أزمة اللاجئين العراقيين على حدود ليتوانيا.. بغداد تحيّد نفسها

أزمة اللاجئين العراقيين على حدود ليتوانيا.. بغداد تحيّد نفسها

07 اغسطس 2021
التقى وزير الخارجية العراقي نظيره الليتواني لبحث الأزمة (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

تتطور أزمة اللاجئين العراقيين على الحدود بين دولتي ليتوانيا وبيلاروسيا، إذ يسعى مئات منهم للدخول إلى الأراضي الليتوانية، لكن حرس حدود الدولة المحسوبة على الاتحاد الأوروبي يمنع ذلك، فيما بدأت الأوضاع تأخذ منحى آخر بعد مقتل لاجئ عراقي في ظروف غامضة.

وأشارت مصادر صحافية إلى أن اللاجئ تعرض الأربعاء الماضي إلى اعتداءات وضرب عنيف أدى إلى مقتله، وفق تأكيدات وكالة "بيلتا" البيلاروسية الرسمية، فيما نقلت الوكالة عن السلطات الليتوانية عثور دورية لحرس الحدود البيلاروسي على الشاب في حالة خطيرة قرب قرية بينياكوني الحدودية، حيث حاول عناصر الحرس تقديم الإسعافات الأولية له، لكنه توفي على الفور، وفق قولها.

ويراقب المسؤولون في العراق تطور هذا الملف، من دون إمكانية وجود فرصة لحله، لا سيما أن اللاجئين العراقيين يغادرون العراق بطريقة رسمية.

وتقول السلطات الليتوانية إن هجرة العراقيين غير النظامية إلى دول أوروبا عبر "بيلاروسيا" ثم "ليتوانيا" بلغت مستويات خطيرة، الأمر الذي دفع ليتوانيا إلى مخاطبة وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بطريقة رسمية نهاية تموز/ يوليو المنصرم، في سبيل التعاون لإيقاف هذا النوع من الهجرة، إلا أن العراق أكد أنه لا يمكنه التعاون على اعتبار أن العراقيين لا يرتكبون أي أخطاء أثناء خروجهم من العراق بشكل رسمي.

ويبدو، وفق تقارير عراقية محلية، أن خط السفر من العراق إلى ليتوانيا يكون عبر دولة بيلاروسيا، ويبدأ من بغداد ثم إسطنبول وصولاً إلى مينسك (عاصمة بيلاروسيا)، ومنها إلى ليتوانيا، بتكلفة 35 ألف يورو للعائلة، فيما يتم نقل الشاب بمبلغ 1500 يورو، وفق تقارير عراقية محلية.

وتشير صحيفة "العالم الجديد" العراقية، في معلومات نشرتها، إلى أن "ملف هجرة العراقيين إلى ليتوانيا اتخذ أبعادا كبيرة وخطيرة، خاصة بعد أن استنجدت ليتوانيا بالاتحاد الأوروبي لوضع حد لهذه الهجرة، لافتة إلى أن عدد العراقيين الذين وصلوا إلى ليتوانيا بلغ 3 آلاف شخص، موضحة أن "السلطات وضعتهم في مركز طلب لجوء مغلق أشبه بالمعتقل، فيما تمنع الدخول والخروج منه، ولم يتم التعامل معهم بشكل رسمي، بل وضعوا في هذا المركز من دون تسيير معاملاتهم وبانتظار موقف من العراق بشأنهم".

وأكدت الصحيفة أن ليتوانيا، وهي الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "ناتو"، طلبت مساعدة عاجلة لوقف هذه الهجرة، ما دفع الاتحاد إلى الضغط على العراق، حيث كانت البداية من زيارة وزير الخارجية فؤاد حسين إلى بروكسل، في أواخر حزيران/ يونيو الماضي، واجتماعه مع وزير الخارجية الليتواني غابريليوس لاندسبيرغيس، لكن حسين أبلغ نظيره الليتواني بأن العراق لا يمكنه فعل شيء رافضًا التعاون مع ليتوانيا بأي شكل من الأشكال.

وأكد ثلاثة مسؤولين في وزارة الخارجية العراقية، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "وزير الخارجية فؤاد حسين أمر بمنع التصريح بأي موقف عراقي بخصوص التوتر على الحدود الليتوانية البيلاروسية خلال الأيام الماضية، كونه يندرج ضمن صراع بين البلدين وليست للعراق أي علاقة به، كما أن اللاجئين على الحدود بين البلدين ليسوا فقط من العراقيين بل هناك من اليمنيين والأفارقة والسوريين أيضاً (..) هناك سعي لتوريط العراق في هذا الملف، لكن بعد حادثة مقتل شاب عراقي بطريقة وحشية، فمن المؤمل أن يتم الإعلان عن موقف رافض لسياسة تعنيف اللاجئين وتحديداً العراقيين".

وقال أحدهم إن ليتوانيا أبلغت العراق بصيغة صريحة، الأسبوع الماضي، أنها لن تمنح اللجوء لأي من اللاجئين العراقيين، فيما وافق العراق على أي قرار تتخذه ليتوانيا كون ذلك يندرج ضمن صلاحياتها الداخلية.

ويتلخص الموقف العراقي الحالي في أنه لا يمكنه منع سفر مواطنيه إلى أي مكان يرغبون به ما دام ذلك يتم بشكل رسمي، ووفقا لبيان صدر عن مستشار الأمن الوطني العراقي قاسم الأعرجي، فإن "العراق لا يشجع مواطنيه على الهجرة، ولكن بعض السياح العراقيين يتم التغرير بهم من قبل عصابات الهجرة غير الشرعية ويقررون الهجرة".

وأكد البيان أن مطار بغداد مخصص للسفر الشرعي فقط،  مشيرًا إلى أن روسيا تسمح شرعيًا وقانونياً للسياح العراقيين بدخول أراضيها، موضحًا أنه لا يمكن للدولة العراقية منع مواطنيها من السفر إلى دولة بشكل شرعي.

ورفض البيان ما وصفه طريقة استفسار المفوض الأوروبي من العراق واتهامه المطارات العراقية بالضلوع في الموضوع، معتبرا أنه كان يمكن الاستيضاح وفهم الصورة من بعثة الاتحاد الأوروبي في بغداد.

في المقابل، قالت وزارة الخارجية في بغداد، في بيان صدر الجمعة، إن وزيرها فؤاد حسين تلقّى عدّة اتصالات من الممثل الأعلى للسياسة والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ووزير خارجية ليتوانيا غابريليوس لاندسبيرغيس، ووزير خارجية لاتفيا إدغار رينكيفيتش، حول الأزمة.
وأضاف البيان أن العراق اتخذ مجموعة إجراءات من شأنها أن تحد من استغلال المسافرين إلى عدد من الدول، على الرغم من أن القوانين العراقية تكفل حرية السفر للمواطن العراقي، كاشفا عن قرار بإيقاف السفر مؤقتاً إلى بيلاروسيا واستمرار رحلات العودة منها إلى بغداد، مع فتح تحقيق بشأن عمليات تهريب المواطنين.

وفي المواقف العراقية التي صدرت عن أعضاء من مجلس النواب، أشار حسين المالكي إلى أن خروج المهاجرين العراقيين رسمياً من العراق يعفي بغداد قانونياً من أية "عقوبات أو مساءلة قانونية عن دخولهم إلى دول أوروبية بطرق غير نظامية".
مؤكداً في بيان أن "وزارتي الخارجية والنقل وشركة الخطوط الجوية العراقية نفت سفر مجاميع من بغداد إلى لتوانيا ثم إلى دول أوروبية أخرى لطلب اللجوء، ومن حق أي إنسان عبور الحدود بطريقة غير شرعية وبإمكان الدولة الأخرى اعتقاله". وأشار إلى أن "المهاجرين أغلبهم غير عراقيين، ومن جنسيات مختلفة بينهم أفغان وسوريون ومن جنسيات أخرى".
من جهته، أكد عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عامر الفايز أن العراق يتابع ملف اللاجئين في ليتوانيا، وأن هناك نية لعقد اجتماع على مستوى اللجنة في الأيام المقبلة، في سبيل حماية اللاجئين من جهة، وضمان حياة كريمة لهم سواء في البلاد التي يقصدون العيش فيها، أو عودتهم إلى العراق ومنع أي تجاوز أو اعتداء عليهم من جهة أخرى، مشيرًا إلى أن هناك ضرورة لمعرفة طرق مسارات دخول المهاجرين إلى ليتوانيا وأوروبا، لا سيما أن الخارجية العراقية أكدت أن بغداد لا علاقة لها بهذا الأمر.
وأضاف خلال حديث مع "العربي الجديد" أن العراق لن يسكت عن قتل مواطنيه في الخارج، حتى وإن كانوا يطلبون اللجوء في دول الاتحاد الأوروبي، مؤكدًا أنه "من غير المقبول التجاوز على عراقيين بسبب خلافات سياسية وصراعات بين دول الخارج"، في إشارة إلى العداء بين ليتوانيا وبيلاروسيا.

المساهمون