"ناتو عربي"... رسم على الرمال

"ناتو عربي"... رسم على الرمال

01 يوليو 2022
من اجتماعات الأطلسي في مدريد، يوم الأربعاء (سيليستينو أرسي/Getty)
+ الخط -

بالتأكيد يعرف حكّام المنطقة العربية الأسس التي يقوم عليها حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي يبدو اسمه مطروحاً هذه الأيام لتجميع "ناتو عربي".

وعلى الرغم من الضرورة، وسط نزف الحالة العربية منذ أكثر من عقد، وساحاتها المستفرد بها، من اليمن والعراق وسورية ولبنان، والآن إلى الأردن، فإن التاريخ ليس مبشراً منذ تأسيس الجامعة العربية في 1945.

فمن دون شعبيهما، والاشتراطات المتعلقة بشفافية حكم دولة القانون، لم يكن للسويد وفنلندا الانضمام إلى الناتو أخيراً، وذلك يستند إلى استعداد الناس للتضحية من أجل مصالحهم وقيمهم، في مواجهة ما يعتبرونه تهديداً روسياً.

وعلى الرغم من أن محتجين إيرانيين ظلوا يهتفون ضد تسخير أموالهم في سورية، وشلل العراق بتدخلات الحرس الثوري الإيراني، عاش كثيرون في المنطقة أوهام أن تجنب التحديات ومواجهتها سيجعلها تختفي. وللأسف وصل التلاعب بالحالة العربية إلى ذروته في تهشيم الكيانات وخلق الفوضى.

واستعار تهريب المخدرات من سورية، برعاية نظام يعيش على أكسجين إيراني، وبتوثيق محلي ودولي، ليس إلا رأس جبل جليد إمعان السياسة الإيرانية في عنجهيتها مع المحيط واعتبار نفسها وصية على المنطقة، مرفقة بلازمة "حسن الجوار"، و"سلام فرمانده" (تحية أيها القائد).

في القارة الأوروبية، لا أحد ينتهج سياسة كنس الحقائق تحت السجاد لإبعاد شبح تهديد مجتمعاتهم، وبالتالي لم تجرِ إقالة الشعوب أو اعتبارها "ساذجة" لا تعرف مصالحها، كما فُعل في منطقتنا منذ سنوات طويلة، إهداراً للجهود طوال سنوات التدخلات الإيرانية، حتى تراكمت الكوارث.

وحتى لو تُرك جانباً سجال مسؤولية طهران عن وصول بعض حكّام المنطقة إلى استبدال ذئب بآخر، واختيارهم العمل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي تحت مظلة "ناتو شرق أوسطي"، فعملية "إقالة" الشعوب من دورها لن تنتج إلا رسماً على الرمال.

العرب ليسوا ساذجين، ولا هم أقل وعياً من هتافات الإيرانيين ضد تبديد ثرواتهم على المشاريع الملتحفة بضجيج "ثوري"، حتى لا يدركوا حقيقة أن هذا الضجيج محاولة لجعل منطقتهم مجرد تركة تتنافس القوى على قسمتها.

في كل الأحوال، الواقعية السياسية، وتحقيق المصالح، ليسا باستبدال طرابيش بأخرى، ولا بالمراهنة على أن السياسة الإقليمية والدولية مهتمة بمصائر العرب، حتى لا يستيقظوا مجدداً على مشاريع تقاسمهم.

وأول أسس مواجهة المخاطر، أن يمارس العربي حقه في أن يكون وطنه له، وليس مزرعة لحاكم هنا وجماعة هناك. ومن دون ذلك، تبقى الدونكيشوتية تحاصرنا بالمزيد من المهازل.

المساهمون