أسرى "نفق الحرية" يروون يومياتهم وصولاً إلى لحظة الاعتقال والتعذيب

15 سبتمبر 2021
محمد العارضة: تجولتُ في فلسطين المحتلة عام 1948 وكنت أبحث عن حريتي ولقاء أمي (الأناضول)
+ الخط -

كشف محامو الأسرى محمد ومحمود العارضة وزكريا الزبيدي بعد زيارتهم الأسرى، اليوم الأربعاء، عن تفاصيل مؤلمة بعد فرارهم وثلاثة أسرى آخرين من سجن جلبوع، في السادس من الشهر الجاري، وما تعرضوا له بعد اعتقالهم.

الأسير محمد العارضة

أكد المحامي خالد محاجنة، وفقاً لبيان لـ"هيئة شؤون الأسرى والمحررين" الفلسطينية، أنّ الأسير محمد العارضة تعرّض للضرب والتعذيب، ولم يسمح له منذ الاعتقال بالنوم سوى 10 ساعات، وأكد أيضاً أنه حُرم الطعام، وأنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحتجزه حالياً داخل زنزانة صغيرة تخضع لمراقبة كبيرة.

وأفاد محاجنة بأنّ الأسير محمد العارضة يمرّ برحلة تعذيب جداً قاسية، واعتُدي عليه بالضرب المبرح ورطم رأسه بالأرض، ولم يتلقّ علاجاً حتى اللحظة، وهو يعاني من جروح في كل أنحاء جسمه أُصيب بها في أثناء مطاردة الاحتلال له ولزكريا الزبيدي، ولم ينم منذ إعادة اعتقاله إلا 10 ساعات.

ومما نقله المحامي محاجنة أنّ أحد المحققين قال لمحمد العارضة: "أنت لا تستحق الحياة، وتستحق أن أطلق النار على رأسك"، وأنه فقط يوم أمس، تمكن من تناول الطعام.

وتابع محاجنة، قائلاً إنّ محمد العارضة وزكريا الزبيدي خلال أيام حريتهما لم يشربا نقطة ماء واحدة، ما سبّب إنهاكهما وعدم قدرتهما على مواصلة السير، مضيفاً نقلاً عن الأسير محمد العارضة: "عندما اقترب بحث قوات الاحتلال من الانتهاء في مكان احتماء محمد العارضة وزكريا الزبيدي، عُثِر عليهما بالصدفة عندما مدّ أحد عناصر الاحتلال يديه وأمسك بمحمد".

الأسير محمد العارضة ذاق فاكهة الصبر من أحد بساتين مرج ابن عامر لأول مرة منذ 22 عاماً

وأكد المحامي أنّ "الأسير محمد العارضة يرفض التهم الموجهة إليه، ويلتزم الصمت رغم كل التعذيب ومحاولات الضغط، وردّ على محققي الاحتلال بأنه لم يرتكب جريمة"، وقال: "تجولتُ في فلسطين المحتلة عام 1948 وكنت أبحث عن حريتي ولقاء أمي".

وقال محاجنة: "الأسير محمد العارضة ذاق فاكهة الصبر من أحد بساتين مرج ابن عامر لأول مرة منذ 22 عاماً، خلال تحرره لأيام من سجن جلبوع".

محمد العارضة مع والدته في سجن جلبوع (فيسبوك)
محمد العارضة مع والدته في سجن جلبوع (فيسبوك)

ما تعرض له الأسير محمود العارضة

أما المحامي رسلان محاجنة، فيروي تفاصيل ما حدّثه به الأسير محمود العارضة خلال زيارته، حيث نقل عنه قوله: "حاولنا قدر الإمكان عدم الدخول إلى القرى الفلسطينية في المناطق المحتلة عام 1948 حتى لا نعرّض أي شخص لمساءلة، وكنا الأسرى الـ6 مع بعضنا حتى وصلنا إلى قرية الناعورة ودخلنا المسجد، ومن هناك تفرقنا كل اثنين".

محمود العارضة (أحمد غرابلي/ فرانس برس)

وقال محمود العارضة: "حاولنا الدخول إلى مناطق الضفة الغربية، ولكن كانت هناك تعزيزات وتشديدات أمنية كبيرة، وقد اعتُقِلنا صدفة، ولم يبلغ عنا أي شخص من الناصرة، حيث مرت دورية شرطة، وعندما رأتنا توقفت وحصل الاعتقال". وتابع: "استمر التحقيق معي منذ لحظة اعتقالنا وحتى الآن". وقال عن مساندة أهل الناصرة للأسرى في أولى جلسات محاكمتهم: "تأثرنا كثيراً عندما شاهدنا الحشود أمام الناصرة، أوجه التحية إلى أهل الناصرة، لقد رفعوا معنوياتي عالياً".

محمود العارضة: تأثرنا كثيراً عندما شاهدنا الحشود أمام الناصرة، أوجه التحية لأهل الناصرة، لقد رفعوا معنوياتي عالياً

ويؤكد محمود العارضة أنه "لم يكن هناك مساعدة من أسرى آخرين داخل السجن، وأنا المسؤول الأول عن التخطيط والتنفيذ لهذه العملية، بدأنا الحفر في شهر 12-2020، حتى هذا الشهر". وأضاف: "كان لدينا خلال عملية الهرب راديو صغير، وكنا نتابع ما يحصل في الخارج، وما حدث إنجاز كبير، وأنا قلق على وضع الأسرى وما تم سحبه من إنجازات للأسرى".

وختم: "أطمئن والدتي عن صحتي، ومعنوياتي عالية، وأوجه التحية إلى أختي في غزة، وأحيّي كل جماهير شعبنا على وقفتهم المشرفة".

تعذيب الأسير زكريا الزبيدي

بدورها، أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، في بيان صحافي، اليوم الأربعاء، بأن المحامي فيلدمان تمكن ظهر اليوم من زيارة الأسير زكريا الزبيدي بمركز تحقيق الجلمة، وتبين أن الأسير الزبيدي تعرض للضرب والتنكيل خلال عملية اعتقاله مع الأسير محمد العارضة، ما أدى الى إصابته بكسر في الفك وكسرين في الأضلاع.

وبينت الهيئة أن الأسير الزبيدي تم نقله إلى أحد المشافي الإسرائيلية، وأعطي المسكنات فقط بعد الاعتقال، كما يعاني من كدمات وخدوش في مختلف أنحاء جسده بفعل الضرب والتنكيل.

وقال فلدمان: "إن زكريا الزبيدي لم يشارك في أعمال الحفر، وانضم إلى غرفة الأسرى الستة قبل يوم واحد من خروجهم من النفق، الذي استغرق حفره قرابة العام".

الصورة
زكريا الزبيدي-مصطفى الخروف/الأناضول

زكريا الزبيدي (مصطفى الخروف/ الأناضول)

وبين الزبيدي للمحامي فيلدمان خلال الزيارة "أنهم وعلى مدار الأيام الأربعة التي تحرروا فيها لم يطلبوا المساعدة من أحد، حرصاً على الفلسطينيين أهالي الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 من أي تبعات أو عقوبات إسرائيلية بحقهم، ولم يشربوا الماء طوال فترة تحررهم، وكانوا يأكلون ما يجدون من ثمار في البساتين كالصبر والتين وغيره".

وحذرت الهيئة من مغبة مواصلة عزل الأسرى الأربعة بظروف صعبة وفي زنازين تفتقر لأدنى مقومات الحياة الآدمية، وبعيداً عن المؤسسات الحقوقية والطواقم القانونية التابعة لها، ومن تعرضهم للتعذيب والمعاملة السيئة والتنكيلية من قبل المحققين والسجانين.

يعقوب القادري: أجمل أيام حياتي

أكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية في بيان لها أن الأسير يعقوب القادري قال لمحامية الهيئة حنان الخطيب، خلال زيارتها له اليوم، "إن أفضل أيام حياتي الأيام الخمسة التي قضيتها في هواء فلسطين الطلق دون قيود؛ رأيت أطفالاً في الشارع وقبلت أحدهم، وهذا من أجمل ما حدث معي".

وتابع الأسير يعقوب القادري لمحامية الهيئة حنان الخطيب، "طالما بقينا على قيد الحياة سأبحث عن حريتي مرات ومرات".

وقالت محامية الهيئة حنان الخطيب: "يعقوب يحتجز في زنزانة بمساحة متر بمترين وتفتقد لكل مقومات الحياة، ولا يوجد فيها شيء سوى بطانية، وتم تركيز المحققين على التعذيب النفسي، وجولات التحقيق ما زالت مستمرة، وكل ما يريده نسخة من القرآن الكريم".