تعلّم فنون الاعتذار

تعلّم فنون الاعتذار

03 ابريل 2019
+ الخط -
يظن كثيرون أن الاعتذار ضعف ودليل انكسار، فيما هو خلق اجتماعي جميل، فالاعتذار ليس كلمة مجاملة تقال في زحمة الحديث وتبرير الخطأ، خروجاً من ورطةٍ بسبب سلوك ما خطأ، بل يعني الاقتناع التام بأن هناك ما ينبغي تصحيحه، وهو ما أوجب الاعتذار. الاعتذار فن إنساني لا يتقنه جميع البشر، على الرغم من أنه لا يتطلب علماً أو ثقافةً كبيرين، بل شيئاً من أدب وتواضع، حياء ودين، كبح جماح نفس أمارة بالسوء. نوع الاعتذار لا بد أن يقترن بنوع الخطأ وحجمه. أن نخطئ فنعتذر، لا يعني أننا أشخاصٌ سيئون، بل الكبار هم من يعتذرون، وإن كان الاعتراف بالخطأ فضيلة، فإن الاعتذار عن الخطأ أيضاً فضيلةٌ أسمى. وإن كنت حقاً لا تريد الاعتذار مطلقاً، فلك ذلك بشرط أن لا تخطئ أبداً. ولما كان الإنسان خطَّاءً بطبعه، فعليه تعلم فنون الاعتذار وأساليبه، فلقد علّم الله تعالى آدم وحبيبته حواء فنونه، وحينما شعرا بالخطأ بحق الله بقرآن يُتلى ليوم الدين "فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) البقرة"، فاعتذرا عن ذلك.
وموسى عليه السلام اعتذر حينما وكز الرجل بعصاه، والأنبياء اعتذروا أيضاً، فمن الواضح أن الكبار هم من يعتذرون، فبلقيس اعتذرت وامرأة العزيز كذلك، فلم الكبر إذاً؟
من يرفض الاعتذار صاحب نفس مريضة، وذات وضيعة، فلا تجعل الكبر لك عنواناً، وكن صاحب شيم عريضة ونفس فريدة للخير مطيعة، فهناك العديد من الأسباب المنطقية للاعتذار، فلا تجعله عادة، فإنه قد يصبح معدياً وعادة أكثر من كونه مؤثراً.
والحقيقة أن الدراسات أثبتت أن النساء يَمِلن إلى الاعتذار أكثر من الرجال، وخصوصا أنهن يواجهن بشكل غير واعٍ ضغوطاً اجتماعية تجبرهن على ذلك، بأن على المرأة أن تكون لطيفة ومهذبة، وهي كذلك، بل كتلة من العاطفة والمشاعر، ولا أرى في ذلك عيباً، بل ميزةً وسمة جميلة. فلنخرج من عباءة الخوف من الاعتذار، فالحقيقة أن هناك الكثير مما يستوجب علينا الاعتذار، القادة والحكام لشعوبهم والآباء للأبناء والرجال للنساء.
A527DFAC-B45D-45A0-A0AC-B6906AF87D7F
A527DFAC-B45D-45A0-A0AC-B6906AF87D7F
مؤمن عبد الواحد (فلسطين)
مؤمن عبد الواحد (فلسطين)