صحة وعافية

صحة وعافية

21 يونيو 2017

إيما مورانو.. إيطالية عاشت 117 عاما (1899-2017)

+ الخط -
توفيت، أخيراً، المعمّرة الإيطالية إيما مورانو عن عمر يناهز 117 عاماً. وكانت، قبل وفاتها بسنوات، تواظب على التهام ثلاث بيضات يومياً، اثنتان منها نيئتان، وبذلك بلغ مجموع ما التهمته في حياتها قرابة المائة ألف بيضة. وكانت قد بدأت هذا النظام الغذائي الغريب، وهي في سن العشرين عاما، حيث أصيبت بفقر الدم، وحذّرها الأطباء وقتها من النتائج السلبيّة له، لكنها أصرّت على اتّباعه. وفي عام 2014، توجّه فريق طبي من جامعة هارفارد إلى بيتها لدراسة حالتها الغريبة، في حين أننا نقرأ باستمرار أن على أصحاب الأمراض المزمنة، خصوصا بعد تجاوز سن الأربعين ألا يتعدّى تناوله بيضتين أو ثلاث أسبوعياً، ما يجعلنا نقع في حيرةٍ حول سرّ الصّحة والعمر الطويل، والذي تخرج لنا حوله كلّ يوم دراسة غير معلومة المصدر، ولكن ما يجذبنا إليها أنها دائماً تكون ملحقة باسم بلدٍ، له وزنه من حيث اشتهاره بالعلماء والبحّاثة فيه، مثل بريطانيا وألمانيا وإسبانيا.
وعلى النقيض تماماً من نظام العمّة إيما التي كان من المعتقد أنها آخر الأحياء في العالم من القرن التاسع عشر، فقد تربّعت سيدة جديدة على عرش المعمّرين في العالم، وهي العمة من جامايكا، على قيد الحياة، ومن مواليد 1900، أفادت بأنّ سرّ عمرها الطويل هو جيناتها الوراثية، حيث تنحدر من عائلة معمّرة، ولكنها تفاجئنا بأنها لا تتّبع نظاماً غذائياً معيناً لتتمتع بصحة جيدة طوال هذه السنين، فهي تأكل كل شيء، ولا تستثني صنفاً أسال لعابها.
كنت قبل هذين الخبرين من الحريصين على تتبع النصائح الطبية التي أقرأها هنا وهناك. وكلما قرأت عن صنفٍ يرفع مناعة الجسم من الأمراض، أسارع لاستخدامه، حتى تظهر دراسة تحذّر منه أو من استخدامه المتواصل فأتخلّى عنه. وقاربت أن أصبح من هؤلاء الذين لديهم هوس بصحتهم، لا لشيء إلا لخوفهم من المرض، وما يتبعه من الضعف والحاجة لمساعدة الآخرين، ولم أنحَ منحى الفلاسفة الذين ربطوا بين العقل والتغذية، أمثال نيتشه، والذي أعتقد أن مصير الإنسانية يتوقف على نظام تغذيتها، وإن كنت قد اتّبعت تحذير الإمام علي بن أبي طالب بألا نجعل بطوننا مقبرةً للحيوانات، فأصبحت نباتية بامتياز، حتى حدث ما حدث، فقد دأبت جارة لنا على عدم استخدام حبّات البطاطس مخضرّة الجوانب، بعد أن سمعت، ذات يوم من خلال الراديو العتيق لديها، أنها المسبب الأول للسرطان. وظلّت تحذّر الجميع من استخدامها، وطفحت قمامتها بهذه الحبات، والتي كانت ترميها، على الرغم من فقر هذه الجارة، فخوفها على صحتها كان الأهم لديها، ولكنها أصيبت فجأة بسرطان الكبد الذي لم يمهلها سوى شهور قليلة.
بعد اكتشافي تضارب الدراسات العلمية، وبأن لا شيء يضمن للإنسان الصحة مدى الحياة، وبعد أن لمست بنفسي مآل جارتي الراحلة، اتخذت قراراً بأن أتناول كل شيءٍ تهفو إليه نفسي، عملاً بالمثل أن المرء لا يعيش سوى مرة واحدة، وقد استهوتني إغراءات جارتي التي تداوم على تناول وجبةٍ سخيةٍ من شرائح الباذنجان المقلي، والمتبّلة بالليمون والثوم والفلفل الحار، وتكون هذه الوجبة في بداية نهارها. ولذلك، حذوت حذوها في أحد الأيام، واستبعدت وجبة إفطاري الصباحية التي لا تزيد عن شطيرةٍ من الجبن المنزوع الدسم وفنجان من الشاي، والنتيجة أن محاولتي مجاراة جارتي التي قالت لي، فيما بعد، إنها تعيش "بالبركة"، أدخلتني المستشفى يومها، وحين جاءت لزيارتي باحت لي بسرّ، بأن الإهمال أحيانا قد يؤدي إلى صحة جيدة، وبأنها تتبع مبدأ "ارموهم تجدونهم" مع أطفالها، فلا تتعامل في فصل الشتاء مع الجوارب الثقيلة والكنزات والقفازات بتاتاً. ولم تصل إلى عيادة طبيبٍ، على الرغم من ذلك. ويبدو أن جارتي توصّلت، ببساطة تعليمها، إلى ما توصّل له العلماء الألمان بعد دراساتٍ وأبحاثٍ، شملت المعمرة مورانو حول ما تعرف بـ "مناعة المرض"!
avata
سما حسن
كاتبة وصحفية فلسطينية مقيمة في غزة، أصدرت ثلاث مجموعات قصصية، ترجمت قصص لها إلى عدة لغات.