اتحاد الشغل التونسي يلمح إلى نيته طرح مشروع مستقل عن قيس سعيد

اتحاد الشغل التونسي يلمح إلى احتمال طرح مشروع مستقل عن قيس سعيد

27 مايو 2022
سيبحث اتحاد الشغل مشروع إصلاحات سياسية الأسبوع المقبل (الأناضول)
+ الخط -

شدد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، اليوم الجمعة، على رفض منظمته المشاركة في الحوار الذي دعا إليه الرئيس التونسي قيس سعيد، في اللجنة الاستشارية التي شكلها لـ"بناء جمهورية جديدة".

واستنكره الطبوبي، خلال افتتاح أشغال الهيئة الإدارية الوطنية، إدراج اسمه في المرسوم الرئاسي المتعلق باللجنة المذكورة رغم رفض الاتحاد السابق لإصدار المرسوم، مؤكدًا أن "موقف الاتحاد من الحوار ثابت ولم يتغير".

وأوضح الطبوبي أن الاتحاد سيبحث مع خبراء مشروعا اقتصاديا واجتماعيا في جلسة اليوم، وكذلك مشروع إصلاحات سياسية الأسبوع المقبل، وسيعرضها على التونسيين، في تلميح إلى أن الاتحاد سيطرح مشروعه المستقل عن مشروع الرئاسة، وبما يفيد أيضًا أن الهوة تتسع بين الطرفين، وأن التونسيين سيكون أمام متغيرات جديدة.

ولم يفهم الطبوبي كيف أُدرج اسمه في قائمة المشاركين في لجنة الرئيس، وكذلك عمداء كليات الحقوق الذين وجدوا أسماءهم في المرسوم الرئاسي رغم إصدارهم بيانًا برفضهم المشاركة قبل يوم من ذلك، و"كأن الرئاسة لا تسمع أحدا، وتسير في طريق لا يلتفت لأي مؤثر خارجي".

وأكد وزير الخارجية عثمان الجرندي أن خريطة الطريق التي أعلن عنها رئيس الجمهورية "سائرة بشكل طبيعي نحو التنفيذ".

وأضاف الجرندي، في إجابته عن بعض استفسارات الجالية المقيمة في غينيا الاستوائية حول المسار السياسي في تونس، الخميس، أن "مختلف محطات هذه الخريطة تم تحديد رزنامتها مع تشكيل اللجان المعنية بها للوصول إلى استفتاء يوم 25 يوليو/ تموز لاعتماد الدستور الجديد وصولا إلى الانتخابات التشريعية المقررة يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل"، بحسب بيان للخارجية.

وسُجّل رفض واسع من المنظمات للانخراط في عملية تزكية نتائج مسبقة، فيما اكتفى رئيس اللجنة الاستشارية العميد الصادق بلعيد بالقول في تصريح للتلفزيون الرسمي: "نعمل بمن حضر"، في حين أنه لن يحضر أحد، على الأقل في اللجنة القانونية، وهو ما يعني أنه سيكتب دستورا بمفرده أو مع المتخصصين المقربين من الرئيس.

ورغم كل مؤشرات الرفض الواسع لتوجّه قيس سعيد، فإنه يواصل سيره فيه، حتى إن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وصفه بـ"المأزق"، وقال الخميس: "اتفقنا مع إيطاليا على مساعدة تونس للخروج من المأزق الذي تمر به وتعود للطريق الديمقراطي، ونفس الشيء بالنسبة إلى ليبيا".

كما أكد سفير الاتّحاد الأوروبي بتونس، ماركوس كورنارو، الخميس، دعم برلمانيين أوروبيّين زاروا تونس مؤخرا، لعودة سريعة إلى النظام الدستوري الذّي ناقشه وتشاور بشأنه كلّ الفاعلين في المجتمع التونسي.

وقال كورنارو إنّ لقاءات هؤلاء البرلمانيين الأوروبيّين شملت الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدّين الطبوبي، ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصّناعات التقليدية سمير ماجول، ورئيس النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي، ورئيس الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب فتحي الجراي، ورئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، والصّادق بلعيد الرّئيس المنسّق للهيئة الوطنيّة الاستشارية "من أجل جمهوريّة جديدة".

وبيّن ماركيز كورنارو أنّ المحادثات "ركّزت على مسائل تهمّ دولة القانون، وخاصّة القرارات المتتالية لحلّ المؤسّسات الدّستورية وحلّ مجلس نواب الشعب، والمخاطر المتّصلة بتجميع السّلط"، مؤكدًا أنه "تم الكثير من المخاوف إزاء تجميع السّلطات في يد شخص واحد (رئيس الدّولة) والانحراف بالسلطة، وهو ما يمثّل تهديدا حقيقيا للمكتسبات الدّستورية للبلاد".

وأكّد أنّ" العودة إلى الوضع الدّيمقراطي في أقرب الآجال وعودة النشاط البرلماني يمثّلان محطّات مفصليّة بالنسبة إلى تونس". كما شدّد على وجوب المحافظة على ترسيخ الدّيمقراطية في البلاد واحترام دولة القانون واحترام الدستور أيضا، مؤكدًا أن الاتحاد الأوروبي سيبقى مع ذلك مساندا للشعب التونسي.

من جهته، أكد المحلل السياسي أيمن البوغانمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "المشكلة تنقسم إلى عدة مستويات، أبرزها المستوى القانوني والدستوري باعتبار أننا بلد يعيش خارج الدستور وخارج الآليات الديمقراطية وأعراف الخروج من الأزمات، وفي مثل هذه الحالة يبقى هناك حلان، حل القوة وفيه يفرض الطرف الأقوى ما يشاء باستخدام العنف، وهذا غير مطروح في تونس، والحل الثاني الذي يكمن في الحوار، إلا أن رئيس الجمهورية ليس رجل حوار، ولعل الدليل على ذلك أنه منذ توليه الحكم بعد قرابة ألف يوم لم يدل بتصريح للصحافة، فإذا كان لا يتحاور مع الصحافيين، فما بالك مع خصومه السياسيين".

وخلص المحلل السياسي إلى أن "تونس اليوم وقعت في فخ ولا تعلم كيف ستخرج منه"، مؤكدًا أن "الحوار بشكله الحالي ليس حوارًا؛ بل هو ورقة توت لإخفاء عري "المرور بقوة""، قائلًا: "نحن في حالة مرور بقوة، وهو يحتاج إلى مسوغات ومبررات تحاول أن تضفي المشروعية".

وتابع "هناك أطراف تقبل أن توفر هذه الورقة.. بقي أن يعطي المعني بهذه المبررات (الرئيس) هذه الأطراف (مسانديه) المساهمة التي يطلبونها، حتى ترتاح ضمائرهم ربما، أو لرفع الحرج، وحتى يجابهوا العالم بما يقومون به لشرعنة الخروج على الدستور والقانون".

وبين البوغانمي أن "أسباب ذلك تعود ربما لطبيعة الرئيس التي تحتاج تحليلا نفسيا أكثر منه سياسيا، فهناك نوع من الطهرانية المفرطة، والدغمائية الكلية في اعتبار أن مشروعه سيحل كل المشاكل، وهو يجد صعوبة في اصطدامه بالواقع، فيفكر في تغيير الواقع بدل تغيير أفكاره".

وبشأن كلام الرئيس الجزائري أمس، قال البوغانمي إن "تطور موقف الجزائر مفاجئ، لأننا كنا نتصور أنها داعمة لنظام سعيد، وكانت وفرت دعما ماليا آخر السنة الماضية، ولكن موقف الرئيس الجزائري يؤكد تزايد العزلة الخارجية للرئيس والبلاد في نفس الوقت، بالإضافة إلى تزايد عزلته الداخلية".

المساهمون