"العربي الجديد" ينشر وثائق تكشف تلاعباً بأسماء ناخبين في العراق

"العربي الجديد" ينشر وثائق تكشف تلاعباً بأسماء ناخبين في العراق

16 مارس 2021
تلاعب بأسماء ناخبي جرف الصخر(حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -

حصل "العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، على وثائق رسمية تشير إلى وجود تلاعب بأسماء آلاف الناخبين العراقيين من أهالي مدينة جرف الصخر، شمال محافظة بابل (80 كيلومترا جنوبي بغداد)، والتي يسيطر عليها خليط من مليشيات مسلحة حليفة لإيران تمنع أهلها من العودة إليها منذ ما يزيد عن 5 سنوات.
وتظهر الوثائق التي ضمت أسماء ناخبين وهوياتهم الانتخابية، تلاعباً في نقل الناخبين من دائرة جرف الصخر الانتخابية إلى دوائر انتخابية أخرى ضمن مناطق نزوحهم، من بينها محافظة السليمانية، ضمن إقليم كردستان العراق، وهو ما يعني تشتت أصوات ناخبي هذه المدينة لصالح مدن مجاورة أخرى معها تشترك في كونها ضمن دائرة انتخابية واحدة.

الصورة
العراق: الكشف تلاعب بأسماء ناخبين/سياسة/العربي الجديد

وأبلغ مسؤول عراقي في بغداد "العربي الجديد"، بأن أعضاء في البرلمان أطلقوا، اليوم الثلاثاء، حراكاً واسعاً، بعد اكتشاف الموضوع، حيث تبين أن "هناك نماذج مماثلة لهذا التلاعب في مدينة سنجار، شمالي العراق، ويتعلق معظم التلاعب بالناخبين من المكون العربي، وكذلك في مناطق شمال شرقي ديالى".
وكشف أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن التلاعب لم يرتكب من قبل الإدارة الجديدة لمفوضية الانتخابات، بل من المفوضية السابقة.
وأكد أن "الموضوع لم يكن خطأ، بل كان تلاعباً من قبل الإدارة السابقة لصالح جهات سياسية".
يأتي ذلك بالتزامن مع مواصلة المفوضية العليا للانتخابات جهود إتمام الاستعدادات اللازمة لإجراء الاقتراع العام في الانتخابات المبكرة المقرر إجراؤها في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وسط استمرار تشكيك جهات سياسية بإمكانية إجراء الانتخابات في ظل التصعيد الحالي للأوضاع الأمنية وانتشار سلاح ونفوذ المليشيات في البلاد بشكل يؤثر على سلامة ونزاهة هذه الانتخابات.
وتظهر الوثائق التي حصل عليها "العربي الجديد"، مطالعة لعضو البرلمان رعد الدهلكي يتحدث عن أربعة آلاف ناخب عراقي من أهالي مدينة جرف الصخر بمحافظة بابل تم تحويل بطاقاتهم الانتخابية لصالح محافظة السليمانية، في حين أن القانون يؤكد أن النازح يصوت ضمن دائرة مدينته الأصلية وليس بدائرة مكان نزوحه أو إقامته المؤقت.

الصورة
العراق: الكشف تلاعب بأسماء ناخبين/سياسة/العربي الجديد

كما تظهر بطاقات انتخاب لنازحين من أهالي جرف الصخر، كذلك نموذج لأسماء وتواقيع تطالب بتصحيح الخلل.

الصورة
العراق: الكشف تلاعب بأسماء ناخبين/سياسة/العربي الجديد

وللوقوف على تفاصيل هذه المعلومات، تواصل "العربي الجديد" مع عضو البرلمان رعد الدهلكي، الذي أكد بدوره صحة المعلومات والوثائق، مبيناً أنه "تم تشخيص حالات سلب الحق الانتخابي للناخبين في مناطق النزوح، وتلك الحالات تم تأشيرها في عدد من مناطق النزوح، وتحديداً في جرف الصخر".
وأكد "رفعنا كتاباً رسمياً لمفوضية الانتخابات وطالبناها بأن تتابع الملف وتمنع ذلك التلاعب، وعلى المفوضية أن تعي جيداً ضرورة أن يكون الحق القانوني للنازحين بأن يدلوا بأصواتهم ضمن الدوائر التابعة للمدن التي نزحوا إليها، وليس بالمناطق التي يوجدون فيها".
وأكد أنه "يجب على المفوضية أن يكون لها قرار حاسم وخطوات عملية لمنع هذا التلاعب، ويجب أن يكون لأهالي البلدة ممثلون في البرلمان يتابعون ملفهم ويعملون على إعادتهم لمناطقهم".
 واعتبر أن "ما يحدث هو خرق دستوري لا يمكن السكوت عنه، ويجب منعه وحسمه، وسنعمل على متابعته من قبل لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان".
من جهته، حذر النائب أحمد الجربا مما وصفه "مخاطر التلاعب بسجلات الناخبين النازحين"، محملاً المفوضية مسؤولية ذلك.
وقال الجربا، في تصريح صحافي: "تلقينا شكاوى ومناشدات من أهالي جرف الصخر تبين فيها أن هناك معوقات تمنع مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وتم إبلاغهم من قبل المفوضية بأنهم غير مشمولين بالتحديث في مناطق وجودهم أسوة بالنازحين الآخرين من المناطق والمحافظات الأخرى".
وأشار إلى أن هناك الآلاف من الناخبين من أهالي جرف الصخر المقيمين في محافظة السليمانية ستهدر أصواتهم".
وتابع أن "النازحين العرب من أهالي بلدة سنجار التابعة لمحافظة نينوى يعانون كذلك من إشكاليات معقده لا تقل عن إشكاليات نازحي جرف الصخر، حيث لا يسمح لهم بالرجوع إلى بيوتهم في قضاء سنجار ولم ينصفهم البرلمان والمفوضية في استحداث مراكز سكانية لهم"، محملاً المفوضية "مسؤولية إيجاد حلول عاجلة لذلك".
عضو البرلمان السابق عن محافظة بابل صادق المحنا، استبعد إمكانية إجراء الانتخابات في جرف الصخر، ذلك لأن "البلدة خالية من سكانها، الذين لم يعودوا إليها"، متسائلاً "كيف تجري الانتخابات فيها وهي خالية من سكانها؟".
وأكد لـ"العربي الجديد"، أن "سكان جرف الصخر يمكن أن يدلوا بأصواتهم في مناطق أخرى"، مشدداً على أن "الانتخاب حق مكفول في الدستور، وأن كل مواطن له الحق في التعبير عن رأيه، وأن أهالي جرف الصخر عراقيون ولهم هذا الحق".

العراق: الكشف تلاعب بأسماء ناخبين/سياسة/العربي الجديد

وطالب الحكومة المحلية في بابل، والحكومة الاتحادية في بغداد، بـ"التحرك لإعادة نازحي جرف الصخر ومنحهم الفرصة لممارسة حقوقهم"، منتقداً "عدم وجود تحركات جدية من قبل الحكومتين بهذا الاتجاه".
الزعيم القبلي عادل الجنابي، الذي اضطر للنزوح من جرف الصخر قبل سنوات، قال لـ"العربي الجديد"، إن "سكان البلدة حرموا من كل شيء، حتى من حق العودة لمنازلهم، ومعرفة مصير ممتلكاتهم"، مؤكداً "ليس غريباً أن يحرموا أيضاً من حقهم في الانتخاب، أو تسلب أصواتهم".
وأشار إلى أن "جميع محاولات إعادة النازحين فشلت بسبب معارضة المليشيات المسلحة التي تمتلك نفوذاً يفوق سلطة الدولة في جرف الصخر".
ويعيش سكان البلدة، البالغ عددهم نحو 180 ألف نسمة، في مخيمات ومعسكرات بمناطق مختلفة من غرب وجنوبي بغداد، فضلاً عن إقليم كردستان العراق ويعانون من أوضاع سيئة، خاصة بعد تراجع الدعم والمساعدات المقدمة من الأمم المتحدة ووزارة الهجرة خلال الأشهر التي أعقبت اتساع الإصابات بجائحة كورونا في العراق.
ودخل تنظيم "داعش" الإرهابي إلى جرف الصخر في منتصف عام 2014، قبل أن تتم السيطرة عليها من قبل فصائل مسلحة، أبرزها مليشيات "كتائب حزب الله" العراقية التي لم تسمح لسكانها بالعودة إلى مناطقهم، وحولت منازلهم إلى معسكرات ومخازن للأسلحة ومعتقلات.