العرب بين العلمانية والطائفية

العرب بين العلمانية والطائفية

24 فبراير 2017
+ الخط -
أغوص في بحار السياسة العكرة، محاولاً استكشاف ما يجري تحت السطح، أي تماماً أحاول أن أصطاد في الماء العكر، لكن بدون صنارة صيد وبخبرة بسيطة.
أرمي بجسدي بغية معرفة حقيقة السياسة، وما يدور في أعماقها وخلف كواليسها، وكيف تدور رحاها، فتدهس في كلّ دورة أرواح كم كبير من الشعوب التي حلّت عليهم لعنة السياسة وسخط السلطة.
لم أع بعد الطرق المناسبة للغوص في مياهها وأداء طقوسها بمهارة عالية، لكنّني بدأت أدرك تماماً أنّي على وشك فقدان عقلي، فكيف أقحم أفكاري الهزيلة بين بحيرات السياسة النتنة، وأجازف بالوقوف بين عواصفها وأعاصيرها؟
أنجو من ذلك كله، موقنا أنّ هناك مخطّطات أعدّها مسبقاً الغرب والماسونية التي اخترقت صفوفنا، وخلقت في أوساطنا كلّ هذه الصراعات والاختلافات الدينية والسياسية والطائفية والمذهبية، مخلّفة بلداناً سرطنتها خلايا تنفذُ أجندة خارجية بأيدي داخلية.
رسمت هذه المخططات بشكل محكم، وفُصّلت حسب المقاس المناسب لكل بلد، وبما يتناسب مع فطرة الشعب وسيكولوجيته، وبإتقانٍ عال لتستطيع إخضاعنا بشكل أو بأخر، بالتبعية لها أو الانصياع لأوامرها، فقد صرنا كالمخمورين، نترّنح من جهة لأخرى ونخرج من صراع وحروب إلى مشكلات وأوبئة أسوأ.
عندما طرحت العلمانية بديلاً ومساحة أوسع للحريات وتحديثاً جديدا للديمقراطية في الشعوب العربية، واجهت ذلك المشروع ورفضته الأطراف الواعية على الساحة الوطنية، فكانت طريقتهم الذكية في جعلنا نحبّذ هذا المشروع، ونلجأ إليه هي أن تحقن جماعات وأحزاب من الشعوب العربية بفيروسات متطرفة أو مذهبية وطائفية؛ لتكون شماعة وحجة واضحة للاستسلام وتفضيل العلمانية، فظهر على السطح تنظيم القاعدة وبعده داعش، وأيضا إيران التي وضعت بيضة التشيّع في كلّ قطر عربي، بتعاون مع عملاء لها في الداخل، بعد أن تمّت تربية ورعاية أنظمة خاصة غضّت طرفها عن هذه الجماعات الناشئة، إذ دُربت هذه الأنظمة على أن تجثو على بيضة التطرف والتمذهب.
عندما كشفت هذه الفيروسات، وانتشرت جراثيمها، دسّت الأنظمة السياسية رأسها في الرمل، وحمّلت غيرها تبعات تلك الجماعات.
بطبيعة الحال، المواطن العربي هو الأكثر تضرّراً، فهو يقع بين مطرقة الغرب المستعمر وسندان الأنظمة التابعة. وبصورة أخرى، يقع العربي بين أسنان فرامة حادة، إذ يدمر وطنه وتسلب حقوقه وتلهفه النار الطائفية، بل وتمزّقه شرّ تمزيق.
حتى أنّ العرب الآن أصبحوا لاجئين في معظم الدول الأرووبية، ليس لهم ذنب إلا أنّهم رفضوا الانصياع لمشاريع لم ترق لهم بتاتاً، فقالوا أن نبقى أحراراً أحبّ إلينا مما يدعوننا إليه، رافضين المساومة بتراب أوطانهم مقابل الذل والهوان.
21FED83A-CE8B-4769-AE42-E81311C1A2AE
21FED83A-CE8B-4769-AE42-E81311C1A2AE
رمزي مهدي الجديعي (اليمن)
رمزي مهدي الجديعي (اليمن)