أنشطة اليمين المتطرف تتوغل داخل صفوف القوات المسلحة الألمانية

أنشطة اليمين المتطرف تتوغل داخل صفوف القوات المسلحة الألمانية

21 يونيو 2021
عنصران من القوات المسلحة الألمانية (Getty)
+ الخط -

يبدو أن نشاط اليمين المتطرف آخذ في التمدد داخل هياكل السلطات الأمنية في ألمانيا، وذلك بعد أن أعلن أخيرا عن عدد من الفضائح المتعلقة بسوء سلوك عناصر وضباط داخل مقار عملهم، الأمر الذي دفع بالعديد من السياسيين إلى المطالبة بكشف كل ملابسات وحيثيات تمدد اليمين المتطرف داخل صفوف القوى المسلحة.

والأبرز في هذا المجال ما نشرته الأسبوع الماضي صحيفة "تاغس تسايتونغ" عن الاشتباه في سوء سلوك يميني متطرف في شرطة البوندستاغ، إذ يشير التقرير إلى أن عناصر الشرطة المخولين حماية البرلمان الاتحادي عبروا، وفي تصريحات علنية، عن نزعة متطرفة، وتصرفوا بشكل مخالف للقانون، مبرزة حالات بعينها، ومن بينها، على سبيل المثال، مشاركة أحد الضباط في نشاطات حركة موطني الرايخ الرافضة للنظام الأساسي وإنكاره أمام زملائه وجود الجمهورية الاتحادية، فضلًا عن دعوة آخرين إلى مظاهرات ما يسمى بحركة التفكير الجانبي، فيما أدى زميل لهم تحية هتلر عدة مرات في غرفة الاستراحة مقلدا صوت الأخير. وتروّج حركة التفكير الجانبي نظريات المؤامرة حول فيروس كورونا والتقليل من آثار الجائحة، وتستقطب إليها شرائح من مختلف الأطياف السياسية، وكانت قد وضعتها الاستخبارات الألمانية تحت المراقبة.

بالإضافة إلى ذلك، جرى توزيع المحتوى اليميني المتطرف بانتظام في مجموعات الدردشة المستخدمة في العمل، مثل صورة بمسدس ونداء للعنف ضد أصحاب البشرة الداكنة، فضلا عن الشعارات المعادية للسامية والاختيار العنصري والتمييزي للكلمات، وهو أمر شائع أيضا في المحادثات أثناء الخدمة، وفقا لضباط شرطة حاليين وسابقين في البوندستاغ بحسب الصحيفة، إلى جانب مواقف وحوادث إشكالية بين الموظفين العاملين في البوندستاغ وفي خدمة زوار البرلمان.

تم توزيع المحتوى اليميني المتطرف بانتظام في مجموعات الدردشة المستخدمة في العمل، مثل صورة بمسدس ونداء للعنف ضد أصحاب البشرة الداكنة (السود)

وإزاء هذه الفضيحة، قال رئيس البوندستاغ، فولفغانغ شويبله، المنتمي لحزب المستشارة ميركل المسيحي الديمقراطي، والذي تخضع له قوات الشرطة المكلفة تأمين البرلمان، إن إدارته تتابع كل معلومة عن سوء سلوك من قبل الموظفين، وبخاصة أفراد شرطة البوندستاغ، واعدا بتوضيحات حول القضية، ومؤكدا أن البوندستاغ "إدارة متجانسة ومتنوعة وتتعامل بجدية بالغة مع أي شك يؤثر على الثقة في سيادة القانون ونزاهة الإدارة".

وفي غضون ذلك، دعت نائبة رئيس البوندستاغ عن حزب الخضر كلوديا روث، اليوم الاثنين، لإجراء دراسة مستقلة حول التطرف اليميني داخل قوات الشرطة التابعة للبوندستاغ، لتشدد قائلة: نحن بحاجة إلى تحقيق شامل ومستقل، ولم يعد بالإمكان التحدث عن حالات فردية فقط"، قبل أن تلفت إلى أنه "لربما جرت الاستهانة بالمشكلة".

يشار إلى أن عديد عناصر الشرطة لدى البوندستاغ يصل إلى 200، وعلى عكس سلطات الشرطة الأخرى، فهي ليست تابعة لوزارة الداخلية ولكن مباشرة لرئاسة البرلمان، ويعود ذلك لأسباب تاريخية، لأنه، وعلى سبيل المثال، من المفترض أن تدافع هذه المجموعة، في حال وقوع انقلاب، عن البوندستاغ.

كذلك، فإن الاشتباه بظهور سلوكيات يمينية متطرفة في صفوف القوات المسلحة الألمانية العاملة ضمن قوات حلف شمال الأطلسي في ليتوانيا، ومن بينها أداء أغانٍ خلال حفل أقيم في نهاية إبريل/نيسان الماضي، إلى جانب العنصرية وأعمال تحرش جنسي وإهانة وإكراه ونقص بالذخيرة دفع، الخميس الماضي، بوزارة الدفاع الألمانية لسحب فصيل مشاة مدرعات وإعادته إلى البلاد، حتى إن الوزارة تدرس فصلا فوريا لمتهمين رئيسيين في تلك الأفعال، وكذا محاسبة كل من علم بهذه الوقائع ولم يفد عنها في حينه.

وقبل أيام أيضا، حل وزير الداخلية في ولاية هيسن بيتر بويث فرقة من القوات الخاصة العملة في فرانكفورت بهدف إعادة الهيكلة، بعدما تكشف وجود مجموعات دردشة مؤيدة لليمين المتطرف من قبل ضباط الشرطة، ويقال إن ما مجموعه 49 ضابطا شاركوا فعلا في الدردشات، في حين أنه كان قد ذكر في وقت سابق عن وجود ادعاءات جنائية ضد 18 من أعضاء القوات الخاصة هناك.

والجدير ذكره أن تعاطي الوزير مع فضيحة المحادثات اليمينية المتطرفة في صفوف القوات الخاصة في الولاية المذكورة لاقى انتقادات من قبل نقابة الشرطة. ويتعرض الوزير إلى ضغوط متزايدة بسبب التحقيقات المتعلقة بضباط الشرطة. واعتبر رئيس نقابة الشرطة في الولاية، ينس مورهير، في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية، أن الشرطة تفتقد إلى الدعم باستمرار، حتى من قبل الكتل البرلمانية، معربا عن اعتقاده بأن الوزير يجب أن يساند الشرطة ويبرز تفانيها اليومي في عملها، لافتا إلى أنه لا يشار مثلا إلى عمل 99 بالمائة من الضباط الذين يقومون بعملهم بأمانة، من دون إغفاله أهمية توضيح مخالفات المسؤولين واستنكارها، وأن يتحمل هؤلاء عواقب سلوكهم. وفي خضم ذلك، أبرزت صحيفة "دي تسايت"، أن عددا من عناصر القوات الخاصة كانوا جزءا من ليلة الهجوم في هاناو.

المساهمون