لنعيش الخيال.. فلسطين بلا احتلال

لنعيش الخيال.. فلسطين بلا احتلال

30 نوفمبر 2017
+ الخط -
كثيرًا ما يجول في خاطرنا تساؤلٌ أقرب إلى الخيال، ماذا لو لم تكن فلسطين محتلّة؟، يقول الباحث الثقافي أمير داود في رده على السؤال في مقابلة صحفية: "الواقع الفلسطيني قبل الاحتلال شهد انفتاحًا لافتًا نظرًا لوجود المدن الفلسطينية الكبرى على الساحل، وبالتالي أخذت التجربة الفلسطينية شكلًا اجتماعيًا مشابهًا لتجارب عربية أخرى كبيروت والإسكندرية على سبيل المثال".
سياسيًا، يمتاز المجتمع الفلسطيني بتنوع أفكار أبنائه، وتعدّد معتقداتهم السياسية، هذا الأمر كان سيُوجد نوعا من الديمقراطية وحالة من الحكم بالمشاركة. وفي المقابل، لا يمكن إنكار الطبيعة القبليّة والعشائريّة الّتي تغلب على العرب بشكل عام، وهذا يعني أن المجتمع كان سينقسم إلى قرىً يحكم بها المختار، ويمثلها في مواطن صُنع القرار المختلفة. وبناءً على هذا الأمر، كنا سنرى برلمانًا نخبويًا عشائريًا مُتشكلًا لإدارة شؤون البلاد.
مجتمعيًا، لا يختلف المجتمع الفلسطيني عن غيره من المجتمعات العربية، فسِمَتهُ الانضباط والالتزام، لكنّ هذا الأمر لا يمنع وجود بعض الجماعات اليسارية والتقدمية. وبالنسبة للعادات والتقاليد فهي متشابهة بين بلدانٍ كثيرة في عديد من جوانب الحياة، كذلك لا يمكن إخفاء النظرة المنقوصة التي ينظر بها للمرأة، والمُنعكسة بشكل مباشر على الحالة الفلسطينية.
اقتصاديًا، تحظى فلسطين بطبيعة جغرافية أكسبتها أرضًا زراعية خصبة من الشمال إلى الجنوب، وتتنوع محاصيلها بتباين مناخها وتضاريسها؛ ويعدُّ وجود عدد من حقول الغاز الطبيعي فيها موردًا هامًا لرفد اقتصادها بالعملات الأجنبية، أيضًا لا يمكن تجاهل السياحة داعما أسياسيا للحالة المالية، وفي جانب الصناعة كان من المحتمل أن نرى منتجات تجول العالم تحمل اسمها، والسبب يرجع في ذلك لوجود المواد الخام بوفرة، وكذلك لكثرة العقول القادرة على استغلالها، وتواجد الأيدي العاملة المحلية والإقليمية.
سياحيًا، تتنوع مراكز السياحة في فلسطين، ويعود هذا الأمر لتعاقب فترات تاريخية مختلفة عليها، وتنوع المعالم الدينية والأثرية فيها؛ هذان الأمران إضافة لأخرى عديدة، كانوا سيجعلون منها مقصدًا لكم هائل من السياح من شتى أنحاء العالم، ولربّما كانت ستبرز من ضمن أكثر الدول جذبًا للسياح، ويمكن عدّ جغرافية فلسطين المميزة، عاملًا أخر من عوامل جذب السياحة، ففلسطين تتصل بريًا وبحريًا بعدد كبير من الدول، فلنتخيل معًا، كيف كان سيَقْدِم أهل لبنان ومصر وسورية والأردن بسيارتهم؛ لقضاء عطلة نهاية الأسبوع على ضفاف ينابيع طبريا، أو شاطئ بحر يافا.
ثقافيًّا، الحركة الثقافية الفلسطينية نشيطة بنشاط الحركة السياحية والدينية، وعلى مرّ التاريخ حظيت فلسطين بمركز ثقافي متقدم بين الدول، فالنسب القديمة والحديثة تُظهر تفوق المجتمع الفلسطيني على أقرانه العرب في جانب التعليم الرسمي، وكذلك تتعدد جهات الإنتاج المعرفي والفكري الذي يتسم بالضخامة، ويتربع المثقفون والصحافيون والكتاب الفلسطينيون على عرشِ أغلب المؤسسات العربية التي تعمل في مجالات العلوم الإنسانية المختلفة.
ختامًا، الحالة الفلسطينية العامّة قبل الاحتلال كانت مهيأة؛ لأن تظهر في صدارة الدول العربية على أصعدةٍ مختلفة، إضافةً إلى ذلك سيتضح لنا ماهية الدور الذي كان من الممكن أن تلعبه فلسطين في الإقليم، ولربّما كانت مركزًا ثقافيًا وإعلاميًا للشرق الأوسط أو حتى عاصمة للسياحة، أو مركزًا لجامعة الدول العربية، أو مقرًا لقمةٍ اقتصادية عالمية.
EC702C63-C3B3-4F35-AAA1-6E37713B3528
EC702C63-C3B3-4F35-AAA1-6E37713B3528
محمد أبو دون (فلسطين)
محمد أبو دون (فلسطين)