لمن نبدع؟

لمن نبدع؟

14 يوليو 2018
+ الخط -
أحيانا نستغرق في إبداعاتنا، غير آبهين بمن سيتلقاها، مستواه التحصيلي، مستواه التفكيري، ومستواه في تذوق الإبداع وتلقيه.
تساؤلنا حول أهمية ما نبدع وما نكتب مشروع، الغاية منه إيجاد التواصل والتفاعل بيننا وبين جمهورنا من جهة، ومن جهة جعل ما نبدعه في مختلف المجالات، ذو فائدة تجعلنا نستمر ونبحث، والغاية واضحة في الأفق والتواصل فعال مثمر، إذ نعتقد جازمين أن عدم التفكير في جدوى ما نبدعه، سيجعلنا نبدع ما لا ينفع، بل ما نضيّع به أوقاتنا التي هي أغلى من الذهب.
لا ندري كيف نتصوّر فناناً قابعاً في شرفةٍ يفكر ويلون ويبحث عقودا، وهو يعرف أنّه لا وجود للذين سيشاركونه أفكاره ومشاعره، ولا ندري كيف نتصوّر كاتبا قضى عقدا من عمره في رواية ترصد مختلف جوانب مجتمع معين، وإذا بنسخ روايته لا يتجاوز خطوها أميالا قليلة جدا، حين لا يتمكّن من بيع ولو ربع النسخ منها!
وقد يقول قائل إن الإبداعات التي لها مستوى معين هي التي لن تكسد سوقها، فلها جمهورها المنتظر في كل وقت وحين، ومن يكون هذا الجمهور؟ إنه لا يتجاوز مجموعة من المثقفين والكتاب والنقاد، وهم نخبةٌ لا تتجاوز أصابع اليد. وهنا يطرح السؤال الآخر بشأن جدوى أن يكتب الكاتب للكاتب، وأن يرسم الرسام مستهدفا إخوانه الرسامين، في الوقت الذي ننتظر من المبدعين إيصال أفكار تفسيرية وتغييرية إلى مجموعات كبيرة من الناس الذين تعجّ بهم المجتمعات، فبتثقيفهم وتهذيب أذواقهم، يمكن أن نساهم في تغيير المجتمع، وتغيير المجتمع أنبل وأجل عمل يقوم به الإبداع منذ قرون.
وقد يقول قائل إن منجزات إبداعية كثيرة لا تقدم خيرا ولا تمنع شرا، لا تغني الفقير، ولا تعلم الغني واجباته إزاء غيره، ليبقى العبيد عبيدا، والأسياد أسيادا، ويبقى الأغنياء أغنياءً، بلا محاسبة ولا تساؤل.
كان الإبداع والفكر الإغريقي خير معينٍ على التغيرات التي شهدها العالم بأسره، وما تزال الفلسفة والفنون التي أنجزت، هناك موضع الدراسات في الشرق والغرب، ولا زال التشكيل والأدب يمتح من تلك الثقافة العريقة.
ومعظم إبداعاتنا حتى الآن تحتضنه الرفوف، إبداعات في التشكيل في السرد والشعر... تنتظر تحت نسيج العنكبوت، وتتساءل عن جدواها وآفاقها والمراد منها، ولن تجد الجواب، لأن الكل غافل عما يكتب، وعما ينشر.. وفيما يكتب وينشر كثير من الأجوبة الشافية للتساؤلات، لكن من سيقرأها، ولو منحت له بالمجان؟
لحسن ملواني
لحسن ملواني
لحسن ملواني
كاتب مغربي. يعبّر عن نفسه بالقول "الإبداع حياة".
لحسن ملواني