حماس والعلاقات الدولية

حماس والعلاقات الدولية

31 ديسمبر 2018
+ الخط -
مثل مشهد سقوط مشروع القرار الأميركي في الجمعية العامة للأمم المتحدة لإدانة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) شاهدا عمليا مهمًا لأهمية العلاقات الخارجية، وإن كانت نتيجة التصويت مقلقة، وتمثل تراجعا خطيرا، الأمر الذي يوجب على حماس إعادة ترتيب أوراق مؤسساتها الرسمية وغير الرسمية، لجهة كسب مزيد من الدول والشعوب عبر الدبلوماسية، بخطين متوازيين، الرسمي والشعبي الأهلي، خصوصا أن للشعب الفلسطيني حضورا عاطفيا لافتا في مناطق مهمة في العالم فيها، مثل أميركا الجنوبية التي أهملتها دبلوماسية "حماس" طويلا، فضلا عن الاهتمام بشكل أكبر في دول الوجود الفلسطيني في الشتات، باعتبارهم سفراء، في ظل تنصل السفارات والقناصل الفلسطينية من دورها تجاه القضية، عبر تحولها إلى مراكز تجارية لعقد الصفقات، أو إلى مراكز للمقاولات الأمنية لصالح أجهزة الاستخبارات الكبرى حول العالم.
قد يتفاخر بعضهم بأن لحركة حماس شبكة علاقات كبيرة، شعبية وغير رسمية، ترتبط
بمنظومات العمل غير الرسمي والجماهيري، سواء على الصعيدين، العربي والإسلامي، أو على مستوى العلاقات غير الرسمية مع المؤسسات الدولية، الأمر الذي عبر عن نفسه في أشكال متعددة، كتسيير سفن فك الحصار وقوافل الإغاثة، والتظاهرات التي تنظمها المؤسسات المدنية والحزبية الدولية لمناصرة الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة.

وعند الحديث عن التصويت على القرارات في الأمم المتحدة كأكبر محفل دولي تحاول الصهيونية العالمية توجيهه لخدمة لمصالحها، فإن الموازين تختلف، وحجم التعاطف والتأييد يجب أن يعبر عن نفسه على شكل أصوات غاية في التأثير سواء في الجمعية العامة للأمم المتحدة أو في مجلس الأمن.
ليس العالم كتله واحدة، يمكن تصنيفها باتجاه معين، أو التعامل معها بلون واحد، بل هو طيف واسع من التنوع والاختلاف، في الوسع مخاطبة برلمانييه وسياسييه وحكوماته بخطابات مختلفة سياسيا وقانونيا واجتماعيا وقيميا، بهدف شرح القضية، بما يضمن أصواتهم في المحافل الدولية.
التقدم الهائل في وسائل الاتصال والتواصل أبطلت عمليا أثار أي حصار للصوت أو الفكرة، كما الخبر والصورة، لذا لا يجب أن تخضع "حماس" لسقف المقاطعة والحصار المفروض عليها في غزة، أو للشروط التي تستهدف دفعها نحو الانكفاء والتراجع، فلحركة حماس دوائر رسمية وأهلية، قادرة بمزيد من الجهود على المحافظة على علاقات دولية متوازنة، حتى بين أطراف متناقضة، والنأي بنفسها عن سياسة المحاور والاستقطاب الإقليمي والدولي.

ليست علاقة حركة حماس مع روسيا تطوراً جديداً، فما زالت قاصرة على دعوات توجهها لقيادتها من دون أن تنتهي هذه اللقاءات إلى أية ثمار ذات وزن، ولذا يجب العمل على تبني منظومة من العلاقات الخارجية، فضلا عن العمل على إحداث اختراق على جبهات عدة، فيما يخص بعض الدول الأجنبية، من خلال تشكيل لجان قانونية دولية من كفاءات متنوعة لاستثمار كل الثغرات في القانون الدولي، بما يخدم قضايا الشعب الفلسطيني وحقوقه الإنسانية والقانونية العادلة، وبذل مساع منظمة لتطبيق مقررات الامم المتحدة ومجلس الأمن، كخطوات أولية على طريق الحرية والتحرير.
بناء منظومة علاقات دولية بحاجة إلى إسناد إعلامي من قنوات تبث عبر كل مواقع التواصل الاجتماعي، وتناغم البث الفضائي بلغات أوروبا الحية، لمخاطبة الانسان الغربي والشرقي المغيب عن تفاصيل القضية الفلسطينية ومأساتها بهدف إعادة تشكيل رأي عام شعبي ضاغط. على ألا تقتصر هذه المنظومة على "حماس"، بل يجب أن تضم تنوعا واسعا من الطيف الفلسطيني، ما يوفر له فرص أفضل لإدارة العلاقات الدولية الفلسطينية، وتشبيكها على قاعدة الشراكة، عسى أن نتذوق ثمار النجاح يوماً.
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
عماد عفانة (فلسطين)
عماد عفانة (فلسطين)