تقر بحق المواطنين في التظاهر والتعبير، ودانوا أعمال العنف التي يتعرض لها المتظاهرون السلميون. وقد أدى هذا الاعتصام حينها إلى اقتحام نقابة المحامين، والاعتداء على بعض المحامين بالضرب واعتقال البعض.

النائب العام بالسويداء "محارب" للعدالة

كمال أبو العز، وهو اسم مستعار لمحامٍ منتسب لنقابة محامي السويداء، قال، لـ"العربي الجديد": "نأسف أن يكون النائب العام في المحافظة قطب من أقطاب محاربة العدالة، وهذا للأسف ليس جديداً، وقد تم تعيينه منذ البداية بناء على محسوبيات نتيجة ارتباط وثيق لأخيه، الذي يقود فصائل الدفاع الوطني (مليشيات حليفة للنظام)، مع أجهزة النظام في دمشق، الأمر الذي سهل له إمساك زمام الأمور في القصر العدلي، والتحكم بقراراته، وتهميش العديد من قرارات القضاة على مدى أكثر من أربع سنوات".

وأضاف: "المؤسف أكثر أنه مع انطلاق الاحتجاجات في السويداء لعب القاضي فؤاد سلوم، الدور الأكبر في تضليل الرأي العام تجاه المحتجين، وتكرس ذلك بإصداره قراراً غير مكتوب طلب فيه من الموظفين في المحكمة والمحامين والقضاة عبر مجموعة واتساب عدم الدوام مع بداية الحراك، لإيهام الشارع بأن المتظاهرين هم الذين أغلقوا القصر وعطلوا مصالح المواطنين". وتابع: "فوجئنا بعد أيام بأن أسماء من اعترضوا على قراره أصبحت ضمن القوائم المطلوبة أمنياً من قبل أفرع النظام".

تابعت لجان الحراك الشعبي إزالة رموز النظام عن واجهات المؤسسات العامة وداخل المكاتب

وشهدت العديد من المؤسسات الخدمية في المحافظة محاولات عدة لتعطيل أعمال المواطنين واحتياجاتهم اليومية، حيث أغلقت السلطات منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي مكتب وزارة الخارجية الكائن في مقر المجلس البلدي، وكذلك بدأت تتفاقم معاناة المواطنين جراء محاولات تعطيل المؤسسات الخدمية الرئيسية كالمياه والكهرباء والاتصالات.

محاولات النظام لإفقار المواطن وإذلاله

وقال الناشط عماد العشعوش، لـ"العربي الجديد": "نحن نشهد في محافظة السويداء محاولات يومية لإفقار المواطن وإذلاله، وبات واضحاً للجميع أن السلطة الحاكمة تحاول الضغط لوقف الاحتجاجات الشعبية عبر عرقلة أعمال المواطنين وحاجاتهم".

وأضاف: "منذ بداية الاحتجاجات يسعى النظام لإنشاء شارع معاد للمتظاهرين، وخلق توتر وفوضى وصدام بين المواطنين، من خلال تحميل مسؤولية الفساد السياسي والاقتصادي والخدمي المستشري في مؤسسات الدولة للحراك الشعبي، واتهامه بتعطيل المؤسسات والخدمات العامة في المحافظة".

أحد موظفي دائرة الأحوال المدنية والنفوس في السويداء قال، لـ"العربي الجديد": "أدى الاعتصام في بدايته إلى وقوف غالبية الموظفين في جميع المؤسسات العامة مع الحراك الشعبي، من خلال إغلاق المؤسسات وإعطاء مبرر لغياب الموظف عن مكان عمله. وفي ما بعد أدرك منظمو الحراك الانعكاس السلبي لإغلاق بعض المؤسسات فدعوا لعملها وساهموا بحمايتها من أي أعمال شغب أو تخريب".

وأضاف: "لكن وجدت السلطات الأمنية في إغلاق أو تعطيل بعض الأقسام، بشكل كلي أو جزئي، الفرصة المناسبة لخلق نقمة شعبية ضد المتظاهرين".
وبات من الطبيعي أن ينتظر المواطن لساعات في أي مؤسسة بحجة تعطل شبكة البيانات، أو الكومبيوتر، أو الطابعة، أو مولدة الكهرباء، إلى جانب غياب الموظف لأسباب تعطل المواصلات وازدحام السير وغيره من الأسباب التي تُلقى على عاتق الحراك في السويداء.

وكانت مؤسسة مياه الشرب في محافظة السويداء قد شهدت، أمس الثلاثاء، احتجاجات شعبية، حيث قام عدد من أبناء مدينة السويداء بإقفال الباب الرئيسي لفترة من الوقت احتجاجاً على فساد العاملين في المؤسسة، وعدم حصول السكان على الماء، فيما قام محتجون من أبناء بلدة قنوات بإغلاق محطة المياه للسبب نفسه.

من ناحية أخرى، تابعت لجان الحراك الشعبي إزالة رموز النظام، من صور وتماثيل، عن واجهات المؤسسات العامة، وداخل المكاتب، فيما بدأت عملية تغيير أسماء عدد من الطرق والأمكنة التي تحمل اسم باسل الأسد، الذي أطلق اسمه على غالبية المنشآت والمدارس والطرق، في تكريس النظام لسورية كأنها ملكية خاصة لعائلة الأسد، كما يرى المحتجون.