إيران تجري مباحثات مع دول غربية: مستعدون لاستئناف المفاوضات النووية

طهران تجري مباحثات مع دول أوروبية وتؤكد استعدادها لاستئناف المفاوضات النووية

07 يوليو 2023
عبداللهيان: المباحثات مع الأوروبيين تهدف إلى "تجاوز سوء الفهم" (الأناضول)
+ الخط -

أكدت السلطات الإيرانية، اليوم الجمعة، أنّها تخوض حالياً مباحثات مع الدول الأوروبية الثلاث؛ فرنسا وبريطانيا وألمانيا، لـ"إزالة سوء الفهم"، معلنةً عن استعدادها لاستئناف المفاوضات النووية المتعثرة منذ سبتمبر/ أيلول الماضي.

وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في مقابلة تلفزيونية، إنّ طهران قد بدأت منذ أسابيع مباحثات مع الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا)، مشيراً إلى أنّ هذه المفاوضات بدأت في النرويج، وأخيراً استمرت في أبوظبي الإماراتية.  

وأضاف أنّ المباحثات مع الأوروبيين تهدف إلى "تجاوز سوء الفهم وإدخال إيران والدول الأوروبية الثلاث على طريق تعاون وتعامل أفضل"، لافتاً إلى أن الحكومة الإيرانية الحالية تعمل على مسارين في مواجهة العقوبات الأميركية المشددة، المسار الأول هو إفشال مفاعيل تلك العقوبات، والمسار الثاني هو السعي لإلغاء العقوبات من خلال الدبلوماسية والتفاوض.  

يشار إلى أنّ كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني كان قد التقى، خلال الشهر الماضي، نائب مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي أنريكي مورا، الذي يشغل أيضاً صفة منسق المفاوضات النووية بين إيران والمجموعة الدولية بخصوص الاتفاق النووي التي ترمي تلك المفاوضات المتعثرة حالياً إلى إحيائه. كما أجرى باقري كني مباحثات في أبوظبي، الشهر الماضي، مع نظرائه في الدول الأوروبية الثلاث؛ فرنسا وبريطانيا وألمانيا.  

استعداد إيران لاستئناف المفاوضات 

من جهته، قال المندوب الإيراني الدائم لدى الأمم المتحدة سعيد إيرواني، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن تقييم تنفيذ القرار رقم 2231 للمجلس والمكمل للاتفاق النووي المبرم عام 2015، إنّ المفاوضات النووية في فيينا "قد توقفت ليس بسبب إيران، بل بسبب غياب الإرادة لدى الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية الثلاث، وبسبب ملاحظاتها السياسية الداخلية".  

وأضاف إيرواني أنّ إيران "مستعدة" لاستئناف المفاوضات النووية "اذا ما كانت الأطراف الأخرى أيضاً مستعدة لذلك"، محملاً الولايات المتحدة الأميركية "مسؤولية الوضع الراهن للاتفاق النووي بسبب انسحابها غير القانوني من الاتفاق عام 2018 وفرضها العقوبات على إيران". 

وانتقد المندوب الإيراني الدائم لدى الأمم المتحدة دعوة رئاسة مجلس الأمن لأوكرانيا للمشاركة في الاجتماع، قائلاً إنّ "لا علاقة لهذا البلد، سواء مباشرة أو غير مباشرة، بأجندة الجلسة"، مع التأكيد أنّ "إيران لطالما حافظت على موقفها الحيادي من الحرب الأوكرانية". 

ولم يستمر التفاؤل أخيراً بشأن تراجع منسوب التوتر بين إيران من جهة والولايات المتحدة وأوروبا من جهة أخرى، على خلفية تواتر أنباء عن قرب توصل طهران وواشنطن إلى تفاهمات في مفاوضات سرية بواسطة عمان وقطر، لتعود حرب التصريحات بين الطرفين إلى الواجهة مجدداً، الذي عكسته مداولات جلسة مجلس الأمن الدولي، أمس الخميس، عندما انتقدت الأطراف الأميركية والأوروبية بشدة البرنامجين الصاروخي والنووي الإيرانيين، فضلاً عن عودة التشنج إلى مياه المنطقة بعد اتهامات أميركية إلى الحرس الثوري الإيراني، يوم الأربعاء الماضي، بشأن سعي قواته إلى احتجاز ناقلتي نفط بالقرب مع مضيق هرمز، غير أنّ سلطة الموانئ الإيرانية عزت تلك المحاولة إلى اصطدام الناقلتين بسفينة تجارية إيرانية وإصابة عدد من ركابها.  

جلسة ساخنة 

وخلال جلسة مجلس الأمن الدولي الدورية لتقييم تنفيذ القرار 2231، التي تعقد كل ستة أشهر مرة واحدة كما ينص عليه القرار، انتقد مندوبو الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا السياسات الإيرانية، مع التركيز على اتهام إيران بتزويد روسيا بالمسيرات القتالية لاستخدامها في الحرب على أوكرانيا، مع اعتبار ذلك "انتهاكاً" للقرار ودعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس إلى إجراء تحقيقات حول هذا الموضوع. 

وفيما يُفترض أنّ تنتهي آجال القيود المفروضة على البرنامج الصاروخي الإيراني، اعتباراً من 18 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، طالبت فرنسا وبريطانيا وألمانيا بتمديد تلك العقوبات المفروضة على البرنامج الصاروخي الإيراني.  

وفي تصريحات خلال جلسة مجلس الأمن، قال المندوب الأميركي روبرت وود إنّ بيع إيران المسيرات إلى روسيا "ينتهك" القرار 2231، مشيراً إلى إطلاق إيران خلال الشهر الماضي صاروخاً بالستياً فرط صوت، ليؤكد أنّ الإدارة الأميركية "ستمنع وصول إيران إلى التقنيات الحساسة للصواريخ وتصديرها". 

ودعا المندوب الأميركي الأمين العام للأمم المتحدة إلى إجراء تحقيقات بشأن تزويد إيران المسيرات القتالية لروسيا في غضون 30 يوماً. 

كذلك، أكدت المندوبة البريطانية لدى الأمم المتحدة باربرا وودوارد، خلال كلمة في مجلس الأمن، أنّ "كمية اليورانيوم المخصب في إيران 21 ضعف الحد المصرح به في الاتفاق النووي"، مضيفةً أنّ "قدرة إيران على التخصيب توسعت إلى التخصيب من خلال 25 جهاز طرد مركزي متطوراً، مما يمنح القدرة على إنتاج الأسلحة النووية". 

في غضون ذلك، تصاعد التوتر بالذات بين إيران وبريطانيا، عكسته عقوبات بريطانية جديدة على إيران، وإعداد مشروع قانون يمنح الحكومة صلاحيات إضافية لاستهداف صنّاع القرار في طهران بسبب "أنشطتهم المعادية"، سواء كانت هذه الأنشطة في المملكة المتّحدة أو خارجها، ما دفع إيران لاستدعاء القائمة بالأعمال البريطانية لإبلاغها رسالة احتجاج. 

وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، أمام مجلس العموم، إنّ بريطانيا فرضت عقوبات على "13 فرداً وكياناً إضافياً مسؤولين عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان". 

ومن بين الذين أدرجت أسماؤهم على القائمة البريطانية السوداء خمسة مسؤولين في نظام السجون الإيراني، حيث "يسود التعذيب وسوء المعاملة". 

وشملت القائمة السوداء أيضاً "المجلس الأعلى للثورة الثقافية"، المسؤول عن "فرض الأعراف الاجتماعية والثقافية التي تضطهد الإيرانيين". كما شملت العقوبات "ستّة فاعلين رئيسيين مسؤولين عن قمع حرية التعبير على الإنترنت". 

من جهتها، قالت وزارة الخارجية البريطانية، في بيان لها، إنّ السلطات في المملكة المتّحدة أحصت، منذ بداية 2022، أكثر من 15 "تهديداً موثوقاً به" باغتيال أو اختطاف بريطانيين أو أشخاص مقيمين في المملكة المتحدة تعتبرهم طهران "أعداء للنظام". 

وفي طهران، أفاد الإعلام الرسمي بأنّ وزارة الخارجية استدعت القائمة بالأعمال البريطانية لإبلاغها رسالة احتجاج على "الأفعال التخريبية والتدخلية". 

وقالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا"، إنّه "ردّاً على الأفعال والتصريحات التخريبية والتدخّلية المستمرة لبريطانيا، تمّ استدعاء القائمة بأعمال السفارة البريطانية في طهران إيزابيل مارش إلى وزارة الخارجية"، مضيفةً أنّ الخارجية الإيرانية تعتبر "تصريحات ومواقف السلطات البريطانية والعقوبات الأخيرة عملاً غير شرعي وتدخّلياً". 

ويبدو أنّ بريطانيا على الرغم من اتخاذها تلك الخطوات، لا تنوي في الوقت الراهن تصعيد التوتر مع إيران، إذ كتبت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، أمس الخميس، أنّ الحكومة البريطانية رفضت الطلبات البرلمانية لإدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة "المنظمات الإرهابية"، مشيرةً إلى أن هذه الخطوة من شأنها أن تغضب الكثير من أعضاء البرلمان البريطاني.  

من جهتها، علقت وكالة "إرنا" الإيرانية على الانتقادات الغربية الحادة خلال جلسة مجلس الأمن لإيران، باتهام الغرب بـ"الاستمرار في المؤامرة" ضد إيران، قائلةً إنّ جلسة مجلس الأمن لتقييم تنفيذ القرار 2231 تحولت إلى "ساحة جدال بين الدبلوماسيين الأميركيين والبريطانيين مع المندوب الروسي". 

وقالت الوكالة إنّ الغرب من خلال توجيه الدعوة لأوكرانيا للمشاركة في الجلسة "كان بصدد إكمال خطتها ضد البرنامج الدفاعي الرادع للجمهورية الإٍسلامية الإيرانية واستمرار الحظر الصاروخي". 

يُذكر أن تقارير وتصريحات غربية وأوكرانية تتهم طهران بالسعي لتصدير صواريخ بالستية إلى روسيا، إضافة إلى المسيرات الانتحارية لاستخدامها في الحرب على أوكرانيا. لكن إيران ظلت تنفي صحة هذه الاتهامات.