أحمد النواف يلتقي عددا من أعضاء المعارضة الكويتية: محاولة لرأب الصدع

أحمد النواف يلتقي عدداً من أعضاء المعارضة الكويتية: محاولة لرأب الصدع

11 أكتوبر 2022
الحكومة الكويتية لاقت اعتراضاً من 45 نائباً (Getty)
+ الخط -

التقى رئيس مجلس الوزراء الكويتي، الشيخ أحمد النواف الأحمد الصباح، أمس الإثنين، عدداً من أعضاء المعارضة والكتل النيابية في مجلس الأمة، بهدف تقريب وجهات النظر حول تشكيل الحكومة الكويتية، ورأب الصدع في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، عقب إعلان عدد واسع من النوّاب عن رفضهم التشكيل الحكومي الجديد، الذي أُعلن عنه يوم الأربعاء الماضي. 

وصدر يوم الأربعاء الماضي، مرسوم أميري بتشكيل الحكومة الكويتية الجديدة، برئاسة نجل أمير الكويت، الشيخ أحمد النواف، وهي الحكومة الثانية التي يتولى تشكيلها، والـ41 في تاريخ البلاد، إلا أنها لاقت اعتراضاً واسعاً من 45 نائباً، أعلنوا عن رفضهم للتشكيل الحكومي الجديد. 

وكان من أسباب رفض المعارضة، التي تسيطر على تركيبة مجلس الأمة المنتخب أخيراً، للتشكيل الحكومي، عودة أربعة وزراء من الحكومات السابقة، تحديداً في عهد رئيس الوزراء السابق الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، ممن شاركوا بالتصويت في تأجيل الاستجوابات المزمع تقديمها في المجلس المنحلّ، كونها إحدى الأزمات السياسية بين البرلمان السابق والحكومة، التي أدت في نهاية المطاف إلى الإطاحة بحكومة الشيخ صباح الخالد، وإعلان أمير الكويت حلّ البرلمان والدعوة إلى انتخابات عامة. 

مأزق سياسي وإشكالية دستورية

إعلان عضو البرلمان، المنتخب أخيراً، والمحسوب على المعارضة عمّار العجمي، انسحابه من الحكومة، بعد تعيينه وزيراً للأشغال العامة ووزيراً للكهرباء والماء والطاقة المتجددة، بسبب تحفظه على بعض عناصرها، التي وصفها بأنها "خسرت الثقة الشعبية، ولا تحترم الدستور"، أدى إلى مأزق سياسي وإشكالية دستورية، حيث تنص المادة 56 من الدستور، على أن "يكون تعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة ومن غيرهم"، ما يعني، بحسب خبراء دستوريين، إلزامية وجود عضو واحد على الأقل من أعضاء البرلمان، ما عرقل أداء الحكومة اليمين الدستورية أمام نائب الأمير وولي العهد لمباشرة أعمالها. 

ونتيجة هذا المأزق، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة الكويتية، طارق المزرم، السبت، عن صدور مرسوم بتأجيل انعقاد الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمة، إلى 18 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، وذلك استناداً إلى المادة 106 من الدستور، وفق ما نشره حساب "مركز التواصل الحكومي" الرسمي في "تويتر". 

وتنص المادة 106 من الدستور على أن "للأمير أن يؤجل بمرسوم اجتماع مجلس الأمة لمدة لا تجاوز شهراً"، على أن "لا يتكرر التأجيل في دور الانعقاد الواحد إلا بموافقة المجلس ولمرة واحدة"، كما أنه "لا تُحسب مدة التأجيل ضمن فترة الانعقاد". 

إلا أن هذا المخرج، قُوبل باعتراض النوّاب مجدداً، كونه اشتمل على مخالفة دستورية، بحسب وصفهم، واستندوا إلى كون الدستور الكويتي وفق المادة 87، حدد موعد الجلسة الافتتاحية بألا يتجاوز الأسبوعين من موعد الانتخابات، ونصّها أن "يدعو الأمير مجلس الأمة لأول اجتماع يلي الانتخابات العامة للمجلس خلال أسبوعين من انتهاء تلك الانتخابات، فإن لم يصدر مرسوم الدعوة خلال تلك المدة، اعتُبر المجلس مدعواً للاجتماع في صباح اليوم التالي للأسبوعين". 

محاولة لرأب الصدع

وفي محاولة لرأب الصدع، زار رئيس الحكومة الشيخ أحمد النواف، أمس الإثنين، منزل رئيس مجلس الأمة السابق، وعرّاب العمل البرلماني منذ سبعينيات القرن الماضي، النائب أحمد عبد العزيز السعدون، والذي من المتوقع أن يُزكّى في منصب رئيس مجلس الأمة، في ظل القبول الواسع له من الشارع الكويتي، وهو ما عكسه اكتساحه في نتائج الانتخابات، بعد حصوله على المركز الأول في الدائرة الثالثة بـ12239 صوتاً، وهو الرقم الأكبر في تاريخ الانتخابات التشريعية منذ تطبيق نظام الصوت الواحد. 

ويحظى السعدون كذلك بتأييد كافة أطياف المعارضة في البرلمان، وتمكّنه خبرته البرلمانية وتاريخه السياسي الطويل، من احتواء أعضائها وتوحيد صفوفها في المرحلة المقبلة، كما أكدت زيارة رئيس الحكومة إلى منزله، مكانته لدى السلطة، وبأنه يتمتع بقبول من طرفها، وبأنها تُفضّله في منصب رئيس البرلمان على سواه، لقدرته على إدارة الجلسات بحيادية من دون انحياز لطرف على آخر، وذلك لتحقيق التوازن المنشود بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. 

وتمحور لقاء النواف بالسعدون حول آخر المستجدات السياسية، كما بحثا سُبل ترميم العلاقة مجدداً بين البرلمان والحكومة، وطرق الخروج من المأزق السياسي بما لا يخلّ بالمبادئ الدستورية.

إلى جانبه، بادر النواف بدعوة عدد من أعضاء المعارضة والكتل النيابية في مجلس الأمة إلى مقابلته، منها مجموعة مكوّنة من 10 نوّاب، وهم فارس سعد العتيبي، وعبد الكريم الكندري، وثامر السويط، ومحمد المطير، وخالد المونس العتيبي، بالإضافة إلى كل من ممثل "تجمع ثوابت الأمة" (السلفي) محمد هايف المطيري، وممثلي "التجمع السلفي" مبارك الطشة وحمد العبيد، والسلفييْن المستقليْن عمّار العجمي وعادل الدمخي. 

واعتُبرت الخطوة من قِبل النوّاب استجابة من النواف لاعتراضهم على تأجيل انعقاد مجلس الأمة، والتشكيل الحكومي الأخير، ومطالبتهم له باختيار وزراء أكفاء يتوافقون مع مخرجات العملية الانتخابية التي جرت في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، ما يمكنه معها من تلبية الطموحات الشعبية، والنأي بها عن التصادم المبكر مع مجلس الأمة. 

وأوضح النائب محمد هايف المطيري، عقب خروجهم من الاجتماع مع رئيس الحكومة، عبر حسابه في "تويتر"، أن اللقاء "كان إيجابياً يسوده التفاؤل، وقد نوقش فيه العديد من الأمور والقضايا المهمة، حول التعاون النيابي الحكومي".

بدوره، قال النائب ثامر السويط، إنهم نقلوا إلى رئيس الحكومة، اعتراضهم على "اعمال المادة 106 دون الالتزام بالمدة المقررة في المادة 87، وأهمية التشكيل الحكومي وأسسه ومعاييره، والعفو عن جميع أبنائنا المهجرين".

 وضمن من قابلهم النواف، أعضاء كتلة الـ5 البرلمانية، والتي يتزعمها النائب والبرلماني المخضرم حسن جوهر، وتضمّ إلى جانبه كلًّا من النوّاب عبد الله المضف، ومهلهل المضف، وبدر الملا، ومهند الساير.

وقال النائب مهند الساير، عبر حسابه في "تويتر"، إنهم تلقوا دعوة من رئيس الحكومة، وإن أهم ما دار فيها "التأكيد على الدستور والعفو عن أصحاب الرأي لتجاوز أي خلاف سياسي، ومعايير اختيار الحكومة لضمان بناء جسر تعاون".

 كما بيّن النائب عبد الله المضف، أنه "تمت مناقشة الالتزام بالدستور وأنه المرجعية الرئيسية لكافة السلطات، وتشكيل حكومي قادر على مواجهة الفساد والبناء، ويؤسس لعلاقة تصالحية مع الشعب، وبرنامج عمل حكومي ينطلق من برنامج الكتلة، ومحدد بمعايير زمنية وحلول واقعية".

 كما قابل النواف، النائب المستقل مرزوق الحبيني، الذي أصدر بياناً أوضح من خلاله تفاصيل اللقاء وما بُحث فيه.

 وكشفت مصادر نيابية لـ"العربي الجديد"، أن "النوّاب الذين قابلهم رئيس مجلس الوزراء، اتفقوا معه على سحب مرسوم تأجيل انعقاد مجلس الأمة، وإصدار مرسوم دعوة جديد، على أن تُعقد الجلسة الافتتاحية في الموعد الدستوري المقرر لها بألا تتجاوز الأسبوعين"، وأن موعد الجلسة الجديد "حُدد ما بين يوم الخميس أو يوم الأحد، وهو الحد الأقصى المسموح به دستورياً"، وعلى أن "يصدر مرسوم الدعوة الجديد يوم الأربعاء القادم".

وأضافت المصادر أن "بعض النوّاب وافقوا على عودة عدد من الوزراء، الذين صوتوا مع تأجيل الاستجوابات المزمع تقديمها لرئيس الوزراء السابق، أبرزهم وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشؤون الشباب، عبد الرحمن بداح المطيري، بمقابل تشكيل حكومي من الكفاءات الوطنية، وتقديم برنامج عمل الحكومة إلى مجلس الأمة، واستكمال ملف العفو عن المهجرين بسبب قضايا الرأي".

وأشارت المصادر إلى أن "رئيس الحكومة أبدى موافقته على توزير عدد من النوّاب، للمساهمة في برنامج عمل الحكومة، وإبداء التعاون مع مجلس الأمة"، وأكّدت أن "بعض أعضاء التيارات السياسية في البرلمان، بدأوا بالفعل مشاوراتهم مع تياراتهم حول المشاركة في الحكومة".

ويواصل الشيخ أحمد النواف، اليوم الثلاثاء، لقاءاته مع أعضاء مجلس الأمة، للتشاور معهم، حيث سيلتقي عدداً من ممثلي التيارات السياسية والكتل البرلمانية، إلى جانب عدد من الأعضاء المستقلين.

ومن المقرر أن يلتقي النواف اليوم، أعضاء "الحركة الدستورية الإسلامية" (حدس)، وهي الجناح السياسي لـ"الإخوان المسلمين" في الكويت، وهم كل من أسامة الشاهين وحمد المطر وعبد العزيز الصقعبي، بالإضافة إلى مجموعة الـ7 التي شُكّلت أخيراً، وتتكون من النوّاب: شعيب المويزري وسعود العصفور، وعبد الله فهاد العنزي وأسامة الزيد، وشعيب علي شعبان وفلاح ضاحي الهاجري، وحمد المدلج.

كما يلتقي اليوم، أعضاء "التآلف الإسلامي الوطني" (الشيعي)، الذي يضمّ النوّاب أحمد لاري وخليل أبل وهاني حسين شمس، إلى جانب عضوي "تجمع العدالة والسلام" (الشيعي)، صالح عاشور وخليل الصالح.