الإسلام والإنسانية

الإسلام والإنسانية

26 فبراير 2017
+ الخط -
كثيراً ما نسمع من الناس، دعونا نترك الدين جانبا ونكون إنسانيين مع بعضنا، ونعزل الدين عن حياتنا، ونبقي الدين في بيوتنا معزولاً مقيّداً لا يجبُ استعمالهُ في معاملاتنا مع الناس.
كانت هذه المطالبات من غير المسلمين، ولكن في الآونة الأخيرة صارت تُسمع من المسلمين أنفسهم أو من يمكن تسميتهم متأسلمين، فمن يطالبُ بعزلِ الإسلام عن المعاملات وعن الحياة وتركهِ مهجوراً في زوايا بعيدة عن الإنسان واستبدالهُ بالإنسانية هو قطعاً لا يعرفُ ما هو الإسلام الحقيقي، ولا يعرفُ أن شرائع الإسلام هي أعظم من شرائع الإنسانية وأن الإسلام أكثر إنسانية من الإنسانية نفسها، لأن الإسلام هو أول من طبق وأوجد الإنسانية وشرع قوانينها وكرم الإنسان ورفع قيمتهُ وكرامتهُ.
إنسانيتك وحدها مع الآخرين لا تنجيك ولا تضمنُ لك دخول الجنة، وإنسانيتك وحدها ليست رحيمةٌ كفاية لكي تسعدك في الدنيا والآخرة فهي لا تكتمل إلا بالإسلام.
الإنسانية تنفعك في الدنيا فقط، لأن مصطلح الإنسانية ليس كاملاً، والإسلام هو من يكمل الإنسانية، أي أنّ الإسلام يحقق شروط الإنسانية، لكن العكس غير صحيح.
الإسلام الصحيح يحث المسلم الحقيقي على أن يكون في قمة الإنسانية، عند تعامله حتى مع غير المسلمين، يحفظ لهم حقوقهم ويحترم جوارهم ويحسن إليهم.
أن تكون إنسانيا يمكن أن ينقطع ذلك بغضبك. لكن، أن تكون إسلاميا فذلك لن يحدث، وستبقى تتعامل بأخلاق إسلامية عالية، ولا ترضى الذل والهوان، لا للمسلمين ولا لغيرهم، فالمسلم يأبى غير الكرامة والعزة له ولغيره ممن هم في جواره، والحال نفسه في كلّ المجتمع الإسلامي الرفيع، حيث يعيش الناس آمنين على أنفسهم، آمنين على بيوتهم، آمنين على عوراتهم وأسرارهم.
أيها المسلمون، كونوا مسلمين حقيقيين، لا تميلوا حسب الأهواء لترضوا الناس، وتتهاونوا في إرضاء رب الناس، فمن طبق الإسلام بحدوده الصحيحة، فإنه سوف يطبق الإنسانية الحقيقية، وبها يرضي الله والناس جميعاً.
وأقصد بالحدود الصحيحة ليست التي شوهها من غايتهُ هدم الإسلام وجعله يبدو للناس أنه ضد الإنسانية، وأنه دين عدوانية فقط. وَمَن أخطرُ مِنهمُ أولئك الذين يَحسِبون أنفسهم على الإسلام، والإسلام منهم براء لأنهم يُنَفِرون المسلمين قبل غيرهم من الإسلام، لكن أقصد الحدود الإسلامية الثابتة التي أمرنا الله ورسوله بالتزامها وإتباعها، فالإسلام أصل الإنسانية، وما أنزَله الله تعالى إلا ليحفظ للإنسان إنسانيتهُ وكرامتهُ، ولكي يضمن له سعادة الدنيا والآخرة.
كونوا مسلمين حقيقيين، قدوتكم رسول الله في التعامل مع كل الناس، لكي تصلوا إلى أعظم إنسانية حقيقية، صادقة من دون رتوش، تختلف عن التي استعملها بعضهم أخيرا، وشوّه على الإسلام إنسانيتهُ، وطبّقه على غير حقيقته، لتتناسب مع غاياته الدنيئة.
ولأن الإسلام أعظم وأرحم من الإنسانية، فإن أردت أن تكون إنسانيا صادقا فلا سبيل أفضل لك من الإسلام الحقيقي.
2EB8B5AD-A1E6-42CE-8B6C-5ABF4AB5C930
2EB8B5AD-A1E6-42CE-8B6C-5ABF4AB5C930
محمد طالب (العراق)
محمد طالب (العراق)