إسرائيل تنفذ مناورة "اللكمة القاضية": الأهداف والرسائل

إسرائيل تنفذ مناورة "اللكمة القاضية": الأهداف والرسائل

01 يونيو 2023
تأتي التدريبات ضمن الاستعدادات لهجمات من عدة جبهات في الوقت ذاته (فرانس برس)
+ الخط -

يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ مناورة "اللكمة القاضية"، التي بدأت قبل يومين وتستمر مدة أسبوعين، والتي تحاكي اندلاع مواجهة على عدة ساحات في آن واحد.

وتعد "اللكمة القاضية" واحدة من أكبر المناورات العسكرية التي نفذها جيش الاحتلال حتى الآن، حيث تشارك فيها كل أذرع وأسلحة الجيش وقيادات مناطقه الجغرافية الثلاث: الشمالية، الجنوبية والوسطى، بالإضافة إلى قيادة الجبهة الداخلية.

وتختبر المناورة مستوى قدرات جيش الاحتلال العملياتية على المستويين الهجومي والدفاعي، التي يتوجب عليه إثباتها عند اندلاع مواجهة على ساحات: لبنان، سورية، غزة، والضفة الغربية وبإسناد من إيران.

وتهدف المناورة أيضاً إلى فحص مدى جاهزية الجبهة الداخلية الإسرائيلية لتحمل تبعات اندلاع المواجهة على ساحات المواجهة المختلفة.

وعلى الرغم من أن جيش الاحتلال لم يتطرق عند انطلاق المناورة للأسباب التي يمكن أن تفضي إلى اندلاع مواجهة شاملة على عدة ساحات، إلا أنه وفق منطق تل أبيب، فإن اندلاعها قد يكون نتاج تعرض إسرائيل لهجوم بالصواريخ أو بالمسيّرات الهجومية، ما يستدعي ردا عسكريا يفضي بدوره إلى اندلاع مثل هذه المواجهة.

كما تقدر تل أبيب أن مثل هذه المواجهة يمكن أن تندلع في حال أقدمت على توجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية، حيث ترى الدوائر الإسرائيلية أن طهران وحلفاءها سيردون عبر استهداف العمق الإسرائيلي بكثافة.

وإلى جانب اختبار مستوى القدرات العملياتية لجيشها، فإن إسرائيل تراهن أيضا على دور هذه المناورة في تعزيز قوة ردعها في مواجهة الأطراف التي في حالة عداء معها، لا سيما "حزب الله" وإيران.

وتهدف إسرائيل، من خلال الكشف عن النشاطات التي تنفذها في إطار المناورة، إلى إرسال رسالة تحذير إلى "حزب الله" من مغبة الإقدام على أية خطوة من شأنها أن تفضي إلى مواجهة شاملة معها؛ لا سيما أن قائد شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أهارون حليفا قد حذر في كلمته أمام مؤتمر جامعة "رايخمان"، الأسبوع الماضي، من إمكانية أن يقدم زعيم الحزب حسن نصر الله على "خطأ" يمكن أن يشعل مواجهة كبيرة.

وفي ظل الحديث عن مواصلة إيران تطوير برنامجها النووي وزيادة مستوى تخصيب اليورانيوم في منشآتها الذرية، فإن إسرائيل تراهن، من خلال تنفيذ المناورة، على إرسال رسالة إلى طهران مفادها أن الخيار العسكري لإحباط برنامجها النووي قائم وأنه يجدر بالقيادة الإيرانية إعادة النظر في خطواتها.

وقد جاءت مشاركة قائد المنطقة المركزية في الجيش الأميركي مايكل كوريلا في افتتاح المناورة، ونشر ديوان الناطق بلسان جيش الاحتلال صورته بجانب رئيس هيئة أركان الجيش هرتسي هليفي لتعزز من مضامين رسالة الردع؛ حيث تحاول إسرائيل تكريس انطباع بأنها لن تخوض المعركة وحيدة بالضرورة في حال اندلاع مواجهة شاملة على ساحات عدة، بل قد تكون مدعومة من الجيش الأميركي وإمكانياته الكبيرة.

لكن مشاركة كوريلا في افتتاح "اللكمة القاضية" لا تغطي على الخلافات الكبيرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، تحديدا في كل ما يتعلق بالملف النووي الإيراني وآليات التعاطي معه.

وفي هذا الجانب، ترى إسرائيل أنه يتوجب استخدام الخيار العسكري ضد إيران لمنعها من التحول إلى دولة "على حافة قدرات نووية"، بمعنى أن تكون لديها كميات اليورانيوم المخصب اللازم لإنتاج السلاح النووي.

في المقابل، فإن الولايات المتحدة، وكما عبر عن ذلك الرئيس جو بايدن، ترى وجوب استخدام الخيار العسكري ضد إيران فقط في حال اتخذت قرارا بإنتاج السلاح النووي، حيث إن زيادة مستوى تخصيب اليورانيوم لا يعد، حسب وجهة نظر واشنطن، مسوغا لاستخدام الخيار العسكري ضد إيران.

وتعي إسرائيل مدى تخوف الولايات المتحدة من تداعيات إقدامها على توجيه ضربة للمنشآت النووية من دون التنسيق معها، وتوظف المناورة الحالية أيضا في إرسال رسائل لواشنطن مفادها أنه يتوجب عليها ممارسة ضغوط أكبر على طهران لمنعها من مواصلة تطوير برنامجها النووي، لا سيما بعدما كشف تقرير لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن العثور على يورانيوم مخصب بنسبة أكبر من 83%، وهي نسبة تقترب من 90% اللازمة لإنتاج السلاح النووي.

وقد حرص المسؤولون الإسرائيليون على التعبير عن شعورهم بالقلق من محاولات الإدارة الأميركية التوصل إاتفاق "مؤقت" مع إيران، تلتزم فيه الأخيرة بفرض قيود على بعض مكونات برنامجها النووي، مقابل تخفيف الضغوط الأميركية عليها.

ومما فاقم هذه المخاوف ما كشفه موقع "والاه"، أمس، من أن مسؤول ملف الشرق الأوسط في البيت الأبيض بريت ماكغورك زار قبل ثلاثة أسابيع سرا عُمان، وناقش مع كبار مسؤوليها إمكانية أن تتوسط مسقط لدى طهران وتبحث مدى استعدادها لفرض قيود على برنامجها النووي.

وتكمن المفارقة في أن إسرائيل تحاول تكريس انطباع بشأن جدية استعداداها لتوجيه ضربة للمنشآت النووية، على الرغم من أنه سبق لرئيس وزرائها الأسبق إيهود أولمرت أن أوضح، في مقال نشره العام الماضي في صحيفة "جيروزاليم بوست"، أنه ليست لدى إسرائيل الإمكانيات العسكرية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية.

المساهمون