العودة أمّ الاختراع

العودة أمّ الاختراع

26 ابريل 2017
+ الخط -
تحيل مفردة العودة في العنوان أعلاه إلى حق العودة الفلسطيني، وإلى العودة إلى التاريخ.
في ما يخصّ العودة إلى التاريخ، يشتمل عام 2017 الحالي على مناسباتٍ لاستذكار أحداث عديدة، مرتبطة بالقضية الفلسطينية، تطوي خلالها يوبيلاتٍ متعدّدة، بدءًا بأول مؤتمر صهيوني (1897)، وليس انتهاءً بانتفاضة الحجارة الفلسطينية (1987)، مرورًا بإعلان بلفور (1917)، وخطة لجنة بيل (1937)، وقرار تقسيم فلسطين (1947)، وحرب يونيو/حزيران 1967.
وفي شهر صدور قرار تقسيم فلسطين (نوفمبر/تشرين الثاني)، لكن بعد 40 عامًا، اجترحت المقاومة الفلسطينية ما تُعرف باسم "عملية الطائرات الشراعية" في ليلة 25/11/1987. عادت تلك العملية إلى احتلال عناوين الصحف في دولة الاحتلال الآن على خلفية نبأ مقتل قائدها عبد الرحمن أحمد عتيق يوم السبت الفائت "في ظروف غامضة". ووفقًا لصحيفة معاريف (25/4/2017)، التي نشرت النبأ، ارتبط مقتله بهجوم شنّه سلاح الجو الإسرائيلي في القنيطرة السورية، كما أفادت وسائل إعلام عربية.
ومما كتبته الصحيفة الإسرائيلية: "وقعت عملية الطائرات الشراعية بالقرب من معسكر غيبور المحاذي لكريات شمونه (الخالصة). وقُتل فيها ستة جنود إسرائيليين، وأصيب عشرة جنود آخرين بجروح. وقد يمّم مقاتلان شطر الأراضي الإسرائيلية بطائرات شراعية، ولقي أحدهما مصرعه في الأراضي اللبنانية، في حين نجح الثاني في اختراق الأراضي الإسرائيلية وهبط شرقي كريات شمونه، وفتح نيرانه باتجاه المعسكر الإسرائيلي المذكور، قبل أن يُطلق أحد الجنود النيران نحوه فيرديه قتيلًا".
للعلم، هذا المقاتل هو خالد أكر، الشاب العربي السوري الحلبي. وذكرت تقارير صحافية متطابقة، في حينه، أنه خلال تنفيذ العملية كان يصرخ "فلسطين عربية، الموت لكم أيها الأوغاد".
وقبل ثلاثة أعوام، عادت هذه العملية إلى صدارة العناوين الصحافية، بالتزامن مع نشر نبأ مقتل محمود أكر، شقيق خالد، تحت التعذيب في فرع المخابرات الجوية في دمشق، بعد أن كان مُعتقلًا فيه عاماً. وبحسب مصدرٍ مقرّب من عائلته، فإن نجل محمود مقاتل في الجيش السوريّ الحر في حلب، وهذا على الأرجح سبب اعتقال الأب.
أُطلق اسم قبية على "عملية الطائرات الشراعية"، تيُمنًا باسم القرية الفلسطينية في الضفة الغربية التي تعرّضت في الليلة بين 14 و15 تشرين الأول/أكتوبر 1953 إلى مذبحةٍ مروّعةٍ نفذتها الوحدة 101 بقيادة الميجور أرئيل شارون وكتيبة المظليين رقم 890 في الجيش الإسرائيلي. ونصّ الأمر العسكري الإسرائيلي بصددها على "تنفيذ هدم وإلحاق ضربات قصوى في الأرواح بهدف تهريب سكان القرية من بيوتهم". وكتبت مصادر إسرائيلية في توصيف هذه المذبحة ما يلي: "أخذت عناصر الوحدة والكتيبة تتنقل من بيت إلى آخر، في عمليةٍ حربية ضمن منطقة مأهولة يتخللها قذف قنابل عبر الثغرات المُتاحة، وإطلاق النار عشوائيًا عبر الأبواب والنوافذ المفتوحة. والسكان القلائل الذين حاولوا الفرار أطلقت عليهم النيران في الأزقة. بعد ذلك فجّـر المظليون نحو 45 من بيوت القرية... وادّعى شارون، في مذكّراته، أن جنوده تفحصوا البيوت قبل تفجيرها، كي يتأكدوا من عدم وجود مدنيين يختبئون فيها. لكن، فور ذيوع النبأ عن عدد الضحايا من أهل القرية، ادّعى ناطقون إسرائيليون، بصورة غير رسمية، أن العدد الكبير للقتلى ناجم عن اختباء عديد من السكان في البيوت، ولقي هؤلاء مصرعهم، عندما تمّ تفجير البيوت على من فيها. وادّعوا كذلك أن الجنود لم يعرفوا بوجود مختبئين، واعتقدوا أن البيوت خالية!" (نقلًا عن كتاب "تصحيح خطأ" لبيني موريس، الذي ترجمتُه إلى العربية، وصدر عام 2003).
أمّا حضور حق العودة الفلسطيني في السياق المتحدّث عنه هنا، فيتعلّق بعنوانٍ ظهر في صحيفة فلسطينية، ووسم تلك العملية بثلاث كلمات: "العودة أمّ الاختراع". وجاء بعد خمسة أعوام من الاجتياح الإسرائيلي للبنان (1982) الذي فور انتهائه خاطب رئيس الحكومة في حينه، مناحيم بيغن، سكان المستوطنات الإسرائيلية شمالي فلسطين قائلًا: "الآن، آن الأوان كي تنعموا بالهدوء والأمن والاستقرار إلى الأبد"!.