الغراب حمامة سلام

الغراب حمامة سلام

27 سبتمبر 2017
+ الخط -
ليس بشار الأسد مجرماً ولم يقتل أحداً، وأساس الصراع هو على النفط وكلّ اللاجئين السوريين هاربون من بطش "داعش" لا الأسد.
هذا ما توصلت إليه معلمة اللغة الألمانية في دورة الاندماج الإلزامية للاجئين في ألمانيا، والتي أشارك فيها، فخلال عام ونصف العام من تدريسها لي، واستمرار الحوار بيني وبينها عن هذا الموضوع ما زالت مصرّة على موقفها. ومع تعلّمي كلّ معاني الكلمات باللغة الألمانية التي تصف جرائم الحرب والمجازر الجماعية والإبادة بالكيماوي، لكي أقنعها بأنّ هذا الشخص مجرم، وأنني موجود في ألمانيا بسببه، ولكن لم تقتنع، مع التنويه إلى أنّها من مؤيدي حزب أنجيلا ميركل المعتدل، وليست ذات توجهات يمينية نازية.
استشهد عشرات الصحفيين السوريين لينقلوا وقائع حرب وحقيقة نظام ذبح من شعبه كثيرين، وما زالت نسبة جيدة من الألمان والطبقة المثقفة في المجتمع الأوروبي عموماً تصف بشار الأسد بأنه محاربٌ للإرهاب، وما يعلق في الأذهان إرهاب "داعش"، لا الأسد.
يأتي الخطر الذي يراه المجتمع الغربي من الإسلاميين، وهذا هو التفكير السائد هنا، وهذا ما حاولت المعلمة التركيز عليه طوال الفترة الماضية، فجبهة النصرة وداعش هما الخطر الأكبر الذي يجب القضاء عليه كيفما كان، وبأي شكل كان، والتدخل الروسي هو لمكافحة التطرف في المنطقة.
وإذا عدنا إلى ما قبل الربيع العربي، والتقارير المستمرة للمنظمات الغربية عن الأوضاع المخزية لحقوق الإنسان في العالم العربي عموماً، وفي سورية خصوصا، كان أغلب السوريين يظن أنّ هذه التقارير ستجعل القوى الغربية تضغط على النظام بشكل مبكر لإنقاذ الشعب السوري، فكانت هذه التقارير، إضافة إلى القمع السياسي والفساد، بمثابة دافع له للمطالبة بحقوقه السليبة، لكن ما حدث هو العكس، فالحراك السلمي استمر فترة طويلة، إلى أن توغلت قوى متطرفة في الثورة، واستطاعت تطويقها والسيطرة عليها، ثم بدأت بقتال بعضها بشكل همجي، ما ساهم بإيصال فكرة للعالم عن مدى سوء سلوك هذه التنظيمات والفوضى التي ستترتب على المنطقة، في حالة سيطرتها على الأرض، حيث كانت أكبر خدمة لرأس النظام السوري في إظهاره كالسد المنيع في مواجهة الإرهاب والتطرّف، وإن كان مطلّعون كثيرون على واقع الحركات الإسلامية يؤكدون تواطؤ النظام مع الإسلاميين، من خلال إطلاق سراح أعداد كبيرة منهم من سجونه في بداية الأحداث، ومحاولة تجنب استهداف معاقلهم في مواقف كثيرة، لتقويتهم على حساب المعارضة المعتدلة.
التوجه الشعبي نحو التعاطف مع بشار الأسد، حتى من عرب ومسلمين كثيرين، كما نرى في الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي، وعلى المستوى الفني أيضا من ذهاب الفنانين العرب للتضامن مع النظام تحت ستار التعاطف مع سورية. كل هذا يبرّر الشعور بالإحباط لدى المعارضة الشعبية السورية، والذي بدا أكبر من أي وقت مضى، فالخسارات الجمّة التي منيت بها، وتنكر القريب والبعيد لثورة شعب قدّم كثيرا من دمه وخيرة شبابه، وانتهاك حقوق اللاجئين السوريين في دول الجوار لم تعد تسندها خطابات المواساة والتضامن، ولن تمحوها أصوات الدعم المعنوي من بعض المسؤولين هنا وهناك ، فبشار الأسد هو بطل محاربة الإرهاب، بالنسبة للمجتمع الدولي، ونظامه هو صمام أمان للمنطقة، حتى لو أباد شعبه وصهره في بوتقة الموت.
74BEDD2D-C607-4734-96F4-15A4F5B2A958
74BEDD2D-C607-4734-96F4-15A4F5B2A958
ظهير الصياصنة (سورية)
ظهير الصياصنة (سورية)