أحزاب وشخصيات جزائرية تتحفظ على مبادرة "جمع الشمل": التهدئة أولاً

أحزاب وشخصيات جزائرية تتحفظ على مبادرة "جمع الشمل": التهدئة أولاً

11 مايو 2022
بلعباس: "لو كان لدى السلطة نية، لبادرت إلى إطلاق الناشطين المعتقلين" (العربي الجديد)
+ الخط -

أعلنت قوى وشخصيات معارضة في الجزائر تحفظها بشأن مبادرة الحوار السياسي، التي أطلقها الرئيس عبد المجيد تبون تحت مسمى "جمع الشمل"، حيث عبّرت عن مخاوفها من أن تكون مجرد مناورة سياسية، فيما طالبت هذه القوى والشخصيات بضرورة استباق أية مبادرة سياسية بخطوات تهدئة، أبرزها الإفراج عن المعتقلين والحد من الضغوط على الأحزاب والإعلام.

 وعبّر رئيس التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية (تقدمي معارض) محسن بلعباس عن مخاوفه من أن تكون المبادرة السياسية "مجرد خطوة تستهدف مصالحة داخلية بين زمر السلطة".

واعتبر بلعباس أن السلطة "لو كانت لها نية لبادرت إلى إطلاق الناشطين المعتقلين".

 وكتب بلعباس منشوراً على حسابه في فيسبوك جاء فيه: "إذا كان القصد من لمّ الشمل إعادة بناء توافق بين زمر السلطة، فذلك أمر معتاد ومألوف، لا مصداقية لسلطة تفننت في بث التفرقة وتشتيت الجزائريين. فلو كانت هناك إرادة حقة، لعملت على لمّ شمل عائلات المسجونين ظلماً وخرقاً للدستور والمعاهدات الدولية بالإفراج عن كل المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي والكف عن المتابعات التعسفية ضد المناضلين والناشطين السياسيين".

بدوره، أعلن رئيس الحركة الديمقراطية الاجتماعية فتحي غراس رفضه لمشروع السلطة، ونشر تدوينة عبّر فيها عن هذا الموقف، كتب فيها: "يدا السلطة الممدودتان، إحداهما تمسك العصا والأخرى تنتظر التقبيل. والشعب الذي يحركه مطمح التحرر لن توقف سيره عصا الخوف، ولن تعترض طريقه نداءات الخضوع، والتحول الديمقراطي في الجزائر لن يمرّ إلا بهزيمة نظام الاستبداد".

واعتبر أن الظروف الحالية "لا تسمح بتصديق المقاربات السياسية للسلطة، بسبب وجود عدد كبير من المدانين الملاحقين من قبل القضاء ومئات المعتقلين بسبب مواقفهم ومواقعهم السياسية، وفضاء عام تحت الرقابة السياسية وإعلام وظيفته الدعاية لأكاذيب السلطة".

إرساء الثقة

في سياق متصل، طالب المتحدث السابق باسم مؤتمر المعارضة، وزير الاتصال السابق عبد العزيز رحابي، السلطة باتخاذ تدابير لإرساء الثقة، على غرار إطلاق سراح الناشطين المعتقلين وتحرير المجال السياسي والإعلامي كضمانات وحيدة لإعطاء صدقية للحوار المعلن.

وأشار رحابي في منشور على صفحته في فيسبوك إلى أن "الأمر الذي يطرح نفسه بإلحاح مرتبط بكيفية وضع تدابير لبناء الثقة من شأنها أن تجعل الرغبة في الوحدة ممكنة وملموسة، وبدون الحكم المسبق على جوهر هذا النهج، من الضروري استيفاء جملة من الشروط السياسية، لعل أكثرها استعجالاً مرتبط بالممارسة الحرة للسياسة من قبل الأحزاب السياسية والنقابات والحركة الجمعوية والمجتمع المدني ككل".

ولفت إلى أنه "لا يمكن تصور قبول هذا العرض بشكل صحيح وجاد دون تسوية العقبات التي تعترض حرية ممارسة العمل السياسي الحزبي ورفع القيود المفروضة على ممارسة الحق في الاعلام"، وكذا "تحرير سجناء الرأي السياسي".

واعتبر الوزير السابق أن "من الضروري بمكان إجراء مشاورات وحوار شامل مع الفاعلين السياسيين والعالم الأكاديمي ووسائل الإعلام"، لكن سيكون "من الصعب تصور الانضمام إلى عرض لم الشمل الذي قدمه رئيس الدولة دون إرادة معلنة والتزام ملموس لصالح السيطرة الشعبية على الثروة الوطنية".

وأشار إلى أن "إطلاق حوار في ظل ظروف غير مناسبة لن يكون مجدياً، في ظل استمرار الضغط الصارخ للإدارة، وتدخلها في الحياة السياسية الذي يغير المناخ السياسيّ ويتعارض مع التزامات رئيس الدولة. ومن الواضح أننا لم نعِ الدروس من الماضي".

إطلاق حوار في ظل ظروف غير مناسبة لن يكون مجديا

 وتتحفظ أحزاب تقدمية وإسلامية معارضة حتى الآن عن التعبير عن موقفها بشأن ما يطرح من مبادرة الحوار السياسي و"جمع الشمل"، التي يعتزم الرئيس تبون إطلاقها، على غرار حزب العمال وجبهة القوى الاشتراكية (يسار) وحركة مجتمع السلم (إسلامي)، يأتي ذلك بخلاف أحزاب الموالاة التي سارعت إلى إعلان إسنادها ودعمها للمبادرة.

وكان الرئيس تبون قد بدأ الاثنين الماضي سلسلة جديدة من المشاورات السياسية مع قادة الأحزاب الفاعلة، حيث استقبل رئيس حركة البناء الوطني (تشارك في الحكومة) عبد القادر بن قرينة، ورئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان، ويتوقع أن يستقبل عدداً من قادة الأحزاب السياسية الأخرى.

وقبل ذلك كانت وكالة الأنباء الرسمية قد نشرت بياناً غير منسوب إلى الرئاسة، تضمّن الكشف عن مبادرة رئاسية "لجمع الشمل"، أعلنت فيه أن "الرئيس عبد المجيد تبون يمد يده للجميع، بشكل دائم، ما عدا للذين تجاوزوا الخطوط الحمراء".

 وأكدت أن "أولئك الذين لم ينخرطوا في المسعى أو الذين يشعرون بالتهميش، الجزائر الجديدة تفتح لهم ذراعيها من أجل صفحة جديدة. وكلمة إقصاء لا وجود لها في قاموس رئيس الجمهورية الذي يسخر كل حكمته للمّ شمل الأشخاص والأطراف التي لم تكن تتفق في الماضي".

المساهمون