إعادة الاعتبار لزعيم اغتيل في الجزائر: لاستحقاقات سياسية مقبلة؟

فعاليات لإعادة الاعتبار لزعيم نقابي اغتيل في الجزائر: لاستحقاقات سياسية مقبلة؟

25 يناير 2024
مبادرة لإحياء الذكرى السابعة والعشرين لاغتيال الزعيم النقابي عبد الحق بن حمودة (فيسبوك)
+ الخط -

تجري في الجزائر استعدادات حثيثة لإقامة فعاليات تعيد الاعتبار لزعيم نقابي اغتيل خلال أزمة التسعينيات في الجزائر، ضمن خطوات تشمل إعادة الاعتبار لعدد من الشخصيات السياسية والقيادات العسكرية والأمنية التي برزت في مناوئة التشدد خلال الأزمة التي شهدتها البلاد في التسعينيات.

وأعلن المرصد الوطني للمجتمع المدني (هيئة رسمية تتبع رئاسة الجمهورية) مبادرة لإحياء الذكرى السابعة والعشرين لاغتيال الزعيم النقابي والأمين العام السابق للعمال الجزائريين، كبرى النقابات العمالية في البلاد عبد الحق بن حمودة، حيث ستقام هذه الفعالية بالتنسيق مع اتحاد العمال، فيما تجري المنظمة العمالية تحضيرات لإقامة فعالية كبيرة، بحضور نقابيين من دول عربية وأفريقية تكريماً للزعيم النقابي، بمناسبة إحياء الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العمالي وتأميم المحروقات في 24 فبراير/ شباط المقبل.

ومنذ اغتياله قبل 27 عاماً، كانت تجري فعالية محتشمة في ذكرى اغتيال بن حمودة، عبارة عن وضع إكليل من الزهور على نصبه التذكاري المخلد له بالمركزية النقابية وقراءة فاتحة الكتاب وكلمة تأبين، خصوصاً في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي تبنى خيار الوئام المدني والمصالحة الوطنية، وكانت سياساته حريصة على عدم إقامة الفعاليات أو تكريم شخصيات لها صلة بمرحلة الأزمة الأمنية وقرار توقيف المسار الانتخابي عام 1992، الذي وصفه بوتفليقة نفسه بأنه "كان عنفاً آخر".

 لكن الظاهر أن السلطة الجزائرية الحالية بقيادة الرئيس تبون تنحاز إلى خلاف ذلك، وتعتزم إعطاء الذكرى هذا العام حجماً سياسياً أكبر، ضمن سياق ومناخات ذات صلة باستحقاقات سياسية.

واغتالت مجموعة محسوبة على المتشددين الإسلاميين في 28 يناير 1997، الأمين العام لاتحاد العمال الجزائريين عبد الحق بن حمودة، قرب مقر المنظمة النقابية في ساحة أول مايو وسط العاصمة الجزائرية، بعدما كان قد نجا من محاولة اغتيال أولى جرت قرب منزله في منطقة القبة في أعالي العاصمة الجزائرية عام 1993، وبعد اغتيال شقيقه وعمه، بسبب دعم الزعيم النقابي لقرار الجيش توقيف المسار الانتخابي في يناير 1992، ومعارضته للتيار الإسلامي بشدة.

وترأس بن حمودة برفقة عدد من الشخصيات التقدمية لجنة إنقاذ الجزائر "اللجنة الوطنية للدفاع عن الجمهورية"، التي وفّرت الغطاء السياسي للسلطة عقب وقف المسار الانتخابي وإلغاء الدور الثاني من الانتخابات النيابية الذي كان مقرراً في يناير 1992.

وعُرف بن حمودة بمواقفه المناوئة لسياسات الحكومة الموجهة لخصخصة وبيع المؤسسات العمومية، ولاتفاقي إعادة الهيكلة مع صندوق النقد الدولي والشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وقاد قبيل فترة قصيرة من اغتياله مشروع إنشاء حزب سياسي جديد يجمع القوى والشخصيات التقدمية الموالية للسلطة والمناهضة للإسلاميين، باسم "التجمع الوطني الديمقراطي"، وهو الحزب الذي تأسس في فبراير 1997، وفاز بالانتخابات النيابية التي جرت في يونيو/ حزيران من العام نفسه.

وضمن مبادرة إعادة الاعتبار لبن حمودة، قرر حزب التجمع الوطني الديمقراطي تخصيص الاحتفالية بالذكرى السابعة والعشرين لتأسيسه في 21 فبراير، تخليداً لذاكرة الزعيم النقابي عبد الحق بن حمودة، وتقرر إطلاق اسمه على قاعة المحاضرات في المقر المركزي للحزب، واستغلالها كمتحف من خلال مجموعة من الصور تخلّد مسار بن حمودة وتضحياته. 

ومنذ اعتلاء الرئيس عبد المجيد تبون السلطة عام 2019، يجري مساعي وخطوات لإعادة الاعتبار لكثير من الشخصيات السياسية والعسكرية التي واجهت التشدد، إذ كان الرئيس تبون قد كرم في يوليو 2022 كبار القيادات العسكرية والأمنية التي قادت مرحلة مكافحة الإرهاب في التسعينيات، كقائد جهاز المخابرات محمد مدين والجنرال بن حديد ووزير الدفاع الأسبق خالد نزار.