احتجاجات السويداء: النظام السوري يزج بالموالين في مواجهة المتظاهرين

احتجاجات السويداء: النظام السوري يزج بالموالين في مواجهة المتظاهرين

10 يناير 2023
موالون للنظام في ساحة الكرامة في السويداء أمس (العربي الجديد)
+ الخط -

تجمّع المئات من المحتجين، أمس الاثنين، في ساحة الكرامة في قلب مدينة السويداء جنوب سورية، استجابة لدعوات نشطاء الحراك المدني السلمي في السويداء، الذي ينشط منذ فترة في المحافظة في الدعوة إلى الاعتصام، الذي حاول النظام إفشاله بزج عدد من مواليه من أعضاء حزب "البعث" الحاكم. وألقى الناشط المدني منيف رشيد، بياناً في ساحة الكرامة، أكد فيه أن "الحراك المدني السلمي هو سبيلنا إلى الحرية والكرامة وحقوق الإنسان ودولة المؤسسات وسيادة القانون".  ودعا المحتجين إلى الاستمرار في الاعتصام الرمزي، الذي يستمر لمدة ساعة كل يوم اثنين، منذ عدة أسابيع، احتجاجاً على تردّي الحالة المعيشية. ورفع المحتجون لافتات تندد بـ"الاستبداد وقمع الحريات"، وأن "الكرامة ليست محل تفاوض"، و"الوجع السوري واحد". 

في المقابل، حشد النظام مواليه من أعضاء حزب "البعث" الحاكم في الساحة ذاتها، في محاولة واضحة لإفشال الوقفة الاحتجاجية من خلال التشويش عليها. وقال ماهر ص، الذي فضل عدم ذكر كنيته لأسباب أمنية، في حديث مع "العربي الجديد": "حملنا لافتات تضامن مع إخوتنا في الشمال السوري". وأضاف: "لا تصالح مع النظام. المطلوب تطبيق القرار الدولي 2254، رغم أنه لا يرتقي إلى مستوى تطلعات الشعب السوري الذي ضحى بكل ما يملك من أجل كرامته وحريته". 

النظام السوري يُحاول ترهيب السكان

وهزت السويداء، مساء أول من أمس الأحد، ثلاثة انفجارات، وفق شبكة "الراصد" المحلية، التي يرى مدير تحريرها سليمان فخر، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الهدف منها "ترهيب السكان"، مشيراً إلى أن النظام استبق اعتصام أمس الاثنين بالدعوة إلى وقفات في ساحة الكرامة تطالب برفع العقوبات المفروضة من قبل المجتمع الدولي على النظام. 
وفي السياق، أشار عزام ح، الذي كان ضمن المحتجين في ساحة الكرامة، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "النظام يحاول جر محافظة السويداء إلى فتن داخلية، من خلال حشد "شبيحته" في مواجهة المحتجين السلميين". وأضاف أنه يكرر السيناريو الذي طبّقه في بدايات الثورة في المدن السورية المنتفضة عليه، حيث كان يضع "الشبيحة" في مواجهة الشعب لقمعه.

عزام ح: النظام يحاول جر محافظة السويداء إلى فتن داخلية

وبيّن عزام ح أن المحتجين في محافظة السويداء "لن ينجرّوا وراء محاولات النظام"، مضيفاً أن "اعتصامنا سلمي وسيبقى كذلك، ولن نتخلف عنه كل يوم اثنين، ولدينا آمال بانضمام محافظات سورية أخرى إلينا، لأنه السبيل الوحيد لإحداث التغيير المنشود". 

ورأى أن مؤيدي النظام في المحافظة "يأملون أن يفضي التقارب التركي مع (رئيس النظام) بشار الأسد إلى إعادة تأهيله"، مضيفاً: هم واهمون. بشار الأسد مسؤول عن كل عمليات القتل والتهجير والتدمير التي جرت في عموم سورية منذ عام 2011. لن تستطيع أي دولة تعويم الأسد مرة أخرى، فلا استقرار في البلاد من دون خروجه من المشهد السياسي في سورية، بل وتقديمه للمحاكمة مع أركان نظامه. 
وأشار إلى أن "عموم المناطق التي يسيطر عليها الأسد تعيش أوضاعاً معيشية مأساوية"، مضيفاً: لم يعد لدى حكومة النظام ما تقدمه للشعب، حيث لا محروقات ولا كهرباء ولا خدمات، ولا تلوح في الأفق أي حلول، لأن النظام لا يكترث بمعاناة السوريين، وغير معنيّ بتطبيق القرارات الدولية، وفي مقدمتها القرار 2254. 

وتشهد محافظة السويداء، منذ مطلع العام الماضي، حراكاً شعبياً متصاعداً، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية للسكان في هذه المحافظة محدودة الموارد. وانتقل الحراك إلى مستويات سياسية، حيث بدأ المحتجون المطالبة بالتغيير السياسي في البلاد، وهو ما يعد تحولاً كبيراً يقلق النظام الذي حاول منذ عام 2011 تحييد السويداء، ذات الغالبية الدرزية من السكان.

حراك مدني سلمي في السويداء

وانبثقت من الحراك المدني السلمي في السويداء حركة شبابية باسم "الحركة الشبابية السياسية"، تأسست في عام 2021. وهي مكونة من 60 شاباً وشابة من السويداء، تأمل أن تشمل كل المحافظات السورية للإعلان عن منصة سياسية جديدة خاصة بالشباب السوري. 
ورأى أحد أعضاء المكتب السياسي في "الحركة الشبابية السياسية"، (فضّل عدم ذكر اسمه) في حديث مع "العربي الجديد"، أن المجتمع السوري "يعاني من غياب الهويات السياسية والمجموعات المنظمة ذات الفكر التغييري". وأضاف: هذا الغياب ممنهج، ويهدف إلى الإبقاء على الفراغ السياسي في البلاد كي يستمر هذا النظام في السلطة. 
وأشار إلى أن الحركة "تعتمد الخطاب الجامع الوطني غير المبني على أساس عرقي أو قومي أو طائفي أو مناطقي، ويتقاطع مع آمال وطموحات وتطلعات كل من يحمل الجنسية السورية داخل الحدود الجغرافية وخارجها، ويريد الحياة الكريمة له ولأبنائه". من جانبها، ذكرت مسؤولة المكتب السياسي في الحركة، التي تستخدم اسماً حركياً هو رايا سبيعي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الخطاب الموضوعي الذي اعتمدناه ساعد في الوصول إلى شباب سوريين في مختلف المحافظات"، مضيفة أن الشباب السوري بمختلف أطيافه له الاحتياجات نفسها ويشترك في الكثير من التطلعات. 

رايا سبيعي: غياب القضاء المستقل ودولة القانون وراء الأزمة

 

وتابعت: الشباب السوري يبحث عن دور حقيقي، ومشاركة فاعلة في الحياة السياسية، تؤدي إلى تعزيز صوته الذي غُيب من النظام والمعارضة التقليدية. نحن نؤمن بأن الديمقراطية وحدها تبني الدولة المنشودة من كل السوريين على اختلاف مشاربهم السياسية وطوائفهم وقومياتهم. ورأت سبيعي أن "غياب القضاء المستقل ودولة القانون لصالح الهيمنة الأمنية، كان وراء الأزمة التي تعيشها سورية، إضافة إلى غياب العدالة الاجتماعية، والحياة السياسية". 
وبينت أن الحركة "تعمل بإمكانيات مادية ضئيلة"، مؤكدة رفض الحركة لـ"المال السياسي"، مضيفة: هناك طرق نظيفة للحصول على المال لاستمرار الحركة ونشاطها بعيداً عن الأجندات التي دمرت البلاد. الحركة تتوسع وتكبر يومياً، ولن نعجز عن تمويل نشاطاتها طالما أننا نؤمن بأنفسنا. وأشارت إلى أن الحركة "تقدم فكراً جديداً بعيداً عن الأحقاد والمنازعات، والوصولية"، مضيفة: ندرك مخاطر التنظيم السياسي في بلاد تعمل سلطاتها على مخاصمة القوى السياسية المستقلة.